ضاقت بنا .. لكن ..
لا الهجرة سبيلنا .. ولا الحكومة ترسم مخرجنا الوحيد كيفما جاءت
كتب أسعد عبود خاص لسيرياستيبس :
ضباب و غيوم من حولنا .. لكن... لا الضباب يمنع الرؤيا .. ولا الغيوم تحتم هطول المطر ..
سوريا .. رغم شدة ما ابتلاها به الزمن من ادارة سيئة و أعداء معتدين ..و حروب و ارهاب و حصار .. لم تتحول لأنقاض بعد .. وفيها .. احياء غير الجرذان و القوارض و القراصنة ..
في سورية حياة و كثير من البؤس و من اليأس .. و فيها أسوأ الادارات التي ألغت كل أمل .. و زرعت الآهات .. و فيها ما فيها .. فيها صوت ضعيف .. لكنه موجود وإن كان لا يسمع يقول : نحن لم نمت .. و لعلنا لا نموت إن تركنا انتظار الحكومة العتيدة .. و قد لا تأت لنبقى برعاية الحكومة التي عهدنا و عرفنا .. ولا بد من اسلوب آخر للحياة .. ينطلق من ما يتوفر من مقدرات .. هي هامة مهما صغرت .. لكنها مبعثرة و كل يسعى لوحده .. و يحلم على طريقته ..لذلك نرى خصوصية و اهمية المشاريع الصغيرة .. لبعث الحيوية أشد بين اناس لا يريدون مغادرة بلدهم .. او وأن ارادوا قد يجدون طريق الهجرة شاق و ربما مميت .. و كيفما كان .. ليس البديل المطمئن ..
لقد اضحى اعتزام السعي للهجرة مرضا بحد ذاته .. !! لست ضد هذا المسعى و لا أرى فيه جريمة .. و قد يقدم حلا فرديا .. و ما أحوجنا لحلول جماعية .. هي بالتأكيد غير متوفرة ..
تصوروا أن تسويق العمالة السورية المتجددة في شباب و فتيات سورية .. يشكل محور استقطاب التوجهات حتى في خيارات القبول الجامعي ، لتستمر جامعاتنا في تقديم مؤونة لطاحون الهجرة .. الفروع التي يتجه إليها الطلبة أكثر هي تلك التي تؤمن فرصة العمل في الخارج .. اينما كان هذا الخارج .. ليستمر السوريون في النزوح عن بلادهم من صغيرهم إلى كبيرهم .. حتى الذين تجاوزوا السبعين من عمرهم .. يرحلون بعدما يحتفلون بنجاح المساعي لقبول إقامتهم في بلد أي بلد .. !! في الدنيا و بموجب ما اعتادت البشر .. يقيم الإنسان في بلاد الغربة طويلا .. يعمل و يحصد خيرا و مالا حتى يكبر .. و يبدأ الشيخوخة .. فيعود إلى بلده و أهله .. ليختم رحلة العمر .. لكن يبدو وبكل أسف .. أن احدا لم يعد يرى في سورية بلدا يصلح للحياة .. ولا حتى للدفن .. و لا في اهله شركاء الدم والحب و العمر المديد ..
اقدر حجم ما يعانيه كل انسان يعيش في هذا البلد .. و ليس من المنطق أن انتقد رغبته في الخلاص كيفما كان .. لكن بصدق هذا كثير .. مهما كانت سورية و مهما صعب العيش مع هكذا حكومة و هذه الادارة .. و بالمناسبة لا تشعر في الدولة السورية احدا في الحكومة لا يرحب بهذا الرحيل عن ارض الوطن .. الذي بات كثيرون يصعب عليهم تسميته وطنا .. !! و تبدو الحكومة تشجع على ذلك و تسعى لقص نصيبها من جهد و مردود الغربة .. و هي مناسبة لتقدير تراجع المصرف التجاري السوري عن خطأ حسابات المئة دولار المطلوبة من عائد لبلده .. ولو لمجرد انها صورة طيبة عن ادارة حكومية تتراجع عن الخطأ ..
هل نسعى إلى سورية جديدة تتشكل من أرض و ما حوت دون شعب .. ؟
لا أظن .. لن يكون الدولار وطن السوريين من اينما كان مصدره .. ففي سورية ما زال شاب يبحث عن رزقه في بلده .. قليل عددهم هذا صحيح .. لكنهم موجودون .. ثم ان الحياة في بلد المهجر ليست بالضرورة مربع السعادة و الحياة ..
لكنها ... فيها كهرباء على الأقل ..
As.abboud@gmail.com
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=199657