خطة زراعة الشوندر السكري لا تبشر بالخير
06/12/2021



كثرت التبريرات وتعددت الأسباب..!

سيرياستيبس :

تساؤلات عدة يطرحها مجدداً موضوع زراعة محصول الشوندر السكري الذي تُعقد عليه الآمال، ولو جزئياً، للتخفيف من فاتورة الاستيراد باعتباره كان محصولاً استراتيجياً فيما مضى، ورغم الدعم المقدّم، وكافة الوعود، وتعديل سعر المحصول مرتين في هذا العام، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى 250 ليرة، ظهرت علامات التعثر على أرض الواقع، ولم يتمّ الانتهاء من زراعة الأراضي المخصّصة للمحصول رغم انتهاء العروة الخريفية، فمن المسؤول عن تأخر زراعة المحصول رغم تمديد فترة زراعته لمدة 15 يوماً وبشكل قد يهدّد سلامة ومردود هذا المحصول؟.

بسبب الطقس

المعلومات تفيد أنه تقرّر زراعة 4322 هكتاراً من الشوندر في سهل الغاب، وبالأمس القريب أجرت هيئة تطوير الغاب لقاء مع الفلاحين المتعاقدين على زراعة الشوندر بحضور عدد من مديري وزارة الزراعة، فهل كانت استجابة المزارعين جيدة، وهل تمّ تنفيذ الخطة المقررة لزراعة المحصول، وهل تكفي المساحة المحدّدة لتشغيل معمل سكر سلحب مجدداً؟.

المدير العام لهيئة إدارة وتطوير سهل الغاب المهندس أوفى وسوف اكتفى بالقول: إن السبب الرئيسي لتعثر الخطة هو الظروف المناخية، وانحباس الأمطار، وزيادة تكاليف الزراعة، والانقطاع لعدة سنوات عن زراعة المحصول، وعلى الرغم من ذلك أكد وسوف أنه يوجد إقبال على استجرار بذار الشوندر، حيث تجاوزت الكمية المباعة منها بتاريخ إعداد المقابلة 16,4 طناً، وتوقع أن يتضاعف الطلب على البذار بعد انحسار المنخفض.

وسبق أن صرحّ مدير الثروة النباتية في هيئة إدارة وتطوير سهل الغاب المهندس وفيق زروف أن المساحة المزروعة بمحصول الشوندر للعروة الخريفية مؤهلة للازدياد نظراً لاستمرار المزارعين بزراعة المحصول رغم انتهاء العروة الخريفية في عدد من قرى الغاب، مشيراً إلى استجرار نحو 24 طناً من البذار من أصل 47 طناً تمّ تخصيصها لمنطقة الغاب، وأن المساحات المزروعة ستزداد بعد أن تمّ توفير مادة المازوت المخصّص للقطاع الزراعي وبمعدل 8 ليترات للدونم للقيام بأعمال تحضير الأرض للزراعة.

تأخر البذار

مدير المصرف الزراعي في السقيلبية أيمن أبو صفرة بيّن أن بذار الشوندر وصل إلى المصرف منذ تاريخ 14 تشرين الأول (أي قبل موعد بدء زراعة الموسم بيوم واحد فقط)، إلا أنهم لم يباشروا ببيعه حتى تاريخ 24 تشرين الأول بعد صدور تسعيرة البذار (أي بعد مضي 15 يوماً على موعد بدء زراعة الموسم)، وأنه حتى تاريخه تمّ استجرار 8,6 أطنان من أصل 11 طناً من البذار الموجودة في مصرف السقيلبية، وقد جرى تقديم كافة التسهيلات للفلاحين لاستجرار البذار، سواء نقداً أو بالتقسيط، في إطار التوجيهات لدعم تنفيذ خطة زراعة الشوندر السكري.

الأمور مبشرة!

مصدر في وزارة الصناعة بدا متفائلاً، وأكد أن خطة زراعة الشوندر تجري بشكل جيد، وتتمّ متابعتها من قبل جميع الجهات وبشكل يومي ودقيق، حيث تمّ توزيع المازوت بالسعر المدعوم، وبيع البذور بالدين وجميعها من أفضل الأنواع المستوردة من الدول الأوروبية، وأنه تمّت زراعة نحو ألفي هكتار من الأراضي المقرر زراعتها، وبحسب المصدر مهما كان مردود هذا الموسم قليلاً من مادة السكر فهو على الأقل سيساهم بتأمين كمية جيدة من مادة “المولاس” التي تستخدم في صناعة الخميرة للأفران باعتبارها مادة أساسية يتمّ استيرادها بالقطع الأجنبي، إضافة لاستخدام التفل في صناعة الأعلاف. وقلّل المصدر من شأن مسألة التأخر في زراعة المحصول بعد انتهاء العروة الخريفية، مؤكداً أن نسبة الخطورة على زراعة المحصول قليلة وتتحقق فقط في حال تشكل الصقيع، مشيراً إلى أن الفلاح أيضاً يلعب دوراً في بطء تنفيذ الخطة. وشدّد المصدر على ضرورة تحلي الفلاح بالوعي والالتزام بزراعة هذا المحصول لأنه سيعود بالفائدة على الجميع، ومهما كانت أرباح المواسم الأخرى عالية فهي مهدّدة بالتحكم من قبل التّجار، كما حصل في انحفاض سعر كيلو الفستق من 4000 إلى 2000 ليرة نتيجة تحكم التّجار بالسعر دون أية ضوابط موضوعية. وتابع المصدر أن معمل سكر تل سلحب بحالة فنية جيدة، وهو مغلق منذ عدة سنوات لكن يتمّ تشغيله واختبار جاهزيته كل مدة على أمل عودة المحصول وإعادة إقلاع المعمل كما في السابق، ومن الممكن أن تظهر بعض الأعطال الميكانيكية في خطوط المعمل عند وضعه بالتشغيل العملي، لكن التغلب عليها سيكون ممكناً وفي غاية السهولة، كما أن حالة المستودعات جيدة رغم تعرّض بعضها للقذائف خلال الحرب، وقد تمّت صيانتها على أكمل وجه.

بحاجة للدعم

في دراسة تحليلية بعنوان “أثر الدعم الحكومي في إنتاج محصول الشوندر السكري في سورية” أعدّها مؤخراً الدكتور أحمد أديب أحمد أستاذ الاقتصاد بجامعة تشرين، ووضعها تحت تصرف جميع المهتمين، بيّن فيها أن سياسة الدعم لسعر المنتج النهائي للمحصول ستؤثر على كمية المحصول بشكل جوهري، مشيراً إلى أن سياسة الإقراض الزراعي تعدّ من العوامل المحفزة التي تؤثر على قرار الفلاح بإنتاج هذا المحصول الذي كان يعدّ من محاصيلنا الإستراتيجية بعد القمح والقطن، وأوضحت الدراسة أن انقطاع الدعم الحكومي ساهم بتراجع زراعة هذا المحصول حتى توقفها في العام 2017، وتوقف معامل السكر والاتجاه نحو الاستيراد بشكل أساسي لتأمين كامل الاحتياج من مادة السكر، وكانت النتيجة استنزاف كميات كبيرة من القطع الأجنبي إضافة لتهديد أمننا الغذائي، وخاصة في ظل ظروف الحصار، والعقوبات، وتداعيات الحرب.

وأوضحت الدراسة أن هناك آراء متعدّدة حول أسباب توقف إنتاج المحصول، حيث أرجعها البعض للحرب وتداعياتها وآثارها التي لحقت بكافة عمليات القطاع الزراعي، وقطاع التصنيع الزراعي، وخروج العديد من مناطق زراعته في دير الزور، وحلب، وإدلب عن سيطرة الدولة، والتي كانت تُقدّر بنحو 26 ألف هكتار، أما الآن فتقتصر زراعته على منطقة سهل الغاب فقط، ومع ذلك يبرز التساؤل حول سبب عدم ارتفاع مساحة الرقعة المزروعة مجدداً رغم عودة معظم تلك الأراضي إلى سيطرة الدولة؟ في حين رأى البعض الآخر أن سبب التوقف يعود لارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بسعر شرائه.

وقد بيّنت الدراسة أن سعر الشوندر في كثير من الأحيان لم يكن يغطي تكاليف الإنتاج حتى وإن تمّ رفع السعر، وهذا الأمر سبب إحجام الفلاح عن زراعته وتوجهه نحو زراعة محاصيل أخرى. ويرى صاحب الدراسة أنه من الضروري دراسة هذا المحصول بدقة لإعادة إحياء مبدأ الاكتفاء الذاتي الذي كانت تتمتّع به سورية قبل عام 2011، من خلال التوظيف الأمثل للدعم الحكومي، خاصة وأن الشوندر منتج زراعي وصناعي، ويحقّق قيمة مضافة كبيرة جداً، مطالباً برفع سقف القروض الزراعية لتشجيع الإنتاج وتوجيه الفلاح نحو تطوير عمله واستخدام المكننة الزراعية، والعمل على تبني التأمين الزراعي الذي لم يطبق في سورية حتى تاريخه كون المخاطر الزراعية وخاصة المناخية تعصف بصغار الفلاحين، وتؤدي لخروجهم من مضمار العملية الإنتاجية في حال التكرار، مع التأكيد على ضرورة إقامة دراسات جدوى اقتصادية حقيقية تعتمد على بيانات صحيحة لتحديد سياسة دعم هذا المحصول، والتركيز على التفكير الحكومي بالفلاح لا التاجر كأحد أهم القواعد الشعبية لإعادة بناء اقتصادنا.

بشار محي الدين المحمد



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=132&id=189828

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc