مليون دولار هو أكبر مبلغ تشطبه الصين لدولة أفريقية هي زامبيا، تليها الكاميرون بـ 208 ملايين دولار، وغانا بـ 201 مليون دولار
إذاً، ما الفرق بين النموذجين؟
مليون دولار هو أكبر مبلغ تشطبه الصين لدولة أفريقية هي زامبيا، تليها الكاميرون بـ 208 ملايين دولار، وغانا بـ 201 مليون دولار
هناك
الكثير من النقد لمنهج وأسلوب عمل النادي. من أبرزها الوصف الذي أسبغه
الباحث إنريكي كوزيو - باسكال، على النادي. فقد قال في ورقة بحثية بعنوان
«ظهور منتدى متعدّد الأطراف لإعادة هيكلة الديون: نادي باريس»، إن هذا
النادي هو «كارتيل» الدائنين، مشيراً إلى أنه أثناء التفاوض مع الدول
المقترِضة لإعادة هيكلة ديونها، يمارس الكارتيل ضغوطاً هائلة لإجبار هذه
الدول على تقديم تنازلات، ما يثير الشكوك بنزاهة عمل النادي وبأهدافه.
وهناك
أمثلة واسعة عمّا يشير إليه كوزيو - باسكال. فدولة تشيلي مثلاً، لجأت في
1972 إلى «نادي باريس» من دون اتفاق مسبق مع صندوق النقد، ورفضت الربط بين
تقليص أعباء الدين وبين الاتفاق مع صندوق النقد. لكن هذه العلاقة لم تثمر
إلّا بعدما وافقت على إصدار إعلان نوايا من جانب واحد مماثلة لتلك المدرجة
عادة في الترتيبات التي يعتمدها صندوق النقد. تضمن الإعلان سياسات تقشفية
عمادها خفض الإنفاق. لاحقاً، تبيّن أن موافقة تشيلي على هذه الشروط لم تكن
سوى القضمة الأولى، إذ أن نادي باريس اعترض على تأميم قطاع النحاس، وتبيّن
أن الولايات المتحدة الأميركية استثمرت على نطاق واسع في هذا القطاع. وهذه
المشكلة لم تعالج إلا بعد الانقلاب الذي حدث في تشيلي في عام 1973، والذي
أنتج تغيّراً جذرياً في الاتجاه السياسي لذلك البلد.
كذلك، يصنّف ما
حدث في كوبا عام 1982 في الإطار نفسه. فهذه الدولة لم تكن جزءاً من الدول
الأعضاء في صندوق النقد الدولي، ولم يكن لديها اتفاق أو برنامج مع الصندوق،
فاتخذت تدابير وإجراءات مماثلة لما حصل مع تشيلي. الإخراج كان عبارة عن
إنشاء فريق عمل مؤلّف من ممثلين عن الدول الدائنة يقوم بتقييم الوضع
الاقتصادي في كوبا ويصدر توصيات للقبول بإجراءات تخفيف عبء الدين عن كوبا.
هذه
الأمثلة كانت عينة من التجارب التي خاضتها الدول المدينة مع نادي باريس من
دون اتفاق مسبق مع صندوق النقد، لكن الدول التي تفاوضت مع «نادي باريس»
وكانت لديها اتفاقات مسبقة مع صندوق النقد، تمثّل معظم الحالات التي حصلت
على تخفيف أعباء الدين مقابل الاستسلام مسبقاً لوصاية الصندوق.
تنميط النموذج الصيني
وفي
مقابل «نادي باريس» الذي تبقى ممارساته مغمورة في الإعلام العالمي، يظهر
الكثير من القصص عن الديون الصينية. الإعلام الغربي تحديداً يروّج بأنها
نوع من «الفخ الدبلوماسي» الذي تستخدمه الصين لتنفيذ أجندة ترمي إلى
السيطرة على الدول ومقدراتها الطبيعية. ويسوّق أيضاً، بأن الديون الصينية
ليست أكثر من طريقة غير مباشرة للاستيلاء على المرافق العامة للدول
المقترضة وتحويلها إلى امتداد للنفوذ الصيني. ومن بين هذه النماذج، حالة
مرفأ هامبانتوتا في سريلانكا. فالإعلام الغربي تحدّث عن التمويل الصيني
لسريلانكا باعتباره عملية استيلاء لاستثماره لمدّة 99 سنة مقابل 1.12 مليار
دولار.
في الواقع، يستخدم الإعلام الغربي الصورة المجتزأة لشيطنة
الديون الصينية. فبحسب دراسة نفذتها مجموعة روديوم بعنوان «بيانات جديدة
حول مسألة فخ الديون الصينية»، تبيّن أنه من أصل 40 حالة إعادة تفاوض حول
الدين بين الصين ودول أخرى، هناك 16 منها انتهت بشطب جزئي أو كلّي للدين،
بينما جرى إعادة تمويل الدين في 4 حالات، وغالبية الحالات الأخرى انتهت
بعمليات تقليص أعباء الدين، مثل إعادة جدولته، عبر تأجيل الدفع، أو إعادة
النظر في بنود الدين مثل الفوائد وغيرها. وتخلص «روديوم» إلى الاستنتاج بأن
عمليات الاستيلاء «نادرة جداً في حالات الدين الصيني».
أثناء التفاوض مع الدول المقترِضة لإعادة هيكلة ديونها، يمارس «نادي باريس} ضغوطاً هائلة لإجبار هذه الدول على تقديم تنازلات
كذلك،
تشير دراسة لكيفن أكير وديبرا بروتيغام ويوفان وانغ، بعنوان «تخفيف عبء
الديون بخصائص صينية»، إلى أمثلة عديدة قامت فيها الصين بإجراء عمليات
تخفيف عبء الدين على الدّول المدينة. وجاء في الدراسة، أنه من حالات شطب
الدين - الجزئي أو الكلي - العديدة، يمكن ذكر ما حدث في العراق عام 2007،
إذ أعلنت الصين شطب كل الديون المترتبة على العراق من دون أن تحدّد قيمة
الديون بشكل رسمي، إلا أنه في عام 2010 أعلنت الحكومة العراقية أن الصين
وافقت على شطب 80% من الديون المترتبة على العراق للشركات الصينية والبالغة
8.5 مليارات دولار.
وبالإضافة إلى العراق، شطبت الصين 47% من أصل 6
مليارات دولار كانت مترتّبة لمصلحتها على كوبا. وكما حصل بين الصين
والعراق، تكرّر الأمر مع كوبا لجهة التفاوض على شطب الدين المحمول من
الحكومة الصينية مباشرة، وعلى ذلك المحمول من الشركات الصينية أيضاً.
وبحسب
الأرقام الرسمية الصينية، فإنه منذ تنفيذ أول عملية شطب للدين الخارجي في
عام 2000 ولغاية 2012، تم شطب نحو 3 مليارات دولار من ديون دول أفريقيا.
وتعهدت الصين أيضاً، في عامي 2015 و2018، بشطب المزيد من الديون الأفريقية.
الصين مقابل G-20
ضاعفت
أزمة كورونا الحاجة العالمية لمبادرات التخفيف من أعباء الديون، ولا سيما
على الدول المهمّشة التي تضررت بشكل كبير من الأزمة الناتجة من الجائحة.
تحت هذا العنوان، أطلقت دول G20 مبادرة تعليق خدمة الدين، بعد طلب صندوق
النقد والبنك الدوليين. وتشمل هذه المبادرة 73 دولة من الدول الأكثر فقراً
التي تعاني من مخاطر الدين. ويقول البنك الدولي إن هذه المبادرة نفّذت
عمليات تخفيف من أعباء الدين بقيمة 5 مليارات دولار منذ انطلاقها في شهر
نيسان 2020 حتى اليوم. في المقابل، يقول مركز مبادرة الأبحاث التي تعنى
بالصين وأفريقيا، التابع لجامعة جونز هوبكينز، إن الصين وحدها قدّمت منذ
بداية الجائحة عمليات تخفيف من أعباء الدين بقيمة 10.7 مليارات دولار، من
ضمنها عمليات تشملها مبادرة تعليق خدمة الدين (التي أطلقتها دول G20 والصين
من ضمنها).
صيغ إعادة هيكلة الدين
هناك صيغ مختلفة من عملية إعادة
هيكلة الدين أو جدولته، التي تلجأ إليها الدول عندما تعجز عن سداد
التزاماتها تجاه الدائنين. رغم ذلك، يتم الأمر بالاتفاق بين الطرفين على:
- شطب الدين كلّياً أو جزئياً.
- التفاوض على فترة تسديد الدين.
- التفاوض على فائدة الدين.
- إدماج بعض أو كل العمليات السابقة بعملية واحدة.
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=126&id=187836