تمضي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مساعيها إلى إحداث تغييرات على مستوى علاقات الولايات المتحدة مع السعودية، لتتخفّف من «عبء» التفويض المطلق الممنوح من قِبَل دونالد ترامب، لولي العهد محمد بن سلمان، الذي يجري الاشتغال على نبذه لفترةٍ ربّما لا تطول، كونه يمسك بكل الملفات التي تهمّ البيت الأبيض معالجتها، وعلى رأسها الحرب في اليمن. من هنا، يصبح الحديث عن «ضبط العلاقات» وأساليب التواصل شكليّاً أكثر منه عمليّاً، إلّا في حالة كان بايدن يفكّر في تجريد الأمير الشاب من الغطاء الأميركي
لكن
العلاقات القائمة على المصالح المتبادلة، تمكّنت من الصمود في وجه
التقلّبات الجيوسياسية، وتعاقُب الرؤساء والملوك؛ أمّا زيارة ترامب
للسعودية (أيار/ مايو 2017)، فحسَمت، وقتها، الجدل حول الشخصية المرشّحة
لخلافة الملك سلمان، بعدما منح تفويضاً مفتوحاً لابن سلمان، حين كان لا
يزال ولياً لوليّ العهد، وهو ما ثبت بعد إطاحة محمد بن نايف في حزيران/
يونيو من ذلك العام، وصولاً إلى إزالة آخر العقبات في طريق الملك المقبل،
باستبعاد متعب بن عبد الله، واحتجاز كلّ مَن يمكن أن يشكّل بذور معارضة
لابن الملك. في السنوات الأربع التالية، حدثت تحوّلات كثيرة، حافظت فيها
إدارة ترامب على دعمٍ ثابت لوليّ العهد السعودي، استمرّ على رغم الغضبة
الدولية التي رافقت مقتل جمال خاشقجي في عام 2018. ثباتٌ لا يبدو مضموناً
في ظلّ الإدارة الجديدة، حتّى وإن استعجل ابن سلمان تقويم بعض السياسات في
سبيل إرضاء ساكن البيت الأبيض، من مثل إطلاق سراح معتقلين. فهذا التسليف لا
يبدو كافياً في سياق الترتيبات الأميركية الجديدة في المنطقة، وعلى رأسها
إيجاد صيغة «دبلوماسية» للتعامل مع الملف الإيراني، بخلاف رغبة المملكة
وتفضيلاتها.
التغيير الملحوظ في الخطاب الأميركي تجلّى بوضوح في تصريح
الناطقة باسم الرئاسة الأميركية، جين ساكي، التي ذكّرت بـ»(أنّنا) كنّا
واضحين، منذ البداية، بأنّنا سنعيد ضبط علاقاتنا بالسعودية». وعن احتمال
إجراء بايدن محادثات هاتفية مع ولي العهد السعودي، المحاور المفضّل للإدارة
السابقة، أشارت ساكي إلى أن هذا الأمر ليس على جدول الأعمال، موضحةً أن
«نظير الرئيس هو الملك سلمان، وهو سيتحادث معه في الوقت المناسب». تصريحٌ
يرسل إشارةً «لا لبس فيها إلى السعودية»، ولا سيّما أن «الأيام التي كان
لابن سلمان فيها اتصال مباشر مع البيت الأبيض قد ولّت، على الأقلّ حتى
الآن»، على حدّ تعبير الدبلوماسي السابق آرون ديفيد ميلر. وهي تغييرات تشير
إلى أن العلاقات الأميركية - السعودية ستعود إلى «قنوات أكثر تنظيماً
وروتينية»، كما أنها تُعدُّ «صفعة لوليّ العهد الذي تعتبره الإدارة
متهوّراً وعديم الرحمة». وعن تعليق ساكي، يقول مسؤول في البيت الأبيض،
لـ»بلومبرغ»، إنه يشير إلى العودة إلى «العملية الدبلوماسية الطويلة
الأمد».
يعتبر مسؤولون أميركيون أن لا خيار أمام فريق بايدن سوى التواصل المباشر مع ابن سلمان
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=110&id=186581