نحن بلد الشهداء .. ولسنا بلد الطوابير ..؟! إنها لعبة الفاسدين الذين يحاولون عبثاً حرف المسارات .. !
19/10/2020



جثمان جندي سوري يحافظ على شكله بعد 6 سنوات من استشهاده! - قناة العالم  الاخبارية

 

خاص لسيريا ستيبس – علي محمود جديد

تختلطُ الأمور كثيراً في سورية وبأي مكان، بشكلٍ يبدو معقّداً لمن يُعاني الأزمات ويقاسيها، فتتشوّه أمامه بعض الحقائق .. وبالأحوال العادية يصير من الصعب التمييز .. لأن آلام المعاناة تُشكّل ما يشبه الضباب الذي يحدّ من وضوح الرؤيا .. فكيف إن كان الخلاّط لتلك الأمور هو الفساد ..؟!

والفساد مهما عظم واشتدّ وامتدّ .. يبقى جباناً ولا يفعل فعلته إلاّ متخفياً، ومن هناك .. من وراء الستائر أو من تحت الأرض، يبثّ أسلحته الخبيثة التي تزيده تمويهاً وتخفياً، ليتكاثف الضباب من حولنا كي يُبعد الشبهات عنه، محاولاً وبشتى الطرائق إلصاقها بغيره، وكلنا لا يستغرب أن يقتل الفاسدُ القتيلَ ويمشي بجنازته، ويصير مضرب مثل بالحزن والوفاء لنتوه نحن معه .. ولا نعود نعرف ما الذي حصل .. ولا ماذا يحصل..؟!

كان الأمر يستدعي التأمّل كثيراً لما سمعناه بالأمس من وزير الاقتصاد أمام مجلس الشعب، حيث أشار إلى أنّ ( 84 % من مستوردات الدولة مشتقات نفطية ) وكلنا يعلم – إن راق لنا ذلك أم لم يرُق – أن الدولة تواجه معاناة شديدة في عملية تأمين هذه المستوردات النفطية، وتكابد الكثير من أجل ذلك ..

ثمة حرب حقيقية من نوعٍ آخر تدور رحاها هناك في المياه الدولية، حيث يتربّص القراصنة الأمريكان والصهاينة وغيرهم .. يعترضون السفن ونواقل النفط لاهثين باحثين عن أي ناقلة متجهة إلينا لمنعها من إكمال طريقها، وكثيراً ما عادت نواقل من حيث أتت .. أو غيّرت مسارها .. وتموّهت وتخفّت .. والله أعلم كيف وبأي صبغة تصل أخيراً إلى سواحلنا ..؟! فهناك فصول كثيرة وإجراءات شاقة وغير معلنة تجري في البحار وعلى الأرض قبل أن نحظى بناقلة تتمكّن من إفراغ حمولتها على شواطئنا المتعطشة لما قد وصل.

إنها حرب قذرة بكل الأبعاد .. لا هوادة فيها ولا رحمة .. مع عدوٍّ يحاول بالفعل أن يخنقنا .. ومع هذا ما تزال الدولة وبالتعاون مع شرفاءٍ لا يخلو هذا العالم منهم، تنجح في منع هذا الخناق.

 العدوّ الأقذر من أولئك القراصنة القابعين في البحار، هو الفاسد الموجود هنا على الأرض الذي لا يخجل من نهب هذه المشتقات واحتكارها واستغلال حاجة الناس إليها ليبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ويساهم هؤلاء الفاسدين إلى حدّ كبير باشتداد الأزمة والاختناق، ويبثّون ضبابهم حول إجرامهم وعملياتهم الفاسدة ليُبعدوا الشبهات عنهم ويلصقونها بأيّ كان .. فلا يهمهم بمن تلتصق .. بالدولة أو بالأفراد أو المؤسسات .. لا يهم وليكن ما يكون .. !

في هذا السياق نعود إلى مهام وصلاحيات لجان المحروقات في المحافظات، المعنية بتنظيم عمليات توزيع المشتقات النفطية، ومنع المخالفات وملاحقتها، فمن الواضح أنها عن قصدٍ أم عن غير قصد ليست حتى اليوم موفقة في أدائها، وستبقى هكذا إلى أن تستطيع إغلاق منافذ السوق السوداء، ومنع التجاوزات التي تحصل يومياً وفي كل ساعة على محطات الوقود، وهاتين الناحيتين ( السوق السوداء والتجاوزات ) هما السبب الأساسي باستفزازات الناس، فلا نشك بأن الكثيرين يتفهمون الصعوبات التي تواجهها الدولة في تأمين المشتقات النفطية، غير أنهم ليسوا مستعدين لتفهّم هذا الفساد الفاقع بتلك الناحيتين .. ومعهم حق، فصعوبة الانتظار يمكن أن تُحتمل إن كانت على الجميع، ولا نعتقد أن أحداً يعترض على ذلك إن كان أي شخص يشعر فعلياً أن مثله مثل غيره، ولكن هذه المفاضلات والتفضيلات والاحتكارات سرعان ما تقلب الصورة رأساً على عقب وتختلط الأمور.

في هذه الأيام يكاد أن يسود مصطلح بأننا ( بلد الطوابير ) وهذا توجّه مؤلم في الحقيقة ينسينا حتى أنفسنا .. ولعل هذا ما يريده الأعداء أن يوصلونا إليه، وهم عاجزون عن إيصالنا إليه، فنحن لا ننتظر أي استدلالاتٍ منهم، وندرك جيداً أننا بلاد الصبر والمجد والتضحية وبلاد الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل كرامة هذه البلاد.

هكذا يفعل الفاسدون فعلهم في خلط الأوراق، ويغيّرون مسارات الحياة .. وإن كان علينا جميعاً أن نحاربهم بقوة .. فعلينا جميعاً أيضاً أن نكون حذرين من مصطلحاتهم ولا ننسى حقيقة ما نحن عليه.  

هامش : سورية بلد الشهداء الذين قضوا من أجل رفعة الوطن ووحدته ومن أجل تحصين الدولة و المجتمع ..

 



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=184880

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc