هل تحتاج سوريا لاستيراد عمال لإعادة الإعمار؟
22/12/2025



سرياستيبس

بين الركام الذي خلّفته آلة دمار النظام البائد لا تقف معضلة الإعمار عند الإسمنت والتمويل فقط، بل عند السؤال الأصعب: من سيعيد البناء؟ فمع اقتراب الحديث الجدي عن إعادة الإعمار، تتكشف فجوة خفيّة لكنها حاسمة في سوق العمل السوري، فجوة الكفاءات والعمالة الماهرة التي هُجّرت قصراً إلى دول الاغتراب، التي قد تتحول إلى أحد أكبر التحديات أمام أي انطلاقة حقيقية للاقتصاد.

أكد خبير التقييم العقاري الدكتور أنور وردة أنه إذا انطلقت عملية إعادة الإعمار انطلاقاً حقيقياً، فالسوق سيمتص معظم الكفاءات: المهنية والفنية والإدارية وغيرها. مضيفاً: أما العمالة الماهرة فهناك معاناة في العثور عليها منذ ما قبل تحرير سوريا من النظام البائد، لأن الهجرة والتهجير والتشريد وما رافق مرحلة الثورة من اعتقالات ووفيات، أدت إلى نقص حاد فيها، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع أجورها لشدة الطلب عليها، الأمر الذي أجبر كثيراً من أصحاب العلاقة (المهندسين والمقاولين ومالكي العقارات) على اللجوء إلى عمالة من الدرجات الثالثة والرابعة.

ويرى وردة أنه يمكن استدراك النقص بتشجيع الشباب على التوجّه إلى المدارس والمعاهد المهنية، فهي توفّر التدريب العملي، وترفد السوق بكوادر مؤهلة شابة قادرة على العطاء المستدام، ويتجلى هنا الدور المحوري للدولة في تنظيم هذا المسار، من خلال ربط التعليم المهني بحاجات السوق، ووضع أطر قانونية تحمي جودة العمل وحقوق العمال، بما يضمن استدامة فرص العمل لا مرحليتها فقط.

وأضاف قائلاً: إلى جانب ذلك، يمكن العمل على نقطتين: محاولة استعادة الكفاءات المُهجّرة من بلاد الشتات بمنحها تسهيلات مغرية تقنعها بالعودة إلى الوطن، وهذه نقطة صعبة إلى حد بعيد، لأن من الصعب إقناعها بترك البلاد التي يتوافر فيها العيش المعقول والخدمات الوفيرة، والقدوم إلى بلد (مريض ويتعافى)، فمن أسّس عملاً ناجحاً وحياةً مُستقرّة في بلد ما، يصعب عليه أن يعاود التأسيس، وخاصة بعد أن تقدّم في العمر من جهة، وتشعّبت حياته الاجتماعية وحياة عائلته من جهة أخرى.

أما النقطة الثانية فيرى أنه يُغطّى جزء من النقص باستقدام العمالة الأجنبية، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول (كدول الخليج العربي)، لكن هذا سيشكّل تحديّاً قويّاً للعمالة السورية، ويجبرها على رفع مستواها الفني من جهة، وتعديل أجورها من جهة أخرى، وإلا فإن السوق ستمارس سياسة (من أخصب تخيّر).

الوطن



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=204025

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc