صندوق النقد الدولي قدم نحو 56 مليار دولار من التمويلات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى في 5 أعوام
سيرياستيبس :
أعلن صندوق النقد الدولي أن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان تجاوز التوقعات خلال عام 2025 مدفوعاً بالطلب المحلي القوي وارتفاع إنتاج النفط واستمرار تدفقات السياحة والتحويلات المالية، في وقت لا يزال فيه المشهد الاقتصادي العالمي يكتنفه الغموض وعدم اليقين.
جاء ذلك خلال الاجتماعات السنوية لعام 2025 لصندوق النقد والبنك الدوليين التي اختتمت أمس السبت في واشنطن، إذ عرض مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور أحدث التوقعات الاقتصادية للمنطقة.
وقال أزعور في تصريحات خلال مؤتمر صحافي لإطلاق التوقعات الاقتصادية للمنطقة، "ظل النمو مستقراً والتضخم معتدلاً أو متراجعاً في معظم مناطق العالم. ويُعزى جانب من قوة الاقتصاد العالمي إلى عوامل موقتة، مثل تسارع النشاط التجاري قبل تطبيق الزيادات الجمركية وضبط المخزونات وسلاسل الإمداد، إضافة إلى الاستثمارات الكبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة. ومع تلاشي هذه العوامل قد يتباطأ الطلب العالمي، مما قد يؤثر في منطقتنا عبر قنوات التجارة والتمويل والسلع الأساسية".
وأشار إلى أن النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان كان أقوى من المتوقع، موضحاً أن الصندوق يتوقع الآن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2 في المئة عام 2025، ارتفاعاً من 2.1 في المئة عام 2024، وهو معدل أعلى من تقديرات الصندوق السابقة الصادرة في أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضح أزعور أن الدول المصدرة للنفط استفادت من زيادة الإنتاج بعد تسريع وتيرة إنهاء خفض الإنتاج في إطار اتفاق "أوبك+"، بينما استفادت الدول المستوردة للنفط، إضافة إلى باكستان، من انخفاض أسعار الطاقة وارتفاع التحويلات المالية وازدهار قطاع السياحة، وهي عوامل دعمت الطلب المحلي وأسهمت في تسارع النمو.
3.7 في المئة من النمو في 2026
توقع الصندوق أن يواصل الزخم الاقتصادي الإقليمي ارتفاعه في الأعوام المقبلة، إذ ينتظر أن يصل نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان إلى 3.7 في المئة عام 2026، فيما من المتوقع أن يسجل النشاط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى نمواً قدره 4.5 في المئة خلال 2025، قبل أن يتراجع تدريجاً إلى نحو 4 في المئة على المدى المتوسط، مدفوعاً باستهلاك قوي، وتوسع في الائتمان، واستمرار صادرات الطاقة عند مستويات مستقرة.
لكن الصندوق أشار إلى تباين مسارات التضخم بين المناطق، إذ يتوقع أن يتراجع في معظم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، بينما يواصل الارتفاع في بعض دول آسيا الوسطى نتيجة الطلب القوي والضغوط السعرية المستوردة، على رغم تحسن أسعار الصرف وتراجع فروق عوائد السندات السيادية.
56 مليار دولار إجمال التمويلات للمنطقة
قال أزعور إن آفاق النمو في المنطقة ستظل إيجابية بدعم من الإصلاحات الاقتصادية المتواصلة والطلب المحلي المتماسك، لكنه حذر من أن الأخطار السلبية لا تزال قائمة.
وأضاف "الصدمات الأخيرة واستمرار حال عدم اليقين العالمي قد يضعفان الطلب ويؤديان إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي أو تشديد الأوضاع المالية، علاوة على أن استمرار التضخم ومخاوف الاستدامة المالية في الاقتصادات المتقدمة قد يرفع كلفة الاقتراض، خصوصاً في الدول ذات الحاجات التمويلية الكبيرة. ولا تزال منطقتنا معرضة للتوترات الجيوسياسية والأخطار المناخية التي يمكن أن تعرقل النشاط الاقتصادي".
ومع ذلك أشار أزعور إلى وجود عوامل إيجابية محتملة، قائلاً إن تحقيق تقدم أسرع في مسارات السلام والإصلاحات الاقتصادية قد يحقق نمواً أقوى وأكثر شمولاً في المنطقة.
وأوضح أن المرحلة الحالية تمثل فرصة محدودة أمام صناع القرار لاستغلال الاستقرار النسبي في الأوضاع الاقتصادية لإعادة بناء الهوامش المالية والاحتياطات الخارجية، بخاصة في البلدان التي تعاني ضعفاً في الموارد المالية أو احتياطات محدودة.
وصفة لضمان استمرار النمو وتعزيز المرونة
ودعا أزعور إلى ترجمة هذا الاستقرار إلى إجراءات ملموسة قائلاً "لضمان استمرار النمو وتعزيز المرونة على الدول أن تركز على ثلاث أولويات: أولاً، تعزيز الأطر المالية لضمان الاستدامة على المدى الطويل. ثانياً، ترسيخ صدقية السياسات النقدية لتثبيت توقعات التضخم. وثالثاً، تسريع الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصادات، وتمكين القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات المنتجة لفرص العمل".
وفي البلدان المتأثرة بالصراعات شدد أزعور على ضرورة إعطاء الأولوية للاستقرار الاقتصادي السريع وإعادة بناء المؤسسات وتأمين الدعم الخارجي اللازم لتمكين التعافي. وأشار إلى أن الازدهار المستدام في المنطقة سيعتمد على إصلاحات هيكلية أوسع نطاقاً، تشمل تعزيز الحوكمة، وتوسيع التكامل الإقليمي، وضمان مشاركة اقتصادية أكثر شمولاً. وهذه الأولويات، بحسب أزعور، ستوجه أجندات السياسات المحلية وتحدد ملامح التعاون المستقبلي مع الشركاء الدوليين، وفي مقدمهم صندوق النقد الدولي.
وختم أزعور قائلاً "أود أن أؤكد مجدداً التزام صندوق النقد الدولي القوي تجاه المنطقتين. قدمنا منذ عام 2020 نحو 56 مليار دولار من التمويلات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، إلى جانب أكثر من 385 مشروعاً لتطوير القدرات في 31 دولة، بقيمة إجمالية بلغت 36.8 مليون دولار خلال عامي 2024 و2025".
اندبندنت عربية