عمل الجمعيات الخيرية بين الثقة وعدم الثقة
سورية متفوقة بالتشريعات والقوانين نظرياً وعلى أرض الواقع الأمر مختلف



 

 
 

سيرياستيبس

هناء غانم

دعا الباحث والمستشار الاقتصادي د. فادي عياش إلى التركيز خلال محاضرة أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية أمس في المركز الثقافي بأبو رمانة إلى أهمية التنمية المحلية للمجتمع المحلي وتنمية مفهومها باعتباره يساهم في رفع مستوى المعيشة وتحسين الظروف المعيشية كلها، موضحاً أن دور التنمية المحليّة هو خلق بنية تحتية مرتكزة إلى المجتمع المحلي وشاملة، يمكن لها أن تتجاوب بأي طريقة لازمة لمواجهة التحديات وللاستفادة من الموارد المتاحة واستغلال كل العناصر الاقتصادية المرتبطة بالعملية التنموية في بعدها المادي ولخلق تغيير اجتماعي إيجابي سعياً لتحقيق تنمية متكاملة وشاملة تأخذ بالحسبان الحفاظ على الموارد الطبيعية القابلة للنضوب، وهو ما تبناه الباحث عياش الذي اعتبر أنه من الأنجح التوجه اليوم إلى التنمية المحلية لأنها في كل أشكالها لأنها تهدف إلى الارتقاء بتحسين مستوى المعيشة لافتاً إلى أن أي نشاط اليوم على أي مستوى لا يساهم في تحسين مستوى الرفاهية المعيشية لايندرج تحت اسم التنمية.

الباحث عياش أضاف إنه في سورية لدينا أسس وتشريعات وقوانين على مستوى مفهوم التنمية المحلية لكن التطبيق والوعي المجتمعي لمفهوم التنمية المحلية لا يزال بحاجة إلى عمل.. نحن ونتيجة التجارب السابقة نجد أننا مجتمع اتكالي يعتمد على الحكومة في كل شيء اليوم، هذا الكلام غير قابل للتطبيق وعلينا التوجه بمنحى آخر إلى الموارد الذاتية وتقدم الحكومة البنى التحتية والتشريعية والتنظيمية التي يجب أن يقابلها المجتمع بتأمين الموارد المحلية واسمها محلية لأنها متوفرة وهي ذات خصوصية مكانية لتحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي، وذلك من خلال زيادة المشاريع الاقتصادية المحلية أو توسيعها وزيادة مساهمة المجتمع المحلي في القضاء على الفقر والجهل والتخلف ويتم ذلك من خلال توفير فرص إضافة إلى عمل عن طريق المشاريع السابقة مما يخفض من معدلات البطالة ويرفع من القوة الشرائية للأفراد ومنه التقليل من ظاهرة الفقر.

وركز الباحث على ضرورة تحفيز المواطن للمشاركة في عملية التنمية وهذا يكون بتقديم الدعم المادي والمعنوي له وإشعاره بأنه عنصر مهم وفعال في مجتمعه وأنه بإمكانه تقديم الخدمات اللازمة للتنمية في شتى المجالات وخاصة إذا كانت تمس الاحتياجات والنقائص التي يعاني منها.

والأهم دعم الإدارة المحلية حتى تتمكن من التطور والخروج من دائرة الفقر، وهذا الدعم يكون بتقديم المساعدات للقيام بالمشاريع للقضاء على النقائص التي تعاني منها.

والاستفادة من اللامركزية التي تعني استقلالية السلطة والإدارة مما يساعدها على وضع المشاريع المناسبة لها باعتبارها أقرب من الدولة إلى المواطن وأعلم باحتياجاته والنقائص التي يعاني منها. بحيث تراعي الخصوصية، بمعنى آخر تكون أقدر على استثمار الموارد والمزايا النسبية المتوفرة. لتكون طبعاً في خدمة المجتمع المحلي والتكامل مع الأقاليم الأخرى لينتج عن ذالك تنمية شاملة متوازنة مؤكداً أن التنمية المحلية تحتاج إلى إدارة، لأنها تقوم على عاملين عامل المحلية بمفهومه الزماني، والمكاني والمجتمعي والعامل الآخر هو التفاعل ما بين مكونات المجتمع نفسه والمشاركة مع الحكومة، هذا العمل بالتأكيد يحتاج إلى إدارة، هذه الإدارة يجب أن تكون منبثقة من هذا المجتمع. وهذا هو مفهوم الإدارة المحلية. وسورية سباقة جداً في هذا المضمار كفكر وتشريع فقط وعلى أرض الواقع ما زلنا قاصرين بالتطبيق على المستوى المجتمعي لأننا حتى الآن لم تفهم هذه الآليات بطريقة صحيحة. لذلك النتائج لم تكن مرضية بشكل كاف. على الرغم من أن تجربة الإدارة المحلية في سورية بحد ذاتها جيدة، فاليوم وعلى مستوى البلدية أصبح لديها استقلال وعليها أن تؤمن وتدير مواردها بذاتها وتحويل المبادرات ليس إلى الإيرادات وإنما إلى توجيها إلى الاستثمار، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على ساكنيها. لذلك يجب تحفيز المبادرات. والبحث عن فرص استثمارية من المنطقة الموجودة فيها. مع تأكيد أهمية المساهمة المجتمعية بعيداً عن منظومة الجمعيات التي هي «منظمات غير ربحية» والتوجه إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإلى الشركات المساهمة بحيث تكون قادرة على تحقيق إيرادات تعود بالنفع على المواطنين.

وأضاف قائلا لا شك في أن تجربة القطر العربي السوري ما زالت في بداية الطريق، وأنها، كأي تجربة في العالم، لا بد أن تواجه في البداية مشاكل ومعوقات كثيرة. إلا أن المهم هو أن يصار إلى معالجتها تدريجياً في ضوء التطبيق والممارسة، وعلى هدي واقع كل بيئة ومنطقة تبعاً للظروف والأوضاع الخاصة بها.

تجربة الإدارة المحلية في سورية

وأضاف الباحث قائلاً تُعتبر آلية العمل في الجمعيات الخيرية في سورية مثارَ جدل واسع في الأوساط المحلية. فبين الثقة وعدم الثقة في الآلية التي يرأسها القائمون على هذه الجمعيات مسافةٌ ليست بالقليلة؛ لأن المسألة مرتبطة، بشكل أو بآخر، بالحكم الصادر عن المجتمع وأفراده، وهي بالتالي ليست مسألة نمطية جامدة يمكن التمحيص فيها من خلال الآلية التي يصفها المعنيون الأساسيون في عمل هذه الجمعيات، وإنما المسألة تكمن في القناعة المترسخة لدى المواطن عن مدى المساعدة التي تقدمها هذه الجمعيات إلى المجتمع، وعلى اختلاف الأهداف الخاصة والعامة، وكذلك الجهات الراعية والداعمة لمثل هذه الجمعيات، ولاسيما مع وجود نسبة من الفقر لا يُستهان بها، ومع رغبة الكثيرين من الأفراد في القيام بمساهمات فردية من دون الاستعانة بالجمعيات الخيرية.

التنمية المحلية

وعن التنمية المحلية أضاف: الدولة السورية تبنت مفهوم التنمية المحلية وتأطير قوى المجتمع وتفعيل مساهمة المجتمع الأهلي في التنمية وخصوصاً بعد انتهاج مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي وفسح المجال للقطاع الخاص للمساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية حيث يساهم هذا القطاع بقرابة 70 بالمئة من الناتج المحلي لسورية.

وعن التعددية الاقتصادية في سورية أوضح أنها تقوم على مجموعة من الركائز أولاها القطاع العام وهو صاحب الدور القيادي في عملية التنمية باعتبار أن تحقيق التنمية مسؤولية تقع على عاتق الدولة ويترتب على القطاع العام أن ينهض بمسؤولياته الأساسية القيادية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير حاجة الجماهير ومقتضيات الدفاع، وثانيتها القطاع الخاص باعتباره شريكاً أساسياً في عملية التنمية لأن بناء الوطن مهمة وطنية تقع على المواطنين كافة وتستوعب جهودهم وخبراتهم وإمكاناتهم جميع، وثالثتها القطاع المشترك وهو أسلوب للتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص في المجالات التي يكون فيها هذا التعاون هو الصيغة المناسبة أو الأنسب لتحقيق أهداف محددة أو ممارسة أنشطة في أكثر من مجال من مجالات التنمية، وآخرها القطاع التعاوني كشكل من أشكال مساهمة المجتمع الأهلي في عملية التنمية الشاملة.



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=192527

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc