نهاية حقبة قيصر: كيف يقرأها الاقتصاديون في سوريا؟
12/12/2025





سيرياستيبس 

أقر مجلس النواب الأميركي فجر اليوم الخميس مشروع قانون موازنة الدفاع الوطني للعام 2026، والذي يتضمن بنداً يلغي عقوبات قانون "قيصر" التي كانت مفروضة على سوريا منذ عام 2019.

وكان مجلسا الشيوخ والنواب أدرجا في نسخة توافقية من قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026 بنداً لإلغاء عقوبات "قيصر" لعام 2019، وهي خطوة ينظر إليها على أنها أساس لإنعاش الاقتصاد وإطلاق عملية التنمية والبناء في بلد يحتاج إلى 216 مليار دولار لإعادة الإعمار وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي.

ويشترط بحسب الوثيقة، تقديم تقارير منتظمة من البيت الأبيض تثبت أن الحكومة السورية تحارب مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتحافظ على حقوق الأقليات الدينية والعرقية داخل البلاد، ولا تتخذ أية إجراءات عسكرية أحادية الجانب وغير مبررة ضد جيرانها، بما في ذلك إسرائيل.

وبعد تصويت مجلس النواب، من المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ على مشروع القانون الأسبوع المقبل، ثم يقدم إلى الرئيس دونالد ترمب ليصادق عليه وبعد ذلك يعد قانوناً نافذاً.

ويذكر أن ترمب أعلن عزمه رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، خلال اجتماعه الأول مع الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مايو (أيار) الماضي بالسعودية وعلقت إدارته العقوبات موقتاً، إلا أن رفع عقوبات "قيصر" الأكثر صرامة بصورة نهائية يستلزم صدور قانون من قبل الكونغرس.

يذكر أن الكونغرس كان أقر قانون "قيصر" خلال الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) 2019 لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد على تهم تتعلق بجرائم حرب ضد المدنيين في سوريا.

حاكم المركزي السوري: إلغاء "قيصر" ذو مغذى اقتصادي مهم
حاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر حصرية كتب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" منشوراً قال فيه "يعد ’قانون قيصر‘ أحد أهم تشريعات العقوبات الجماعية"، معتبراً أن هذا الإلغاء ذو مغذى اقتصادي مهم. 

 مشيراً إلى أن أهم جوانب فرض القانون وإلغائه هي تأثير عقوبات "قيصر" التي أدت إلى تقييد القنوات المصرفية الدولية ورفع كلف التحويلات، مما انعكس على قدرة المصرف في أداء دوره الكامل داخل الاقتصاد الوطني.

وتابع حصرية "ثانياً التحديات في السياسة النقدية، إذ برزت العقوبات صعوبات في إدارة الاحتياطات وتنظيم السيولة، والحد من التقلبات الحادة في سوق الصرف، إضافة إلى ضغوط تضخمية نتجت من اضطرابات التجارة وسلاسل الإمداد".

وتابع "التحويلات والتجارة الخارجية، إذ شهدت التحويلات الواردة من الخارج ارتفاعاً في الكلفة واتجاهاً أكبر نحو القنوات غير الرسمية، وتأثرت التجارة الخارجية نتيجة محدودية التعاملات البنكية المراسلة".

 ورأى حصرية أن رفع العقوبات يخلق فرص مهمة، إذ سيمثل أي تخفيف أو رفع للعقوبات فرصة للمضي قدماً في ربط النظام المصرفي بالأسواق المالية العالمية وتعزيز تدفق الاستثمارات، وتسهيل حركة التجارة والمدفوعات.

وعن الاستعداد للمرحلة المقبلة أكد حصرية أن المصرف سيعمل على تعزيز الإطار الرقابي وتطوير أنظمة الدفع الإلكتروني، وتهيئة المصارف المحلية لعودة العلاقات مع البنوك المراسلة بما يضمن امتصاص التدفقات المالية المحتملة.

وعن تأثير إلغاء قانون "قيصر" على استقرار الليرة السورية، أوضح حصرية أن "المركزي السوري سيركز على تحسين إدارة السيولة وتطبيق أدوات نقدية أكثر فاعلية، وتوسيع استخدام القنوات الرسمية للتحويلات بهدف دعم استقرار سعر الصرف".

وقدم حاكم مصرف سوريا المركزي الشكر إلى السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وتركيا، قائلاً "نتطلع إلى تعاون دولي يدعم إعادة تشغيل القنوات المصرفية، وتقديم مساعدات فنية لرفع كفاءة النظام المالي وتمكين الاقتصاد من الاستفادة الكاملة من تخفيف القيود"، مؤكداً أن المصرف سيتابع دوره المحوري في تعزيز الاستقرار المالي وتسهيل التدفقات الاستثمارية، وتمكين عملية إعادة بناء الاقتصاد الوطني بما يضمن تحقيق النمو والتنمية المستدامة.

القطاع المصرفي السوري إلى ازدهار
مدير "فرنس بنك سوريا" نديم مجاعص أعرب عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد السوري، مؤكداً أن القطاع المصرفي إلى تطور وتوسع خصوصاً مع تنشيط نظام "سويفت" أمام البنوك السورية.

 مشيراً لـ"اندبندنت عربية" إلى أن الازدهار ينتظر القطاع المصرفي السوري كما ينتظر الاقتصاد والمجتمع السوري ككل، متوقعاً انضمام مزيد من المصارف الجديدة إليه، خصوصاً أن عملية إعادة الإعمار قادمة والاستثمارات التي ستضخ إلى سوريا كبيرة ومهمة وتحتاج إلى قطاع مصرفي واسع وكبير وقادر على استيعاب حاجاتها وتخديمها بصورة أمثل، وأكثر توافقاً مع الخدمات المصرفية الموجودة في العالم.

وأكد أن القطاع المصرفي السوري لاعب أساس في مواكبة النمو الاقتصادي المرجو والمتوقع، وبرأيه سوريا مقبلة على ثورة اقتصادية كبيرة، وعادة الدول يكون لديها مشكلة في جذب الاستثمارات وجذب الطلب، أما سوريا فإن القطاع المصرفي لديه تحدي مواكبة الطلب المقبل والمتوقع أن يكون أكبر من قدراته واستيعابه الأولي، إلا أنه أكد أن المصارف السورية الحالية قادرة على المواكبة، خصوصاً أن سياسات المصرف المركزي أصبحت أكثر قدرة على تلبية متطلبات العمل المصرفي ودفعه إلى الأمام.

مجاعص أوضح أن هناك رافعة سياسية دولية تدفع باتجاه بناء الاقتصاد السوري، وهذا ما يفسر اهتمام حكومات وشركات كبرى ومهمة من دول عديدة بالاستثمار والعمل في سوريا.

تحقيق التعافي الاقتصادي المطلوب لسوريا مرهون
من جانبه، اعتبر المتخصص الاقتصادي السوري إيهاب اسمندر أن ما حدث اليوم يمثل منعطفاً تاريخياً فعلياً في السياسة الأميركية تجاه سوريا، فبموافقة الكونغرس على إلغاء عقوبات قانون قيصر ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، يصبح الطريق مفتوحاً للتوقيع الرئاسي لإنهاء العمل بهذا القانون مع نهاية العام الحالي بحسب ما هو مفترض، وفي حال اكتمال الإجراءات ستتاح لسوريا فرص اقتصادية مهمة، بما في ذلك عودة المستثمرين الأجانب وتحريك رؤوس الأموال المتوقفة، وأعلن سابقاً عن جذب استثمارات بقيمة 28 مليار دولار خلال عام 2025 لكن تنفيذها كان يعترضه هذا العائق.

وتابع "أيضاً سيفتح الإلغاء الباب أمام تصدير النفط والغاز واستيراد المعدات الصناعية ويمهد لدمج سوريا في النظام المالي العالمي، مما يمكن المصرف المركزي من أداء مهامه الأساس وإعادة ربط البلاد بشبكة ’سويفت‘ للتحويلات المصرفية".

المتخصص السوري أكد لـ"اندبندنت عربية" أن إلغاء قانون قيصر سيفسح المجال أمام بدء عملية إعادة الإعمار التي تحتاج إليها البلاد بشدة، والتي تقدر كلفتها بأكثر من 216 مليار دولار، مستدركاً "لكن لا بد من الإشارة إلى أن تحقيق التعافي الاقتصادي المطلوب لسوريا مرهون بإصلاحات داخلية وتذليل تحديات أخرى، مثل تطوير البنية التحتية وبناء بيئة استثمارية سليمة ومستقرة".

على الحكومة ترتيب البيت الداخلي
إلى ذلك قال المتخصص الاقتصادي عمار يوسف لـ"اندبندنت عربية" إن إلغاء قانون "قيصر" يعني أن سوريا باتت قادرة على إطلاق عملية إعادة الإعمار والبناء وكل مذكرات التفاهم الاستثمارية التي وقعت طوال هذا العام ستبدأ بالتحول إلى اتفاقات تمهيداً للشروع بالتنفيذ على أرض الواقع، فلم تعد هناك عقوبات تخيف الشركات والأموال ورجال الأعمال من دخول سوريا، والتحويلات المصرفية ستصبح متاحة وأيضاً التقنيات الحديثة والتكنولوجيا ستجد طريقها إلى سوريا من دون عوائق، بمعنى أن حتى الاستيراد سيتغير شكله من الآن فصاعداً ليتحول من سلع استهلاكية وكمالية وسيارات وغيرها إلى مستلزمات إنتاج وطاقة ومعدات تنقيب واستخراج النفط ومحطات توليد كهرباء وطائرات ومعدات بناء حديثة وغيرها"، معتبراً أن الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة السورية التي عليها أن تدرك كيف تدير مرحلة ما بعد قيصر من خلال بناء مناخ استثماري متماسك وملبٍ لتطلعات المستثمرين والشركات، وإنجاز الأمور كافة التي يسأل ويطلبها المستثمر عند الدخول للعمل داخل بلد، مثل القضاء العادل والسريع وإنشاء غرف للتحكيم وتوفير القدر الكافي من المرونة والإجراءات الإدارية المبسطة والقوانين الواضحة غير القابلة للاجتهاد ونظام مصرفي متطور، كل ذلك وما يندرج تحت مسمى الأمن الاقتصادي الذي يجب أن يقترن بتوافر الأمن والاستقرار الداخلي.

متوقعاً أن تجذب سوريا استثمارات مهمة وكبيرة وبعضها سيكون على مستوى إقليمي ودولي وقطاع الطاقة خير مثال، إذ تمكن من استقطاب اهتمام كبرى الشركات في العالم والولايات المتحدة، وقبل أيام كان وفد من شركة "شيفرون" داخل سوريا وأعتقد وحسب المعلومات أنه جرى الاتفاق معها فعلاً على استثمار نفط وغاز الساحل، أيضاً كان هناك وفد من شركة "كونكو" ووفد آخر من وزارة الطاقة السعودية مع أربع شركات.

وأشار إلى أن كل ذلك يدخل ضمن ما يمكن أن نسميه مؤشرات إلى أن سوريا اليوم تعد قبلة الاستثمار، ولا أستبعد أن تتحول سوريا إلى مركز مالي عالمي وأيضاً معبر لخطوط النفط والغاز مع توافر كل الشروط لتحقيق ذلك بدءاً من الموقع التجاري والجغرافي، ومع حاجة الشركات ورجال الأعمال إلى وجهة استثمارية جديدة لأموالهم.

وأضاف "لقد انتهى زمن ’قيصر‘ وانتهت معه عقود من الحصار والعقوبات"، متمنياً أن تتمكن الحكومة السورية من ترتيب البيت الداخلي على أعلى مستوى أمام الاستثمارات والأعمال والأموال".

وتوقع أن تتمكن سوريا من جذب مالا يقل عن 150 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة، كاستثمارات ستتوجه إلى مختلف القطاعات بما فيها البنى التحتية.

اندبندنت عربية 



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=203913

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc