ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:25/04/2024 | SYR: 19:46 | 25/04/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Sama_banner_#1_7-19


خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



HiTeck


runnet20122



 أهمية التمييز بين ماض كان يتمحور حول التعليم وحاضر ومستقبل مرتبط بالتعلم ...
16/01/2022      



سيرياستيبس :

"اللغو" الأكاديمي وضمان الجودة التعليمية!
كثيراً ما يُطرح في أوساط النخبة سؤال عن الأسباب الكامنة وراء ندرة الإبداع في البيئة التعليمية العربية. وتنبع أهمية السؤال من أنه يرتبط بالمشروع النهضوي العربي الذي تأخر كثيراً. وثمة دراسات عديدة حول أسباب التأخر تلك. منها ما أشار إليها المفكر الفلسطيني هشام شرابي في كتابه: "مقدمات لدراسة المجتمع العربي". حيث شخّص فيه بعض أمراض هذا المجتمع. منها حديثه عن بعض المتعلمين في مجتمعنا: "فكثيراً ما نجد أن التعلم لا يترك أثراً يذكر في أسس تركيب الشخصية. وهذا ما يبدو جلياً في المواقف التالية:...فقدان الانضباط العلمي, والعجز عن إدراك دقائق المعاني والتعبير عنها". وموضع اهتمامنا في ذلك كونه يعد المصدر الرئيسي الذي يسبب لوثة "اللغو" الأكاديمي المنتشرة لدينا. وهذا "اللغو" يفضي, بعد أن يصبح نهجاً, إلى بعض "الإعاقات الذهنية" التي لا تشد الانتباه إليها. علماً أن البراء منها مؤشر على الصرامة في التفكير, وهذه أم الإبداع, وفق ما يقول فيلسوف العلم رولان أومنيس في كتابه "فلسفة الكوانتم". وهذا يدفعنا إلى إحياء طرح المفكر المغربي محمد عابد الجابري في رباعيته عن "نقد العقل العربي" : "وهل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض؟".
وقبل الولوج في صلب هذا الموضوع الشائك والحساس, والذي قد يثير بعضهم, نشير إلى أنه بمفاضلة ثمرة هذه الدراسة مع عقابيل ذلك "اللغو" سنختار ما هو لصالح استنهاض مسيرتنا التعليمية. ولكن قبيل ذلك سنتطرق إلى ما يسببه ذلك "اللغو" من بعض الذين يمتطون موجة أي جديد, ودافعهم تعويم "عصرنتهم", ومواكبتهم للتطور العلمي, والحضاري, دون أن يبذلوا أي جهد, مكتفين بعنوان الموجة ومفرداتها. لهذا سرعان ما يؤول أي مشروع حضاري, بسبب هؤلاء, إلى "موضة" مؤقتة, أفرغت من محتواها. ومن هذه "الموضات" الحديث عن البيئة ودراساتها منذ عقود خلت. واللهث وراء تأسيس جمعيات البيئة. والنتيجة كانت تزداد البيئة تدهوراً في بلدنا. وفي التسعينيات طرحت في بلادنا قضية "البحث العلمي" بعد أن تحدثت عن ضرورتها القيادة السياسية. فحوّلها بعضهم إلى "موضة", وسلماً للصعود, حتى أن بعض قيادات المنظمات الشعبية في المحافظات النائية وجدت فيها مادة للحديث والتسلق. ثم أتت "المعلوماتية", وركب بعضهم موجتها, ومعظمهم غير مختصين بها. وكانت النتيجة أن معظم البرمجيات, حتى البسيطة منها, التي نحتاجها محلياً, تصنّع في مستوى متدن قياساً بالدول المجاورة. بل والأبسط من ذلك لم يستطع هؤلاء حتى اختيار الاسم الصحيح, لهذا الاختصاص, ومن ثم للجمعية التي أسسوها, وفق ما هو متعارف عليه عالمياً في أغلب الدول, وهو علوم الحاسوب, وفق الجمعية الأميركية ACM. وهذا خارج حديثنا. وفي العقدين الأخيرين طرحت مسألة "ضمان جودة التعليم العالي, والاعتمادية" محلياً. وقد ركب بعض الأكاديميين في جامعاتنا هذه الموجة, بهدف الاستمرار في تعويم أنفسهم, مستغلين حداثة التجربة, مع أنهم طارئين عليها. وكلما أوغلوا في حديثهم عن الجودة والاعتمادية تراجع تصنيف جامعاتنا العربية, واتسعت الفجوة مع الجامعات العالمية. ومن أسباب ذلك تلك الفوضى الفكرية والتنظيمية التي يخلقها هؤلاء من خلال "لغوهم". وهذا يؤخّر عملية "تبيئة" مفاهيمها عربياً, أو على الأقل, وطنياً, وهذا شرط أساسي لنجاحها. والموجة (الموضة) القادمة, لمن يهمه الأمر, كما يبدو, ستكون عما يسمى "المساواة الجندرية" (الجنسانية) بعد أن أطلقت الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية هذا المصطلح.
ولدراسة بعض ظواهر عدم الدقة في التفكير, المسببة لهذا "اللغو", عند بعض "نخبتنا", ولأهميتها, سنتطرق إلى أحدها بشيء من التفصيل كونه يتكرر على لسان بعض الأكاديميين السوريين, والعرب, وفي كتاباتهم, و"أبحاثهم", عندما يتناولون واحداً من أهم مفاهيم التعليم العالي, الذي أضحى في بؤرة اهتمام هذه المنظومة. وما يزيد من حساسية مسألتنا المطروحة هو أن هذا الخلط, كما يبدو, يشير, من حيث النتيجة, إلى افتقاد هؤلاء إلى معرفة طبيعة العملية التعليمية في التعليم العالي المعاصر, حيث أضحت موجهة نحو الطالب (المتعلم), وليست نحو المعلم. وما يخلق حالة من الإشكالية, يفوق سوءاً عما يقوم به عامة الناس (الذين يخلطون بين مفاهيم موجودة كما في القرآن والمصحف), هو أنه في حالة هذه النخبة يخلطون بين مفهومين أحدهما موجود, والآخر ليس له وجود, بالمعنى النظري لذلك. أي ليس له وجود فيزيائي أو ذهني, بسبب عدم تعريفه من أحد, لعدم القدرة على قياسه. لذلك لم يقم أحد "بمصادرة" هذا المفهوم, ومن ثم -علمياً- لا يمكن الحديث عن شيء لم نصادر على وجوده بعد. وخاصة أن عملية القياس تلك من أهم ما تحرص عليه عملية ضمان الجودة التعليمية في التعليم العالي.
ويظهر هذا الخلط جلياً, في عدم تمييزهم الدقيق بين مفهومي التعليم والتعلم فعلياً, مع أنهما من أبجدية العملية التعليمية. والدليل هو استخدامهم مفهوم "المخرجات (المحصلات) التعليمية" بدلاً من "المخرجات التعلمية". على الرغم من البون الشاسع بين المفهومين. فالاختلاف بينهما ليس لغوياً (بين مصطلحين متقاربين لهما الجذر اللغوي نفسه), بل في طبيعة توجّه منظومة التعليم العالي ككل. وقد يعزى سبب ذلك إلى أن تفكير هؤلاء من النوع الميكانيكي (الآلي), الذي قد يعوزه الحد الأدنى من الانضباط العلمي. وهذا من مثالب نظامنا التعليمي عموماً, الذي يمكن أن يكون مصدراً للإعاقة الذهنية, وعقبة كأداء أمام التطور العلمي. فالتعليم يقوم به المدرس (المعلم), والتعلّم يقوم به الطالب. والأول موجّه إلى أعداد كبيرة من المتلقين (الطلاب), مستواهم مختلف, والتزامهم مختلف. والمعلم ليس مسؤولاً بالضرورة عن ضمان تعلم كل طلابه, في حين أن الطالب مسؤول عن نفسه, وعن تحصيله العلمي. والأهم من ذلك أن التعلم يمكن قياس مخرجاته, في حين أن التعليم لا يمكن ذلك.
ولتوضيح مشروعية اهتمام الجامعات العالمية بالتعلم أكثر من التعليم لا بد من الإشارة أولاً إلى أن عملية التعليم (ومن ثم من يقوم بها) اكتسبت مكانة متميزة عبر التاريخ. وما أفضى إلى ذلك هو أن المتعلمين كانوا قلة في العصور السالفة, إضافة إلى افتقار الوسائل التعليمية الأخرى, وقلة الكتب, أو ربما انعدامها, وندرة وسائل الكتابة. لذلك كان المعلّم محورياً في هذه العملية, وكان كل شيء يدور حوله. ومع تطور العلم وصولاً إلى يومنا هذا, أضحى اهتمام المؤسسات التعليمية في الدول المتقدمة منصباً على التعلّم في المقام الأول. وهذا أدّى إلى تغيير طبيعة وظيفة المعلّم, حيث غدا من أهم مهامه تعليم الطالب كيف يعلّم نفسه. ويعزى ذلك, ببساطة, إلى أن العلم كان محدوداً جداً, ومن الممكن أن يتقن المعلّم جزءاً كبيراً منه. أما الآن, مع تطور العلم, وتوسعه, فلم يعد ذلك ممكناً. وأصبح ما يعطيه المعلّم (من خلال التعليم) النزر القليل, وعلى الطالب أن يكمل طريقه المعرفي بنفسه (من خلال التعلّم). والأهم من ذلك أن أصبح إيقاع التطور العلمي سريعاً جداً, على خلاف ما كان سائداً قبل عصرنا هذا. لذلك وجب على الطالب إتقان عملية التعلم كي يستطيع مواكبة هذا التطور. ومن غير المعقول أن يعود الدارس كل عقد من الزمن- إن لم يكن أقل من ذلك- إلى مقاعد الدراسة كي يحدّث معارفه من خلال التعليم. لهذا أضحى ضرورياً الآن التعلم مدى الحياة Life-long Learning, وليس التعليم مدى الحياة. حتى أن أحد أساتذة المعلوماتية الكبار في جامعة دمشق أسرّ لي أنه يستحي أن يترجم أطروحته في الدكتوراه من إحدى الدول الغربية (الحاصل عليها منذ عدة عقود) بسبب أن محتواها العلمي أصبح من مستوى حملة الإجازة الجامعية.
وتكمن خطورة هذا الخلط في أنه على صلة عضوية بمسألة ضمان الجودة التعليمية في التعليم العالي التي أضحت الشغل الشاغل لمؤسسات التعليم العالي في العالم في العقود الثلاثة الأخيرة, بعد تأسيس أول وكالة لضمان هذه الجودة في بريطانيا في العام 1997. ويظهر هذا الخلط في الأدبيات والدراسات التي تتحدث عن التعليم العالي, وضمان الجودة في كثير من البلدان العربية, وعلى نحو خاص في سورية, وهذا ما يهمنا. وما يغيب عن بال هؤلاء هو أنّ أحد معايير الاعتماد العالمية لأي برنامج دراسي، في عديد من الدول المتقدمة هو: هل تعطي بنية البرنامج الدراسي المعني فرصة كافية للطالب للدراسة المستقلة من غير اعتماد على المدرسين؟
وقد يكون من أسباب ذلك "التيه" المعرفي, عند هؤلاء, هو أن ما يجري في منظومات التعليم العالي العربية مجرد صدى لما هو قائم في جامعات الدول المتقدمة. ودليل ذلك لم يقم أحد من هؤلاء -من خلال مواقعهم- "بتبيئة" تلك المفاهيم وطنياً, أو حتى أشار إلى ضرورة ذلك القيام. وخاصة أن هذين المفهومين, والتفريق بينهما, على قدر كبير من الأهمية, بسبب أن "مخرجات التعلم" تعد حجر الأساس في هذه العملية, وفي بؤرة اهتمامها, ولا أحد يتحدث عنها. في حين أن عبارة "مخرجات التعليم" كثيرة التداول, وعلى نطاق واسع عند هؤلاء الأكاديميين, مع أنه ليس لها وجود ضمن هذه المنظومة على الإطلاق.
وثمة تعاريف عديدة لمخرجات التعلم, ولكن معظمها يشير إلى أنها: "جمل أو عبارات تصف المعارف, أو المهارات, أو الخبرات, التي يجب أن يكتسبها المتعلم (الطالب) عند نهاية برنامج دراسي, أو دورة دراسية معينة, أو حتى قيامه بإنجاز واجب ما. وهي تساعد الطالب في إدراك أين تكمن فائدة هذه المعارف, أو المهارات له...". نلاحظ من ذلك مدى التركيز على الطالب.
ولمعرفة مدى ما اقترفه هذا "اللغو" لنستفتي محرك البحث غوغل بالسؤال عن هذين المفهومين. فإذا وضعنا فيه عبارة: What are learning outcomes? فكانت النتيجة9,640,000,000 (تسعة مليارات وست مائة وأربعين مليون بتاريخ 5 كانون الثاني 2022), في حين إذا وضعنا:What are teaching outcomes? فكانت المحصلة (بالتاريخ ذاته),0006,090,000 (ستة مليارات وتسعين مليوناً) نتيجة تتحدث أيضاً عن مخرجات التعلم, ولا وجود لمخرجات التعليم! أي أن هناك حوالي عشرة مليارات نتيجة حول مخرجات التعلم, في حين أن مخرجات التعليم صفر نتيجة! أما إذا وضعنا عبارة "مخرجات التعلم" باللغة العربية فنجد: 17,300,000 نتيجة. في حين إذا وضعنا "مخرجات التعليم" فنجد: 16,500,000 نتيجة. أي أن هذه العدوى منتشرة عربياً, كما هو حالها سورياً, لتقارب النتيجتين. ويبدو أنه حتى في هذه الجزئية: كلنا في "اللغو" شرق!
ومن الجدير بالذكر أن الأدبيات الصادرة عن وزارة التعليم العالي في سورية لم تكن بعيدة عن ذلك, حيث وردت "مخرجات (محصلات) التعليم" أيضاً فيها. فعلى سبيل الذكر لا الحصر, نجد ذلك في كتيب "الدلائل الإرشادية لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الوطنية لتطوير برامج التعليم العالي ومناهجه", 2012. فقد وردت في الصفحات: 5, 6, 16, 27, 28, 29, 31, 33, 36,...أي أنها وردت حتى في وثائق "التطوير"! كما وردت في مجلات الأبحاث المحكمة السورية والعربية. ومن عناوين تلك الأبحاث في مجلات الجامعات السورية نستل منها: "مواءمة مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل", و: "مخرجات التعليم وآليات سوق العمل في العالم العربي"... كما نجدها في عديد من افتتاحيات مجلة جامعة دمشق. وليس من باب المبالغة القول إنه من الأسهل البحث عن الحالات الصحيحة في كل تلك المنشورات, إن وجدت, لأنها الاستثناء!
ولتوضيح لماذا لا يوجد "مخرجات تعليمية" لا بد من التذكير أن أهم فارق بين التعليم والتعلم هو أن التعلم فردي (يتم فردياُ (نقطياً)). ولكل فرد طريقته الخاصة في تحصيله العلمي, ويمكن قياسها لأنها تتعلق بفرد بعينه. في حين أن العملية التعليمية على الرغم من أن من يقوم بها شخص واحد, لكنها موجهة نحو عدد من الأشخاص قد يكون مئات, أو أكثر. وقياس مخرجاتها يتعلق بقياس مفعولها عند كل المتلقين (المعنيين). وهذه عملية شبه مستحيلة, لاختلاف مفعولها من شخص إلى آخر. والأهم من ذلك أن هذا الأثر ليس بالضرورة بسبب المدرس, بل قد يكون ثمة أسباب أخرى, لأن تفاعل الطلاب مع المدرس يختلف من طالب إلى آخر, وفق اهتماماته, ومستواه العلمي. وقد يختلف بالنسبة للطالب ذاته من محاضرة إلى أخرى, ومن موضوع إلى آخر. والخلاصة أنه لا يمكن الحديث عن مخرجات هذه العملية, ليس بسبب أنه لا يوجد مخرجات, بل بسبب أنه لا يمكن قياسها, أو حتى الحديث عنها.
وأخيراً يجب الاعتراف بالحقيقة المؤلمة التي تشير إلى أن حديث هؤلاء عن ضمان الجودة التعليمية, هو ذاته, بحاجة إلى ضمان جودته. ففاقد الشيء لا يعطيه. وهذا يذكّرنا بعنوان كتاب للجابري حول الإصلاح في العالم العربي الموسوم "في نقد الحاجة إلى الإصلاح". أي أن عملية الإصلاح, بحد ذاتها, بحاجة إلى نقد تمهيداً إلى إصلاحها. ويبقى عزاؤنا :"وما أنزل الله من داء إلا وله دواء"ً, بغض النظر عن طبيعته. وجلّ ما يتطلبه ذلك هو إرادة حقيقية, وإلاّ سنكون, كما يقال, "بانتظار غودو".
محمود باكير - الجودة التعليمية


 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16




Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


CBS_2018


الصفحة الرئيسية
ســياســة
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس