هل أحمل مسدساً ..؟
01/09/2020



في مواجهة الظواهر الاجتماعية التي أفرزتها الحرب، سأظل متمسكاً بقناعتي أنني كمواطن ليس عليَّ أن أحمل سلاحاً, فالدولة هي المعنية بحمايتي.
كتب زياد غصن
رغم أنني من بلدة اشتهر الكثير من أفرادها لسنوات مضت بحمل السلاح والتهريب، إلا أنني لم أكن يوماً على وفاق مع هذه الظاهرة، سواء أكان السلاح مرخصاً أم غير مرخص..
وهذه القناعة لازمتني حتى في أصعب الظروف عندما كانت حياتي مهددة، وكان كل المحيط الاجتماعي والرسمي ينصحني بحمل قطعة سلاح للدفاع عن نفسي، فالغدر برأيي لا يمكن لسلاح أن يمنعه إلا إذا تدخل القدر..
ويذكر بعض الزملاء، ممن عملنا معاً في فترة ما، أياماً وحوادث لا تنسى من التهديدات والمخاطر المختلفة.
اليوم، وبعد مضي تسع سنوات من الحرب الكارثية وعودة سيطرة الدولة على معظم المناطق، أسأل نفسي: هل يمكن لقناعتي تلك أن تتغير في الفترة القادمة؟
هناك ثلاثة أسباب جوهرية تدفعني لطرح هذا السؤال:
– أولى هذه الأسباب أن الوضع الاقتصادي المتدهور أفرز ظاهرة اجتماعية خطيرة، تتمثل في زيادة عدد جرائم السرقة والقتل وغيرها، والحالات الجرمية التي وقعت خلال الفترة الماضية تؤكد أن ما حدث له علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي السائد..
صحيح أنه تم الكشف عن العديد من مرتكبي هذه الجرائم، لكن ماذا يفيد هذا في حالة فقدان أرواح أو عدم القدرة على إعادة الحقوق لأصحابها؟
-ثاني الأسباب يتعلق بانتشار ظاهرة “التنمر” الفردي والذي تمارسه شريحة اجتماعية تعتقد بحكم وظيفتها أو موقفها خلال الأزمة أنها أصبحت فوق القانون والدولة، وأنه يجب أن تفرض سطوتها ونفوذها في البناء أو الحي أو المنطقة.. وحتى أثناء قيادة السيارة داخل المدينة أو خارجها!
-ثالث الأسباب يتمثل في الخطر الذي يشكله بعض الأشخاص الذين انخرطوا في اقتصاديات الحرب (تعفيش- تجارة مسروقات.. إلخ) وعاشوا بفعل ذلك أياماً من البذخ واللهو بعد سنوات من الفقر والحاجة. هؤلاء الأشخاص الذين تنحسر أعمالهم اليوم تدريجياً مع انحسار الحرب عن مناطق واسعة، سوف يبحثون عن مصدر جديد للمال ليحافظوا على لهوهم وبذخهم، وبالتأكيد لن يكون هناك أسهل من السرقة والنشل والتعدي على حقوق وممتلكات الآخرين..
وأعتقد جازماً أن هذه الأسباب تقلق أيضاً معظم شرائح المجتمع وتجعلها تخاف على أمنها، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على جوانب الحياة العامة في البلاد، فالأمن الاجتماعي لا يقل أهمية عن الأمن السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي..
مقاربة الحكومة لهذه المخاطر تنطلق من خطوة باتت معتادة، وهي التركيز على نتائج عمل الوحدات الشرطية، وتنسى أن ما قبل عمل تلك الوحدات ثمة جهود وخطوات كثيرة يجب أن تتخذ لتخفيف حدة الظواهر الاجتماعية السلبية ومحاصرة أسبابها. فمنذ عقود طويلة، والقبض على المجرمين وسجنهم أو إعدامهم لم يتوقف، إنما ذلك لم يقض على الجريمة أو يحد من ارتكابها!
وربما لاحظ المتابعون للعمل الحكومي أنه مقابل عشرات الاجتماعات والورشات المتعلقة بالشأن الاقتصادي والخدمي لم تعقد ورشة عمل واحدة موسعة ومعمقة لمناقشة ظواهر الحرب الاجتماعية وأسبابها ونتائجها وسبل مواجهتها..!
فالعمل على منع وقوع الجريمة أو الحيلولة دون زيادة معدلاتها يبقيان مهمة متقدمة على الإجراءات القانونية اللاحقة لوقوع الجريمة.. وهي بالتأكيد مهمة تتحمل مسؤولية تنفيذها كل مؤسسات الدولة والمجتمع ضمن إستراتيجية واضحة ومحددة.
وإلى أن يحدث ذلك، سأظل متمسكاً بقناعتي أنني كمواطن ليس عليَّ أن أحمل سلاحاً, فالدولة هي المعنية بحمايتي



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=183928

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc