سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:21/10/2025 | SYR: 23:29 | 21/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 القنصلية السورية في إسطنبول... انتهاء عصر السمسرة
21/10/2025      



سيرياستيبس

كتب عدنان عبد الرزاق

فرحة السيدة رئيفة من ريف حلب، اختزلت مشهد تبدُّل التعامل والتعاطي في القنصلية السورية بإسطنبول. فهي، حسب ما تقول، "شعرت بإنسانيتها" عندما حجزت عبر التطبيق وجرى استقبالها بترحيب، وذهبت إلى القنصلية وأتمّت عملها "تصديق أوراق شهادة علمية" من دون أن تدفع أي مبلغ.
وتضيف السيدة السورية لـ"العربي الجديد" أنها، وحتى قبل تحرير سورية في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كانت تضطر للحجز عبر مكاتب "سماسرة متعاملين مع القنصلية" وتدفع لقاء الحجز فقط 200 دولار.

وحين تأتي، أحياناً فجراً كي لا تقف في الدور الذي يزيد طوله على مئة متر، يُساء لها في المعاملة وتعاني من الوقوف، حتى بعد دخولها القنصلية، لأن نافذة واحدة فقط كانت معنية بشؤون جميع السوريين في تركيا، الذين ناهزوا 3.5 ملايين مواطن عام 2018، وهم مرتبطون قسراً بالقنصلية لاستخراج جوازات السفر أو تسيير معاملاتهم، من وكالات وتصديق أوراق رسمية.

أما أحمد من دمشق، فأشاد بالتسهيلات التي لاقاها خلال تصديق أوراق أخيه، لمجرد أن أثبت لهم من خلال جواز السفر "أن أخي في سورية وعاد طوعياً، ولا يمكنه الحضور لتركيا"، وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه في الماضي، كان يضطر لدفع عمولات ورشى لسماسرة موجودين علانية أمام السفارة لتمرير هكذا تصديق، بعد أن يحجز دوراً ويدفع لمكاتب تسيير المعاملات، "وجميعهم سوريون"، مبلغاً كبيراً، لافتاً إلى أن طول دور المراجعين كان يمتد في السابق لمئات الأمتار في الشوارع، في حين اليوم، حسب أحمد ومشاهدات "العربي الجديد"، يجري التعامل بكامل الاحترام، بل وجرى تخصيص أماكن وقاعات للانتظار وتكليف موظفين يطوفون على المراجعين لمساعدتهم وتعجيل أمورهم.
على باب القنصلية، شاهدنا شاباً "وسيماً ببدلة رسمية" يستقبل المراجعين بابتسامة ويطلع على أوراقهم، ليرشدهم إلى المكان المخصص، من دون أن يَمْتَهِن كرامتهم أو يُسيء لهم، كما في العهد البائد، وقال لـ"العربي الجديد": "أنا هنا لخدمة الناس لا للإساءة أو الاستغلال، هذه وظيفتي التي أتقاضى لقاءها أجراً".
وحول عدد المراجعين وصعوبة العمل، أفادنا موظف الاستقبال على باب القنصلية، أن العمل تضاعف بعد عودة السوريين من تركيا "عاد أكثر من 500 ألف سوري منذ التحرير"، وتتطلب مراجعة القنصلية لمعظم العائدين، لتصديق أوراق أو لتجديد جواز السفر، أو حتى للمساعدة خلال نقل مَتَاعه وموجودات منزله.
وتعي السلطة الجديدة في دمشق أن واجهتها في الخارج هي السفارات والقنصليات، وتحاول منذ أشهر نَسْفَ النظرة السابقة وآليات التعامل. وفي ما يتعلق بالقنصلية السورية في تركيا (الوحيدة في إسطنبول)، أعلن مدير الإدارة القنصلية والمكتب التنفيذي في وزارة الخارجية والمغتربين، محمد العمر، عن إقرار تعديلات عاجلة في القنصلية السورية في إسطنبول، بهدف "رفع جودة الخدمات القنصلية وتلبية احتياجات المواطنين". وكشف، خلال تصريحات صحافية أخيراً، عن اعتماد تطبيق إلكتروني جديد لحجز المواعيد، يسمح بالدخول إلى مبنى القنصلية فقط عبر الرقم الإلكتروني المخصص لكل مواطن، وذلك بهدف "إنهاء الفوضى وتسهيل عملية المراجعة".
ويضيف مدير الإدارة القنصلية أنه جرى تحويل الاستمارات والوثائق اللازمة لاستخراج جوازات السفر إلى صيغة إلكترونية مُسبَقة التحضير، لتمكين المواطنين من إحضارها جاهزة عند المراجعة، حِرْصاً على تسريع إنجاز المعاملات، واعداً، بعد زيارته القنصلية بإسطنبول الأسبوع الماضي، بخطوات تأتي ضمن خطة وزارة الخارجية الشاملة لتطوير الخدمات القنصلية وتأمين احتياجات السوريين من الوثائق الرسمية، وهي مقدمة لافتتاح مبنى جديد أوسع للقنصلية في إسطنبول، بالإضافة إلى افتتاح مواقع جديدة في غازي عنتاب وأنقرة خلال الفترة المقبلة.
وكان لـ"العربي الجديد" داخل القنصلية لقاء مع أحد الموظفين والمسؤولين عن شؤون المراجعين، بدر الدين مارديني. وسألناه أولاً عن أهم الفوارق بين الماضي أيام بشار الأسد واليوم، فقال: "أولاً جرى إلغاء جميع طرق الالتفاف والرشى والمحسوبيات، سواء عبر إلغاء مكاتب الوساطة وفتح باب الحجز يومياً لكل المراجعين، أو تمرير أيّ أوراق غير نظامية".

ويضيف مارديني أن احترام المراجع ووقته في مقدمة أولوياتنا. ففي السابق كان جميع المراجعين، وبعد السمسرة بالحجز وعقوبات الانتظار والإساءة في الشوارع، محصورين ضمن صالة مراجعة لا تزيد مساحتها على 12 متراً، في حين اليوم "كما ترى" القنصلية كلّها مفتوحة للإخوة المراجعين، كما أمَّنا أماكن للجلوس وخدمات للمراجعين.
وكشف عن زيادة عدد موظفي القنصلية من 10 إلى 30 موظفاً، ما انعكس، إلى جانب تسريع الخدمة وأتمتة العمل، على مضاعفة الإنجاز. ففي الماضي لم تزد جوازات السفر الصادرة يومياً عن 70 جواز سفر، في حين اليوم تزيد عن 600 جواز سفر.

وفي الماضي كانت رسوم الجواز المستعجل 800 دولار، في حين هي اليوم 400 دولار، والعادي غير المستعجل كان 400 دولار، واليوم 200 دولار، مؤكداً أن الجواز المستعجل يُسلَّم خلال يومين فقط. وجرت مضاعفة عدد الوكالات القنصلية من 25 إلى 50 وكالة يومياً، وزيادة استقبال معاملات التصديقات إلى ألف معاملة يومياً.
وكانت القنصلية السورية في إسطنبول قد استأنفت عملها منذ فبراير/ شباط الماضي، وعاودت، بعد سقوط النظام والتوقف المؤقت، استقبال طلبات استخراج وتجديد جوازات السفر وتصديق الوثائق وتقديم خدمات أخرى. وذلك من خلال الحجز عبر نظام الحجز الإلكتروني، وليس عبر مكاتب الوساطة والسمسرة كما كان بالسابق.
ويُذكر أن القنصلية السورية في إسطنبول هي الوحيدة ولا يوجد سفارة، ما يزيد الضغط والعمل وأعداد المراجعين، مع الإشارة إلى تطلُّع سورية، وفق تصريح مدير الإدارة القنصلية، لتوسيع القنصلية في إسطنبول، وافتتاح مواقع في العاصمة أنقرة وولاية غازي عنتاب القريبة من الحدود السورية التي تؤوي نحو 500 ألف سوري.
وتُقدم القنصلية السورية لنحو مليونَي سوري في تركيا خدمات محضر نقل أثاث، برسوم 200 دولار، مع منح تذاكر المرور لمن فقد جواز سفره أو لأسباب أخرى، وخدمة تنظيم الوكالة برسوم 200 دولار، ومحضر نقل جثمان مجاناً، واستخراج وثيقة أحوال مدنية (بيان قيد فردي، بيان عائلي، بيان زواج، بيان طلاق، بيان ولادة، بيان وفاة) برسوم 100 دولار، وتصديق الوثائق الصادرة من خارج سورية (تجارية، مستندات) برسوم مختلفة، حسب المبلغ، لأنّ رسوم القنصلية 1.5%، إضافة لتصديق الأوراق الصادرة من سورية.

العربي الجديد



شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق