تحدّثت تقارير إعلامية سورية عن لقاءٍ جمع مسؤولين أميركيين رفيعين، برئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، في دمشق خلال شهر آب الماضي، مؤكدة ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن تلك الزيارة، أمس الأحد.


ونقل موقع صحيفة «الوطن» المحلية عن مصادر سورية وصفها بـ«واسعة الاطّلاع» تأكيدها أن المسؤولين بحثوا خلال الزيارات عدة ملفات، بينها ملفا «المختطفين الأميركيين» والعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

ووفق الصحيفة، فإن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لشؤون المخطوفين روجر كارستينس، ومساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، كاش باتيل، اجتمعا بمملوك وناقشا «سلة واسعة من المسائل حملت جملة من العروض والطلبات».

كذلك، قالت مصادر الصحيفة إن هذه «ليست الزيارة الأولى لمسؤولين أميركيين بهذا المستوى الرفيع، وسبقتها ثلاث زيارات مشابهة إلى دمشق خلال الأشهر والسنوات الماضية».

لا تفاؤل في دمشق

قالت الصحيفة إن الجانب السوري رفض نقاش ملف العقوبات وغيره، قبل «ملف الانسحاب الأميركي» من الأراضي السورية، مضيفة أن المسؤولين الأميركيين حاولوا فتح ملف «المختطفين» وبينهم الصحافي أوستن تايس، ولكن دمشق تمسّكت بأولوية مطلب الانسحاب الأميركي.

وتستخدم الرواية الرسمية السورية، مصطلح «المختطفين الأميركيين» للحديث عن حاملي الجنسية الأميركية الذين تقول واشنطن إنهم معتقلون لدى دمشق.

وفي رواية نشرتها «الوطن» استناداً إلى «معلومات»، فإن تايس «ليس صحافياً، بل عميل متعاقد مع الاستخبارات الأميركية (...) دخل الأراضي السورية بطريقة التهريب». كذلك، فإن هذه الرواية تقول إن تايس «اختفى في الغوطة بظروف غامضة ولم يُعرف مصيره حتى الآن، وترجّح المعلومات أن يكون اختفاؤه ناجماً عن صراع جماعات متطرفة».

وفي انعكاس لنظرة سلبية من دمشق تجاه خطوات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قالت مصادر الصحيفة إن دمشق «لا تثق» بهذه الزيارات أو «بنتائجها المحتملة»، لكونها «تدرك تأثير اللوبيات الأميركية على الرؤساء الأميركيين وقراراتهم وسياساتهم العامة».

حراكٌ إعلامي

أول الأحاديث الأميركية عن زيارات مسؤولي إدارة البيت الأبيض لدمشق، جاء عبر «وول ستريت جورنال» أمس الأحد، إذ قالت إن باتيل زار دمشق في مسعى لتأمين «إطلاق سراح أميركيين على الأقل يعتقد أن الرئيس بشار الأسد احتجزهما»، على حد تعبير الصحيفة.

ولم تكشف مصادر الصحيفة الأميركية عن هوية المسوؤلين السوريين الذين استقبلوا نظراءهم الأميركيين، إلا أنها قالت إن المسؤولين يأملون في أن تسفر «الصفقة» إلى «إطلاق سراح» تايس والعامل لدى «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» مجد كم ألماز (اختفى في سوريا في عام 2017).

ورفضت متحدثة باسم وزارة الخارجية التعليق للصحيفة؛ ولم يردّ مسؤولو البيت الأبيض على طلبات مماثلة أيضاً، ولا البعثة السورية لدى الأمم المتحدة.

توقيت انتخابي؟

تشير التقارير الإعلامية التي تحدثت عن الجهود الأميركية في هذه القضية، إلى الاهتمام الكبير الذي أولاه ترامب لإتمامها سريعاً.

فقد سبق لترامب أن خصّ ملف تايس بخطابات وبيانات عدّة، كما أنه وجّه رسالة خاصة إلى نظيره السوري بشار الأسد، في نيسان الماضي (الذكرى السنوية الثامنة لفقدان أثر تايس)، يقترح فيها حواراً مباشراً في هذا الشأن.

وفي الأسبوع الماضي، توسّط مساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، في صفقة تبادل أدت إلى إطلاق سراح أميركيين اثنين كانت جماعة «أنصار الله» قد احتجزتهما في اليمن، في مقابل الإفراج عن أكثر من 200 من عناصر الجماعة الموجودين في سلطنة عمان.

ووفق «وول ستريت جورنال» تحاول إدارة ترامب الضغط على فنزويلا للإفراج عن ستة مدراء يعملون في قطاع النفط، محتجزين منذ عام 2017، إلى جانب أميركيين آخرين اعتقلا في أيار بعد دخولهما فنزويلا للمشاركة في محاولة انقلاب للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو.

وساطة لبنانية؟

خلال زيارة المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس ابراهيم، لواشنطن الأسبوع الماضي، التقى الأخير كلاً من مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض روبرت أوبراين، ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، ووكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل؛ وتضمن النقاش وفق تقارير إعلامية أميركية، ملف «الأميركيين المحتجزين في سوريا».

وسبق للّواء ابراهيم أن لعب دوراً وسيطاً بين دمشق وواشنطن، العام الماضي، لتأمين الإفراج عن الأميركي سام غودوين، الذي أوقف في سوريا لأكثر من شهرين خلال رحلة كان يقوم بها إلى عدد من البلدان.

وبينما أكّد إبراهيم في حديث لوسائل إعلام خلال الزيارة، أنه يأمل في العمل على إطلاق سراح المزيد من المحتجزين في إيران وسوريا، رفض إعطاء تفاصيل جديدة حول ملف تايس، بالقول إنه «لا توجد تأكيدات حول وضعه».