جدلية البدائل المحلية لأعلاف الدواجن ... ويبقى السؤال مالحل لإنقاذ القطاع ؟
01/10/2020




 

 

في ظل نقص الأعلاف الحاصل والذي أثر بشكل مباشر في ارتفاع أسعار أعداد الدواجن يتبادر إلى الذهن سؤال عن الأعلاف البديلة التي يمكن الاستعاضة بها عن الأعلاف المستوردة أو عن جزء منها وما إمكانية إنتاجها محلياً؟
عن هذا الموضوع أكد المدير العام لمؤسسة الأعلاف- عبد الكريم شباط وجود كمية كبيرة جداً من مخلفات بقايا المحاصيل يمكن الاستفادة منها إذا تم إنتاجها بالشراكة مع القطاع الخاص, وهذا ما تعمل عليه المؤسسة لإنتاج مادة (السيلاج) وهو معمول به في أغلب دول العالم المتقدمة وتعتمد عليها وعلى الأقل لدينا 4 إلى 5 ملايين طن من بقايا المحاصيل التي تصنع كمادة سيلاج وتوفر علينا كميات كبيرة جداً من استيراد المواد العلفية بالقطع الأجنبي.
وعن المعوقات التي تؤخر ذلك أكد شباط أن هذا المشروع يحتاج إلى التعاون مع القطاع الخاص في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وهناك تعاون مع شركة ويتم السير بهذا المجال, بحيث يتم تجميع بقايا المحاصيل وتحضير مكنات توضع في كل منطقة زراعية وتخمير هذه المحاصيل لمدة 45 يوماً ويوجد عدد من المراكز المنتشرة على مستوى القطر يمكن تصنيع المادة من خلالها مقابل نسبة محددة بين المؤسسة والمستثمر يتم الاتفاق عليها وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها فستكون الأمور ممتازة بالإضافة إلى أن المؤسسة تفكر بمشروع مع القطاع الخاص يقوم بإعادة تأهيل وتطوير المعامل التي دمرت بسبب الحرب كمعمل الشيفونية أو معمل الوعر في حمص ومقابل ذلك يحصلون على نسبة معينة من الأرباح لمدة 25 سنة وتعود بعدها ملكية المعمل للمؤسسة وبهذه الطريقة يمكن استقطاب القطاع الخاص والاستفادة من أموال المستثمرين في مجال حيوي جداً.
وأشار شباط إلى أنه تتم دراسة معمل الشيفونية مع مستثمر على أن يعيد بناءه ويتحمل كافة تكاليفه وتشغيله على أن تؤمن المؤسسة المواد الأولية وتصريف المادة وتوزيعها على المربين بأسعارها مقابل نسبة من الأرباح والمستثمر جاهز والأمور قيد الدراسة ,وأضاف أن المشروع الأهم هو الاستفادة من بقايا المحاصيل لإنتاج مادة dmr المتطورة ويمكن أن تكون بدائل حقيقية عن المادة العلفية المستوردة ,كما تقوم المؤسسة حالياً بإعادة وتأهيل مجففات مادة الذرة لتشجيع الفلاحين على زراعتها لأنه لا يمكن تخزينها بدون تجفيف لارتفاع درجة الرطوبة.
وعن الفترة التي قد ينتج خلالها معمل الشيفونية أوضح شباط أنه بمجرد الحصول على الموافقة سيكون المعمل قيد الاستثمار خلال ستة أشهر.
من جانبه أكد المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الحيواني لـ (تشرين) أن مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة للدجاج ظهرت في الآونة الأخيرة مدفوعة بالعقوبات الاقتصادية والحصار المفروض على البلاد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والتي أدت إلى تعطيل واسع في مرافق إنتاج لحم الدجاج وبيض المائدة وارتفاع أسعارها في السوق المحلية والحد من فرص التصدير ، رغم أهميتها في إغلاق مساحة واسعة من حاجة المواطن إلى البروتين الحيواني الرخيص, مبيناً أن ذلك دفع المختصين إلى العودة للتفكير باستثمار مصادر علف محلية , بعضها غير تقليدي في تغذية الطيور بديلاً جزئياً أو كلياً عن الأعلاف المستوردة وذلك متابعة لبعض التجارب التي تم تنفيذها منتصف ثمانينيات القرن الماضي, حيث تعرّض القطر لحصار اقتصادي مماثل , إلا أن معوقات فنية تحتاج إلى حلول ومواد ومستلزمات لتسمح باستثمار اقتصادي لعدد من المصادر العلفية المحلية البديلة عن الأعلاف المستوردة.
ولعل التوجه لحث البحوث العلمية الزراعية لاستنباط أصناف من الشعير عالية الغلة والتوسع بزراعته في مناطق الميزة النسبية / مناطق الاستقرار الثانية والثالثة / واستنباط أصناف من الذرة الصفراء ذات الاحتياج الأقل للمياه والغلة الأعلى وتجهيز مستلزمات حصادها وتجفيفها وخزنها بالشكل الأمثل ، وتحديث وحدات تصنيع مخلفات مسالخ الدواجن لضمان إنتاج سليم من النواحي الصحية والتغذوية يعتبر من الأمور الهامة في معالجة نقص أعلاف الدواجن.
وأضاف : قبل القرن العشرين ، كانت الدواجن تُربى في الغالب على هامش المزرعة ، وتتغذى على الحشرات ، والحبوب المتبقية في مخلفات الماشية والخيول ، والنباتات حول المزرعة . وغالباً ما كان يُستكمل غذاؤها بالحبوب والفضلات المنزلية ومكملات الكالسيوم مثل الرمل الأبيض ونفايات المزرعة.

 

وعندما أصبحت الزراعة أكثر تخصصاً ، ظهرت مزارع الدواجن التي ضمت قطعاناً كبيرة جداً بحيث لا يمكن إطعامها بهذه الطريقة ، وتم تطوير أعلاف دواجن كاملة من الناحية التغذوية. تتكون الأعلاف الحديثة للدواجن بشكل كبير من الحبوب ومتممات البروتين مثل مسحوق فول الصويا والمتممات المعدنية ومتممات الفيتامينات وإمدادات كافية من المياه الطازجة . وتعتمد كمية العلف والمتطلبات الغذائية على وزن الدواجن وعمرها ، ومعدل نموها ، ومعدل إنتاج البيض ، والطقس (الطقس البارد أو الرطب يؤدي إلى زيادة إنفاق الطاقة) ،وينتج عن هذا مجموعة متنوعة من تركيبات الأعلاف ويؤدي استبدال المكونات المحلية الأقل تكلفة إلى اختلافات إضافية.
وأكد قرنفلة أن أعلاف سلالات الدجاج الحديثة تتشكل تقليدياً من خلائط يدخل فيها الحبوب / الذرة الصفراء – الشعير – القمح – الشوفان – السورغوم…/ وإكساب الحبوب الزيتية / كسبة فول الصويا وكسبة القطن…….. / والفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية وملح الطعام ومصادر الكالسيوم والفوسفور ومضادات الأكسدة والتعفن وغيرها . و تعتمد الدواجن في سورية على استيراد أعلافها بنسبة تصل إلى 90% من حجم الاحتياج . إلا أن الواقع الراهن الذي فرضته العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي على البلاد دفع باتجاه البحث في إمكانية إدخال موارد علفية متاحة محلياً للحد من استيراد الأعلاف.
ولكن ما المعوقات التي تحدد التوسع باستخدام الأعلاف المحلية بديلاً عن الأعلاف المستوردة في تغذية الدواجن ؟
الشعير والذرة الصفراء تنافس بين الدواجن والمجترّات
يقول المهندس قرنفلة : خلال الفترة 2009 -2018 بلغ متوسط الإنتاج السنوي من حبوب الشعير حوالي /839884/ طناً ومن الذرة الصفراء /141031/ طناً لنفس الفترة الزمنية . بينما يتجاوز احتياج قطاع الأبقار والأغنام السنوي الفعلي إن أردنا الحصول على مستويات إنتاجية جيدة / 2-2.25 / مليون طن من الشعير وحوالي /900 / ألف طن من الذرة الصفراء .
أما احتياج قطاع الدواجن من الذرة الصفراء فيتراوح بين /1.5 -2 / مليون طن سنوياً ,ينتج منها محلياً من 8- 10 % فقط أما من كسبة حبوب فول الصويا فإن احتياج قطاع الدواجن يتراوح بين /350- 450 / ألف طن سنوياً يتم تأمين معظمه من خارج البلاد.
وفي حال التوجه لإحلال الشعير المُنتج محلياً بديلاً عن 50% من الذرة الصفراء المستوردة لقطاع الدواجن فهذا يعني أننا نحتاج أكثر من إجمالي إنتاج الشعير المحلي وبذلك يبقى قطاع المجترات من دون مادة الشعير وهذا يخلق تنافساً بين قطاعي المجترات والدواجن . هذا رغم أن الشعير يستخدم في تغذية الدواجن في الدول التي يتوفر فيها فوائض إنتاجية كبيرة من الشعير وذلك بعد إخضاعه لمعاملات خاصة.
عوامل مضادة للغذاء في حبوب الشعير
وقال قرنفلة: إضافة إلى أن التأثيرات السلبية للشعير في أداء نمو دجاج التسمين وإنتاج دجاج بيض المائدة مرتبطة بتغير شكل الأمعاء ، ونشاط الإنزيم الداخلي ، والكائنات الحية الدقيقة المعوية فإن استبدال الذرة بالشعير في الوجبات الغذائية لصيصان اللاحم يؤدي إلى تقصير الزغابات المعوية (المسؤولة عن امتصاص الغذاء ) وزيادة ثخانتها وضمورها ، بالإضافة إلى زيادة عدد وحجم الخلايا الكأسية ، ما يعوق امتصاص مكونات العلف . وتحتوي حبوب الشعير عند استخدامها في تغذية الدجاج على عدد من العوامل المضادة للغذاء مثل البيتا غلوكانز والبنتوسان والعفص وحمض الفيتيك ، ما يستلزم بالضرورة استخدام بعض الأنزيمات لتحييد التأثير السلبي لتلك العوامل والمؤسف أن هذه الأنزيمات غير متوفرة في السوق المحلية.
أما الذرة الصفراء فإن إنتاجنا المحلي منها لا يغطي 10% من حاجة قطاع الدواجن ولا يتم إدخالها بعلائق المجترات إلا بحدود ضيقة لأسباب تتعلق باقتصاديات الإنتاج .
كسبة فول الصويا ومسحوق الريش ومخلفات المسالخ

 

ومن جانب آخر تحدث قرنفلة عن بدائل استخدام كسبة فول الصويا في علائق الدواجن قائلاً : تعتبر كسبة حبوب فول الصويا مصدراً مهماً للبروتين للدواجن نظراً لغناها بالأحماض الأمينية التي تشكل الوحدات الأساسية للبروتين . ويتم استيراد حاجة قطاع الدواجن منها بواسطة تجار الأعلاف من القطاع الخاص, إضافة إلى قيام بعض مصانع استخلاص الزيوت من البذور الزيتية باستيراد حبوب فول الصويا وإدخالها في خطوط إنتاج وعمليات تصنيعية لاستخلاص الزيت منها وعدد من المنتجات الباقية وكسبة فول الصويا. والجدير ذكره أن دقة إجراءات وتقنيات التصنيع تلعب دوراً مهمأ جداً في تحديد الخواص الغذائية لكسبة فول الصويا ومدى استفادة الطيور منها ويبدي عدد من المربين تحفظات حول عدم مطابقة كسبة فول الصويا المنتجة محلياً للمواصفات القياسية , بينما ينفي بعض أصحاب مصانع إنتاج كسبة فول الصويا المحلية هذا الأمر,علماً أنه سبق أن نجحت تجارب زراعة فول الصويا محلياً وحققت بعض الحقول معدلات إنتاجية تفوقت على المتوسطات العالمية إلا أن إجراءات روتينية تتعلق بتسويق المحصول وتصنيعه أدت إلى إعاقة التوسع بزراعة هذا المحصول الهام والمتعدد الأغراض . ويدخل في تغذية الدواجن مصادر بروتين غير تقليدية مثل مخلفات ذبح الطيور كبديل جزئي عن كسبة فول الصويا ، حيث يمكن استخدام مسحوق مخلفات مسالخ الدواجن في علائق طيور التسمين حتى مستوى 40 % من البروتين الخام من دون أي تأثيرات ضارة, وذلك بعد معاملة تلك المخلفات بالبخار واستخلاص الدهون منها وتجفيفها ثم طحنها رغم فقرها ببعض الأحماض الأمينية الضرورية ، وتنص المواصفات القياسية لمسحوق مخلفات مسالخ الدواجن على أن يكون خالياً من الأحياء الدقيقة الضارة مثل: السالمونيلا والاشيرشيا الكولاى والعفن والتزنخ والروائح غير المرغوب فيها ويشترط ألا تقل نسبة البروتين الخام به عن 55% وألا تزيد نسبة الرطوبة عن 12% ، والدهن الخام به عن 18% ، والألياف الخام عن 3% ، والرماد عن 8% ، ولا تزيد نسبة السستين عن 2% من نسبة البروتين الخام . وقد أثبتت التجارب ضرورة إضافة بعض المنشطات الحيوية مثل / بيوتوب / وبعض الأنزيمات للمساعدة في رفع كفاءة الطيور للاستفادة من تلك المخلفات. .

 

معوقات فنية لاستخدام مخلفات المسالخ
أوضح قرنفلة أن وحدات معالجة مخلفات المسالخ المحلية تفتقر إلى عدد من العمليات الإجرائية التي تضمن سلامة أعداد هذه المخلفات من الناحية الصحية . ولا تمتلك خطوط إنتاج نظامية تحقق الاشتراطات الفنية والصحية لتوفير مادة خالية من المسببات المرضية التي تصيب الطيور ويمكن أن ينتقل بعضها إلى الإنسان ويتسبب بإصابته بعدد من الأمراض
حيث يجب جمع ونقل الدم والريش ومُخلفات الذبح الأخرى بسرعة وبكفاءة عالية لضمان ظروف أكثر صحية دون التأثير سلباً في البيئة المُحيطة ، وللحصول على هذه النتيجة فإنه يجب توافر العديد من الخيارات بدءاً من وجود أنظمة بسيطة لضخ المُنتجات حتى توفير أنظمة نقل مُتطورة تعمل بالتفريغ الهوائي وتشتمل على إمكانية التنظيف والتطهير في المكان In-place.
تجدر الإشارة إلى أن ريش الطيور غير المُجهز (غير المطبوخ) يحتوي على نسبة عالية من البروتين ، لكنه يُعد بروتيناً غير قابل للهضم بشكل كبير، ويُعتبر الكيراتين Keratin هو البروتين الأولي الموجود بالريش، والذي يحتوي على كميات كبيرة من ( السستين Cystine (حوالي / 10%/ ، حيث تُمثل الروابط المُتقاطعة الموجودة بالحمض الأميني السستين عائقاً أمام هضم بروتين الريش، لذا فإن الحرارة والرطوبة العالية المُستخدمة أثناء عملية طبخ الريش تعمل على كسر هذه الروابط وتحويل بروتين الريش إلى بروتين سهل الهضم. يتم تجهيز الريش وطبخه في غرف تحت ضغط يُعادل 30- 40 رطلاً/بوصة مربعة لمدة 30- 60 دقيقة، لنحصل في هذه الحالة على بروتين يصل مُعدل هضمه لما يزيد عن 75%، في حين إن مُعدلات الهضم الطبيعية يجب أن تتراوح بين 80- 85%.
يتم استخدام مسحوق الريش الناتج من عملية التصنيع في تغذية المُجترات / الأبقار والأغنام والماعز/ ، حيث صاحب ذلك نتائج أفضل من حيث مدى الاستساغة والاستفادة منه ، مُقارنة باستخدامه في تغذية الدواجن.
وختم قرنفلة تصريحه قائلاً : إن هذه الحقائق العلمية المبسطة جداً تؤكد أن التوجه لاستخدام الموارد العلفية التقليدية وغير التقليدية المحلية في تغذية الدواجن بديلاً عن الأعلاف المستوردة يجب أن يمر بمراحل تدقيق وتصويب بعض مسارات العمل وابتكار حلول أكثر واقعية مستفيدين من تجارب دول العالم في هذا الإطار - تشرين. .



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=132&id=184576

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc