مفتاح الصول ودوره المؤسساتي
19/01/2020



سيرياستيبس:

د. سعد بساطة

في المؤسسات الإنتاجية والخدمية؛ أناس يعملون بصمت؛ وآخرون يعملون مع بعض البروباغندا؛ ونوع ثالث لايعمل..بل يقضي الوقت في الجعجعة! النوع الأخير: منهم من يعزف لحنا ً متكرراً مثل الأسطوانة المشروخة؛ وبعضهم يتملّق بلحن من مزماره للمدير متقرّبا ً منه؛ والبعض الآخر لايروي غليله بالنفاق سوى الصوت الجهير؛ فهو طبال لاينفك يطبّل وغيره يزمّر لإنجازات المدير الملهم!!

ولاتنتهي السيمفونية هنا؛ فللآلات الموسيقية دور في المؤسسة؛ وجرت العادة أن تنتقل الأمثال على لسان العامة. ومنها: «يموت الزمار وأصابعه تلعب»لأي شخص لديه عادة ولايستطيع أن يتخلص منها, ومثال على ذلك «الزمار» وهو الشخص الذي يعزف على المزمار، يظل طوال حياته يحرك أصابعه على هذا المزمار لدرجة أنه قيل من كثرة تعوده على هذه الحركة تظل أصابعه تلعب وتتحرك بعد موته!

ويدل هذا المثل على أن الشخص الذي لديه عادة أو صفة وتعوّد على فعل شيء باستمرار فإن هذا الشيء يظل معه طوال حياته ولا يستطيع التخلص منه حتى وإن تقاعد أو حدث له شيء؛ فالتعود يجعل من الإنسان آلة تتحرك كما تعود أن يفعل من دون أي تفكير وليس من السهل التخلص من تلك العادة. وليست الأمثال تقتصر على النطاق المحلي؛ فهنالك العالمية منها. وطبقاً للأسطورة فإن بلدة هاملين الألمانية ابْتلِيَتْ بالجرذان، وذات يوم سار فيها رجلٌ يرتدي حُلَّةً ذات ألوانٍ كثيرةٍ، وعرض تخليص البلدة من تلك الآفات نظير مبلغ من المال، وعندما وافق العُمْدة سحب الرجل مزماراً ومشى في شوارع البلدة يعزف عليه نغمةً مسحورةً، فخرجت كلٌ الجِرذان تتقافز من البيوت، وتَبِعت الزمار إلى نهر الْوِيزَر، حيث غرقت فيه.

وعندما طالب الزمار بمكافأتِه رفض العُمدة أن يدفعها له، فأقسم الزمار على الانتقام. وذات مرة سار في الشوارع يعزف لحنهُ العذب الغريب، وفي هذه المرة هُرِع جميع الأطفال من منازلهم، وتَبِعوه إلى كهف في تل كوين القريب، فأطبقت عليهم المغارة، ولم يرهم أحد بعد ذلك أبداً.

وتبدو الأسطورة مبنية – على الأقل في جزء منها- على حقيقة، فالكتابات القديمة على حيطان بيوت عديدة في هاملين تقول إنه في السادس والعشرين من تموز 1284 م قاد زمار 130 طفلاً خارج البلدة وضاعوا في تل كوين. هي شخصية خيالية جعلها الشاعر الإنكليزي روبرت براونينج مشهورةً في قصيدةٍ عي أسطورة ذلك الزمار.

ويعتقد بعضهم أن الزمار كان عميلاً مأجورا ً جرَّ في أواخر القرن الثالث عشر كثيراً من غلمان هاملين إلى مورافيا، حيث استوطنوها، ويدَّعي بعض الناس أن اللصوص قد اختطفوا الأطفال.

ولاننسى في هذا السياق حكاية الزمار الجبان.. قصة وقعت أحداثها بين الإسكندرية وروما ودفعت مصر ثمنها باهظاً..

فقد حكم الملوك البطالمة مصر من الإسكندرية حوالي ثلاثمئة عام، وفي عصر الملوك البطالمة الأوائل صارت مصر دولة قوية متقدمة، احترموا عادات مصر القديمة وشيدوا لها أعظم المعابد وجعلوا الإسكندرية عاصمتهم المدينة الأروع في العالم في عصرهم، لكن الضعف بدأ يدب في دولتهم بسبب الصراع على السلطة وضعف الملوك في الوقت نفسه الذي بدأت فيه روما بالتألق، ملوك البطالمة الضعفاء بدؤوا فى تقديم التنازلات لروما، وعندما تبدأ التنازلات لا تنتهى.

عندما قتل بطليموس الحادي عشر أوصى أن تكون مصر تحت تصرف روما، لكن أهاليها اختاروا رجلاً من العائلة الملكية ونصبوه ملكاً.

بطليموس الثاني عشر اتخذ لنفسه العديد من الألقاب وكان الأضعف والأسوأ، هرع إلى روما طالباً إعترافها بشرعيته مقابل أموال يدفعها من الضرائب الباهظة على أهل مصر، تنازل بكل سهولة عن قبرص لروما، فعل كل شيء لإرضاء الأسياد، من بين كل ألقابه لم يبقَ سوى لقب أوليتيس وهي كلمة تعني الزمار، اللقب الذي اطلقه عليه الناس وخلدوا به كراهيتهم له واحتقارهم لضعفه و تنازلاته أمام روما!

تشرين



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=178799

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc