حرائق سورية: فرصة لمقترحات عشر ترسم ملامح مستقبل أنقى وأبقى!
14/07/2025





سيرياستيبس 
كتب الدكتور دريد درغام 
تحترق رئة سورية منذ ثمانية أيام. والشكر للدفاع المدني السوري والأهالي على سعيهم بما أوتوا من قوة لمعالجة البؤر المحترقة. في حضور الحرائق التي تأكل أراضي وبيوت وتحصد أرزاق عشرات الآلاف من السوريين، وبما أننا في منتصف فصل الصيف وما يزال أمامنا  أشهر طويلة من الجفاف، نعتقد بأهمية الأخذ بالأفكار التالية:
1- بسبب الفقر والظروف الأمنية الحالية أهملت معظم الأراضي الزراعية فانتشرت الأعشاب والنباتات اليابسة. وهذا ما ساعد على انتشار حرائق أكبر في الاراضي الزراعية قبل الحراجية. لذا على التوازي مع إنشاء خطوط نار في الأراضي الحراجية لا بد من خطة متكاملة من أجل "قش" جميع الأراضي الزراعية. وهنا نقول جميع لأنه فرض عين حيث أن إهمال أية أراض زراعية دون قش سيسبب جيوباً وخواصر رخوة ستنتشر فيها بسهولة الحرائق المستقبلية. 
2- في مختلف المناطق السورية تعتبر البطالة الأرق الأكبر بعد مخاطر حرق أو نهب الممتلكات. وفي حال توفير العدد اللازمة لقش الأراضي تشكل مواجهة الحرائق وتشغيل الأهالي الفقراء في الوقاية منها مكسباً مادياً لإغاثتهم ووقاية مؤكدة تجاه مخاطر المستقبل. ويعتبر تنظيف الأراضي الزراعية في وجه الحرائق القادمة سواء كانت مفتعلة أو لا مكسباً للأهالي ومكسباً أكبر للدولة في تنظيم خطوط نار وقائية مسبقة تجاه مخاطر الحرائق القادمة؟
3- تكثيف نقاط الحراسة في مختلف الأراضي المجاورة للغابات والأراضي الزراعية من أجل مراقبة المخاطر وتأمين نشاط المشاركين بالخطة: تعاني مختلف الأرياف والعديد من المدن من مشكلة غياب الأمان وعدم كفاية عناصر الأمن العام. لذلك ستكون الحرائق الحالية فرصة لتشكيل نقاط ثابتة ودوريات أمن مشتركة من: أ-الأمن العام (لديهم رواتب ويمكن تخصيص جزء من العناصر الموجودة بالمدن لتكون في النقاط والدوريات على المحاور والنقاط الزراعية المشرفة). ب- الأهالي المحليين الميسورين المتطوعين (وهم قلة إن وجدوا) أو من الفقراء القادرين على العمل والحراسة بحيث يمكن توظيفهم وتحقيق حد أدنى من الدخل المادي لعائلاتهم. وبذلك نحول فرصة البطالة التي وقع فيها مئات آلاف الشبان منذ أشهر إلى فرصة عمل مفيدة على المستوى الوطني. كما وستكون فرصة للجميع للتعارف والتشارك في حماية الأراضي وتأمين الحماية للعاملين في إعادة تأهيل الأراضي الزراعية والحراجية. ومع أنه لم يتعرض أي شخص في المناطق المحروقة لأي حادث أمني خلال أكثر من ثمانية أيام من الحرائق، يمكن تحميل هذه الدوريات مسؤولية حفظ الأمن والمراقبة على مدار الساعة.
4- تكوين صندوق إغاثي عاجل بهدف تمويل جهود تنظيف وقش الأراضي الزراعية وتكون خطوط نار. وهذا يتطلب "النداء" في المساجد والكنائس "للجهاد" والعمل الطوعي أو المساعدة بما هو متوافر من معدات زراعية أو جهود عضلية. فالحرائق لا تمس أصحاب الأراضي فقط ولكنها تمس الأمن الوطني الغذائي حيث أن حرقها يعني فقدان المحاصيل لسنوات وبالتالي الاضطرار للاستيراد. وفي هذا نكبة لكل من الفلاح مالك الأرض والجهات المرتبطة بالنشاط الزراعي (من مهن حرة وصيدليات زراعية وغيرها) والمستهلك السوري الذي سيرتفع عليه سعر الغذاء وتختلف عليه نوعيته. تخيلوا لا سمح الله احتراق معظم أشجار الزيتون من عفرين إلى إدلب إلى اللاذقية إلى طرطوس وحماه وحمص؟ 
5- تعتبر حماية الأراضي وتنقيتها من الأعشاب والأشجار الطفيلية والاستمرار بحمايتها من الراغبين بالحرق العمد مكسباً ذهبياً للحكومة السورية. كلما زاد عدد نقاط  المراقبة المشتركة مع الأهالي ستتعزز البنية الأمنية وسيتأكد الأمان لكل راغب بازدهار سوريا بما في لك العاملين على زيادة فواصل وخطوط النار أو الزراعة أو النقل أو التجارة بين القرى. فهذه النقاط والدوريات ستسمح بالكشف المبكر عن أي عمليات خطف أو سرقة أو تخريب متعمد. 
6- تخصيص مبالغ كافية لتمويل سياسات الوقاية والتحوط على المستوى الوقائي والزراعي بما فيها العمليات التي تم شرحها أعلاه. ويمكن تأمين المبالغ  إما من المنظمات الدولية أو من صناديق محلية يتم تمويلها بالنداء على الجهاد بالمال على المنابر المحلية والخارجية. وفي حال لم تتوافر الأرصدة الكافية للتمويل لسنوات قادمة، لا بد من تذكير دول الجوار أن حجم التكاليف التي تصرف جراء النزوح من المناطق المحروقة والمنكوبة مضافاً له تكاليف إرسال الطائرات وفرق الدفاع المدني سيكون أكبر بكثير من التكاليف المذكورة. 
7- وضع سياسات تمنع عصابات التحطيب من ممارسة هواياتها وتوضح نوعية الاشجار التي يجب قطعها أو تركها وكيف نتصرف بالحطب الناجم عن الشجر الميؤوس منه (ومن منه يمكن توزيعه على العائلات المنكوبة من أهالي الجبال نفسها (كحطب للتدفئة في الشتاء القادم) 
8- التركيز على سياسات متكاملة ترسم خطوط النار الوقائية وتحدد الأولوية في تأهيل الأراضي الزراعية وعمليات التنظيف والقش فيها (بغض النظر عن توجد مالكيها داخل أو خارج البلد فالقضية تتجاوز فكرة المال الخاص لأن أي إهمال به سيؤثر على الباقي) وتوفر الوقاية 
9- التفكير في خطوط نار جديدة في الأراضي الحراجية بطريقة تسمح باستخدامها مستقبلاً لأغراض النقل والتجارة والسياحة. 
10- الاستفادة من أبنية مختلف مؤسسات النظام المخلوع (حيث كان يتواجد مقرات حزبية وشبيبية وأمنية في كل قرية تقريباً بالإضافة إلى مختلف الثكنات التي كانت مخصصة للسلاح الثقيل ولم يعد لها من نفع في الظروف الجديدة). يمكن استخدام هذه الأبنية كمأوى مؤقت لمن احترق بيته أو حرم منه بالحرائق الحالية أو من انقطع مصدر دخله أو استحال عليه التصرف بممتلكاته في ظل الظروف الراهنة. سيقبل الكثير من المحرومين العمل الطوعي مقابل منح عائلاتهم الملاذ الآمن وما يكفي لسد رمقهم (بدلاً من التواجد في ظروف مأساوية للكثير منهم). وستكون فرصة لكل أفراد الأمن والأهالي في هذه التجمعات ليكتشفوا أن السوري هو السور الحامي لأخيه بعيداً عن الأحكام المسبقة والتناحر الطائفي أو المناطقي.
قد يقول البعض أن الأهمية لإطفاء الحرائق الحالية. من جهتي أقول، درهم وقاية خير من ألف علاج.فالاكتفاء بالعلاج سيجعل تكلفة الحرائق المتوقعة في أشهرالصيف القادم أكبر بكثير من التمترس خلف المواقف التقليدية لمعرفة من كان على حق. في ريف حرم معظم سكانه من مقومات العيش وأجبر على التعتير والقهر لعقود طويلة، إنها رسالة مفتوحة لمن يهمه الأمر عسى أن نستطيع من خلالها تلمس بداية طريق فرض الأمن والأمان ومقومات انتعاش  الشعب إن عاش بعد هذه الحرائق.



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202320

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc