على عجلة، أقرَّت «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس النواب الأميركي، أول من أمس، مشروع قانون «مكافحة التطبيع» مع النظام السوري، يتضمّن بنوداً تمنع واشنطن من استئناف علاقاتها مع دمشق في ظلّ وجود الحكومة الحالية، بالإضافة إلى مجموعة بنود أخرى، أبرزها توسيع نطاق «قانون قيصر»، وتمديده لثماني سنوات أخرى، حتى 2032. ومشروع القانون الذي طُرح من قِبَل «التحالف الأميركي لأجل سوريا» (يضمّ 9 منظّمات تنشط في العاصمة واشنطن، ويديرها أميركيون من أصول سورية) بالتعاون مع نواب من كلا الحزبَين الديموقراطي والجمهوري، يُرسل بعد حصوله على موافقة «لجنة العلاقات الخارجية»، إلى مجلس النواب للتصويت عليه، ومن بعدها، في حال إقراره، يُمرّر إلى مجلس الشيوخ للتصديق، وأخيراً إلى مكتب الرئيس جو بايدن ليوقّع عليه ويصبح نافذاً. وبحسب بيان لـ«التحالف»، فإن مفاوضات جرت بين الحزبَين الديموقراطي والجمهوري، للوصول إلى صيغة تفاهم «من شأنها توسيع قاعدة دعم مشروع القانون في الكونغرس، واستمرّت حتّى ساعات متأخّرة من الليل خلال الأيّام الأربعة الماضية، من دون توقّف حتّى في عطلة نهاية الأسبوع». وتابع: «الحزبان (الجمهوري والديموقراطي)، وبسعي محموم من منظّماتنا، قرّرا إرسال رسالة حازمة إلى المطبّعين قبيل انعقاد القمة العربية فَمُنِحَ المشروع سرعةً فائقة»، مبيّناً أن السرعة التي أوليت للقرار «أمر نادر الحدوث».

وفيما كان يُفترض أن يسلك المشروع طريقاً طويلاً (للتمحيص فيه ودراسة مسوّدته) قبل عرضه على التصويت، غير أن انعقاد القمّة العربية في جدة دفع مجلس النواب الأميركي إلى تسريع وتيرته، في ظلّ رغبة واشنطن في عرقلة موجة التطبيع مع دمشق. على أن ما جرى أثار حفيظة بعض أعضاء الكونغرس لترتفع مطالب بسحبه من التصويت، لغاية استكمال الإجراءات البروتوكولية المعتادة، من مِثل نشر المسودة على موقع الكونغرس، ودراسته بشكل أعمق، وإدخال تعديلات على نصّه، ما يعني أن مشروع القانون ما زال في مرحلة كونه مسوّدة مشروع، على رغم انطلاق التصويت عليه. وفي هذا المجال، أشار مصدر سوري معارض مطّلع على مراحل التحضير لمشروع قانون «مكافحة التطبيع»، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الجميع يعرفون أن ما تمّ مجرّد مرحلة أولى ليس إلّا، ولكن هذه المرحلة تم تسريع وتيرتها بشكل متعمّد لاستباق القمّة العربية، في سياق جهود أميركية وغربية متواصلة لعرقلة الانفتاح على دمشق»، معتبراً أن «الكونغرس أراد بذلك إرسال رسالة إلى الدول المطبّعة مع دمشق قبل القمّة».

يتابع الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية، فيصل المقداد، مشاركته في التحضيرات للقمّة العربية


وفي الموازاة، نظّم الاتحاد الأوروبي لقاءً جمع أعضاء في «هيئة التفاوض» السورية المعارضة إلى مندوبي الدول الداعمة لها في جنيف، تحت عنوان «المساءلة في سوريا»، يهدف إلى «توحيد الجهود لمواجهة موجة التطبيع مع دمشق». وشارك في اللقاء، مندوبون من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وتركيا، أعادوا تأكيد مواقف بلادهم الرافضة للتطبيع. وقالت نائبة الممثّل الدائم للبعثة التركية في جنيف، أرزو إرسيليك، إن بلادها «ستتابع مساهمتها في جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي»، وإن «التقدّم في المسارات السياسية والأمنية والإنسانية مطلوب بشكل عاجل». كذلك، تطرّقت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي تزور منطقة الخليج، إلى الملفّ السوري مع نظيرها السعودي فيصل بن فرحان، في جدة، مبيّنةً من جديد موقف بلادها الرافض للتطبيع مع دمشق. والتقت بيربوك أيضاً نظيرها القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة، والذي أكد، بدوره، رفْض بلاده تطبيع العلاقات مع سوريا. واعتبر أن «المسألة ليست بيننا وبين النظام السوري»، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن «هناك تنسيقاً بين دول مجلس التعاون، إضافة إلى مصر والمملكة الأردنية والعراق، وتباينت المواقف ليس حول الأهداف ولكن حول المنهجية للوصول إلى هذه الأهداف، وهذا شيء طبيعي، ولكن ندعم أن يكون هناك عمل بنّاء لتحقيق هذه الأهداف وأن تسهم أيّ خطوة تطبيع مع النظام في تحقيق مثل هذا الهدف». ورأى أن «الحلّ الوحيد لتطبيع قطر مع النظام السوري، هو إيجاد حلّ عادل وشامل للمسألة في سوريا».


في هذا الوقت، يتابع الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية، فيصل المقداد، مشاركته في التحضيرات للقمّة العربية، والتي تتصدّرها ملفّات عدّة، أبرزها الفلسطيني والسوري والسوداني. وأجرى الوفد سلسلة لقاءات مع نظرائه من مصر والإمارات والجزائر والأردن والصومال وعُمان والعراق وتونس ولبنان، وغيرهم، بالإضافة إلى لقاءات مع مسؤولين ومندوبين عرب، من بينهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وسط ترحيب بالعودة السورية والتي ستتوّج بمشاركة الرئيس بشار الأسد، وفق ما أكد المقداد.