فرضت "قسد" حصاراً على مناطق سيطرة الحكومة السورية في مدينة الحسكة، بعد قطع طريق القامشلي - الحسكة أمام العسكريين، ومنع دخول الدرّاجات النارية وسيّارات المواد الغذائية والشحن. ولليوم الخامس على التوالي، تسعى "قسد" للتضييق على الجيش السوري والمدنيين في الحسكة، مع نشر شائعات عن وجود قرار أميركي بإخراج الحكومة السورية بمؤسّساتها كافّة من الحسكة والقامشلي. ومن هذا المنطلق، عمدت إلى إغلاق المداخل والمخارج في هذه الأحياء، مع رفع السواتر الترابية وزيادة عدد العسكريين في نقاط التماس مع الجيش السوري، الذي قابل هذه التطوّرات بتعزيز نقاطه العسكرية تحسّباً لأيّ طارئ. وقد أدّت التحرّكات الأخيرة إلى حالة من التوتّر والخوف لدى الأهالي، من نشوب مواجهة عسكرية، الأمر الذي يبدو مستبعداً في ظلّ وجود وساطة روسية لتهدئة الأجواء.

بدورها، برّرت وسائل إعلام كردية هذه التحرّكات بأنّها ردٌّ على منع حواجز الجيش السوري دخول المحروقات والخبز إلى مناطق عفرين والشيخ مقصود في محافظة حلب. وأشارت إلى أنّه "منذ نحو شهر تمنع حواجز الحكومة السورية دخول مخصّصات الدفعة الثانية من وقود التدفئة المرسلة من الحسكة إلى حلب، رغم نفاد الكمية الأولى". إلّا أنّها استدركت بالقول إنّ "كمية قليلة من المحروقات تدخل إلى تلك المناطق، وتكفي لاحتياجات الأفران ومولدات الكهرباء". ويأتي ذلك فيما أفادت مصادر سوريّة مطلعة، "الأخبار"، بأنّ هذه التحرّكات المفاجئة هي "محاولة للضّغط على الحكومة السورية والروس، للقبول بنشر قوات إضافية في عين عيسى، من دون انسحاب قسد منها". وأضافت المصادر أنّ "الليونة الحكومية والروسية في تلبية مطالب قسد، دفعت الأخيرة إلى رفع سقف مطالبها بشكل أكبر"، مستبعدة في الوقت ذاته "وجود أيّ قرار بمهاجمة قسد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة".

أدّت التحرّكات إلى حالة من الخوف لدى الأهالي من نشوب مواجهة عسكرية


بدوره، أكّد مصدر مقرّب من الجانب الروسي،  أنّ "موسكو رعت هذا الأسبوع لقاءات عديدة بين ممثلين عن الحكومة السورية وقيادات كردية، لبحث التوتّر الأخير في الحسكة". وأوضح أنّ "القيادات الكردية طلبت الإفراج عن نحو 450 موقوفاً كردياً، مع إفساح المجال لجرحاها بتلقّي العلاج مجّاناً في مشافي دمشق، وعبور دورياتها وقياداتها مطار القامشلي، وطريق حلب - عفرين، من دون أيّ إجراءات أمنية". وكشف المصدر أنّ "هذه المطالب قوبلت برفض ممثلي الحكومة السورية، ما دفع قسد إلى زيادة الضغط عبر إغلاق مداخل ومخارج الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش، ومنع حركة العسكريين في المنطقة".
ومن جهة أخرى، بيّن مصدر ميداني سوري لـ"الأخبار" أنّ "إجراءات قسد تتماهى مع سياسة الحصار والتجويع التي تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى ممارستها بحق السوريين"، موضحاً أنّ "ما يحصل في الحسكة هو بتعليمات أميركية واضحة". واتهم المصدر "ميليشيا قسد بسرقة المحروقات وحرمان الشعب السوري الاستفادة من مقدّرات بلاده"، معتبراً أنّ "مناطق سيطرة قسد ذاتها تشهد أصلاً أزمة محروقات، بسبب قيام الميليشيا بتهريبها وبيعها في أسواق داخلية وخارجية".
في هذه الأثناء، تزامنت هذه التطوّرات مع الإعلان الروسي عن دفع مزيد من التعزيزات إلى الجزيرة السورية، بهدف نشرها في مناطق في ريفي الحسكة والرقّة المتاخمين للحدود مع تركيا. وقال مسؤول مركز المراقبة الروسي - السوري المشترك، الرائد ديمتري سونتسوف، في تصريح إعلامي، إنه "تمّ إرسال نحو 300 جندي روسي إلى محافظة الحسكة السورية لتعزيز مراكز المراقبة". وأشار سونتسوف إلى أنّ "إحدى نقاط المراقبة المشتركة في محافظة الحسكة، ومهمّتها الرئيسية هي المساهمة في تهدئة الصراع في المنطقة"، لتُفسّر هذه الخطوة بأنّها تأكيدٌ للإصرار على توسيع النفوذ الروسي في المنطقة، ومنع حصول أيّ تغييرات ميدانية لصالح الأتراك في الطريق الدولية (M4)، أو لصالح "قسد" والأميركيين في الحسكة.



تركيا تمنع المياه عن مليون مدني... مجدّداً
أعاد الجيش التركي والفصائل الموالية له قطع المياه عن نحو مليون مدني في الحسكة وأريافها، للمرة الثامنة عشرة منذ احتلالهم مدينة رأس العين وأريافها، منذ قرابة 15 شهراً. وبيّن مدير مؤسّسة المياه في الحسكة محمود العكلة، في تصريح إلى "الأخبار"، أنّ "الاحتلال التركي قام بتخفيض عدد المضخّات العاملة في المحطة إلى مضخّة واحدة، صباح الجمعة، قبل أن يقطع المياه نهائياً مساء السبت". وأكّد أنّ "الجانب الحكومي بدأ التواصل مع الجانب الروسي بصفته ضامناً لاتفاقات سابقة، لإعادة ضخ المياه من محطّة علوك من جديد".
بدوره، كشف مصدر في شركة كهرباء الحسكة، أنّ "الأتراك عادوا لطلب التغذية الكهربائية إلى مناطق رأس العين وتل أبيض وأريافها، على مدار الساعة، على حساب باقي مناطق محافظة الحسكة". كذلك، أشار إلى أنّ "تركيا هي التي تقوم بتخفيض الحصة السورية من المياه لتخفيض التوليد الكهربائي في السدود إلى حدّه الأدنى، ورفع معاناة السوريين اليومية في توفير الكهرباء المنتجة في سدّي تشرين والثورة، في ريفي حلب والرقة".