يزداد سعد الحريري ثقة بأن تأجيل الاستشارات النيابية لن يسهم سوى في تأخير تكليف تأليف الحكومة أسبوعاً واحداً. كل المعطيات تصب في صالح تكليفه، بعدما لم يتمكن معارضوه من فرض أي خيار بديل. لكن إنجاز التكليف لن يعني أن التأليف سيكون سهلاً. ذلك حساباته مختلفة، ورئيس الجمهورية لن يسمح بكسر جبران باسيل مرتين، كما لن يسمح حزب الله في إطلاق يدي الحريري لوضع برنامج الحكومة بما يناسبه
بعد
يومين من تأجيل الاستشارات النيابية، علّ التأجيل يعيد خلط أوراق التكليف،
كما كان يأمل التيار الوطني الحر، تبيّن سريعاً أن الأمور لم تتغير.
«القوات» كانت تمنّي النفس بالنتيجة نفسها أيضاً. وبحسب المعلومات، فقد
رفضت في ليلة تأجيل الاستشارات الخروج ببيان تسعى فيه إلى إحراج جبران
باسيل من خلال التأكيد أنها ترفض التأجيل. ما رجّح هذه الخطوة كان الرهان
على اعتذار الحريري. لكن سرعان ما أبدى الأخير تمسكه بترشيحه، واثقاً من
أنه الفرصة الأخيرة لإطلاق مسار الدعم الدولي، الذي قد يوقف الانحدار نحو
الهاوية.
بدوره، حسم التيار الوطني الحر موقفه باكراً، مؤكداً أنه لن
يغيّر رأيه من الاستشارات. وهو لن يسمّي الحريري، حتى لو اتصل بباسيل أو لم
يتصل. مع ذلك، تؤكد مصادر متابعة أن باسيل لم يستسلم بعد. مصادر متابعة
تشير إلى أنه يسعى خلال الأيام الفاصلة عن موعد الاستشارات، الذي صار صعباً
على رئاسة الجمهورية تحمّل تبعات تأجيله مجدداً، إلى إقناع حلفائه بقطع
الطريق على الحريري، وتسمية جواد عدرا أو جمال كبي لتأليف الحكومة. حزب
الله يرفض السير بخيار كهذا. يدرك سلفاً أنه سيكون محكوماً بالفشل، أسوة
بتجربة حكومة حسان دياب، التي لم تستطع جمع الداخل ولا كسب دعم الخارج.
ولذلك يدرك الحزب أن التفاهم مع الحريري قد يكون الخيار الأفضل في هذه
المرحلة، من دون أن يعني ذلك أنه حسم أمره بتسميته في الاستشارات. أما
الحريري، فيدرك سلفاً أن الحزب لن يعرقل عمله، كما يدرك أن الأكثرية
النيابية مضمونة له، مع حصوله على أصوات كتلته، إضافة إلى أصوات كتل:
التنمية والتحرير، اللقاء الديموقراطي، اللقاء التشاوري، المردة، الطاشناق
(أعلن النائب أغوب بقرادونيان أن الحزب سيتخذ قراره غداً ولن يكون بالضرورة
متوافقاً مع موقف تكتل لبنان القوي)، إضافة إلى نواب مستقلين.
السير
بالاستشارات وتكليف رئيس الجمهورية لسعد الحريري بتأليف الحكومة سيكونان
تجاوزاً لمعضلة أولى. التأليف بحسب كل المعطيات لم يكون سهلاً. رئيس
الجمهورية، الذي يملك التوقيع الثاني على التشكيلة، سيسعى إلى تعويض ما
خسره التيار الوطني الحر من رصيده في مفاوضات التكليف. وحتى إذا أعلن
التيار أنه سيكون خارج الحكومة، فإن أحداً لا يشك في أن باسيل ستكون له
اليد الطولى في اختيار الوزراء الاختصاصيين من الطائفة المسيحية، وإن اعتبر
هؤلاء من حصة رئيس الجمهورية.
القوات والتيار خسرا الرهان على انسحاب الحريري
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=110&id=184876