إلى سوريا در ..
اللبنانيون يفتحون 500 شركة في سوريا
سيرياستيببس :
تشكل سوريا فرصة استثمارية رابحة للشركات
اللبنانية الناشئة في مجالات إعادة البناء والتطوير التكنولوجي والاتصالات،
ويطمح رجال الأعمال إلى الحصول على حصة لهم من عملية إعادة الإعمار التي
يقدرها البنك الدولي بنحو 216 مليار دولار أميركي، وتقدر جهات غير رسمية
دخول 500 شركة لبنانية إلى السوق السورية.
تغير المشهد بين لبنان وسوريا
خلال عام بصورة جذرية، إذ في أثناء الحرب السورية كان التجار ورجال المال
السوريون يبحثون عن شريك لبناني من أجل فتح مؤسسة في لبنان بغية تحرير ما
أمكن من مدخراتهم، مما خلق حركة اقتصادية ناشطة في بلاد الأرز، إذ انتشرت
المؤسسات السورية التي تعمل في مجالات عدة، ولا سيما العطور والصناعات
الغذائية والمنزلية، فيما هاجر كبار الصناعيين إلى مصر وتركيا.
أما اليوم، وبعد سقوط نظام الرئيس المخلوع
بشار الأسد، فتشهد سوريا حركة عكسية، إذ بدأت تستقبل مئات الشركات
اللبنانية والعربية، وجميع الباحثين عن استثمار رابح في مختلف القطاعات
الاقتصادية، وفي مقدمها تلك المرتبطة بعملية إعادة الإعمار بفعل الدمار
الكبير الذي طاول سوريا خلال 13 عاماً من المعارك الضارية، إضافة إلى
الشركات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التي يقع على عاتقها وضع الأسس نحو
سوريا المستقبل
إلى سوريا در
ما إن نجح السوريون في تحرير بلادهم، حتى
تنفس اللبنانيون الصعداء، فقد ختمت تلك المرحلة جرحاً عميقاً عمره نصف قرن
بين لبنان وسوريا.
اليوم، تشكل سوريا فرصة رابحة للمستثمرين
اللبنانيين، وتقدر جهات غير رسمية فتح ما يزيد على 500 شركة لبنانية
أبوابها في سوريا، إذ قام هؤلاء بتأسيس مؤسسات جديدة، أو فروع لمؤسسات
موجودة أساساً في لبنان.
وتعد تجربة رستم يمق واحدة من تجارب لبنانية تراهن على الاستثمار في سوريا، فالشاب اللبناني الذي يمتلك شركة لبنانية رائدة
في مجال التقنيات الأمنية وأنظمة المراقبة، قرر تأسيس فرع لشركته
اللبنانية في سوريا، ونقل خبراته التي اكتسبها عبر السنين إلى الجانب الآخر
من الحدود، مستفيداً من النظرة المستقبلية الإيجابية والمشجعة للاستثمار،
ولفت يمق إلى أن الأمر لا يخلو من الصعوبات في إنجاز المعاملات للتأسيس في
سوريا، وهو أمر يشكو منه كثيرون من اللبنانيين بفعل قرار الحكومة السورية
تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل، وفرض رسم دخول وعبور، وفرض الكفالة، وبعض
الشروط المعقدة.
وعبر يمق عن تفاؤله بالدخول إلى السوق
السورية في ظل ما تحظى به التجربة الجديدة من دعم دولي، وبوادر إيجابية على
الأصعدة كافة، وتحديداً الدعم الاقتصادي، وقال "الوضع السوري يبشر
بالإيجابيات، ويدعم طموح الاستثمار في سوريا"، مشيراً إلى أن "وجهة
الاستثمارات اليوم هي المناطق المستقرة التي تنهض بعد ما شهدته من دمار
وحروب في الأعوام الماضية"، وختم يمق "أعتقد أنه عند استتباب الأوضاع،
ستزداد حركة التجارة، وسينشط التبادل التجاري بين البلدين، ونشهد انفتاحاً
اقتصادياً أكبر بين البلدين".
معادلة "رابح رابح"
تقابل المبادرة اللبنانية بتأسيس شركات في
سوريا بالترحاب، وهذا ما يعكسه كلام رئيس غرفة التجارة والصناعة في حلب
محمد سعيد شيخ الكار الذي وضع الدخول اللبناني في خانة الفرصة، "إذ يختزن
اللبناني كثيراً من الخبرات والعلاقات الدولية، وتتجاوز صلاته العالم
العربي إلى أوروبا وأميركا وأفريقيا"، وتحدث المسؤول السوري عن مكسب كبير
ينتظر المستثمرين في سوريا، فهم أمام حالة "رابح رابح"، و"سيلاحظ
المستثمرون أن الفرق سيكون بين الأرض والسماء مقارنة بالأوضاع التي كانت
عليها البلاد في الفترة السابقة". وربط شيخ الكار بين الاستقرار والتعافي
الاقتصادي الذي بدأته سوريا، وهو يحتاج إلى بعض من الوقت، مضيفاً "هناك فرص
اقتصادية متاحة في مختلف القطاعات على المستويات السياحية والزراعية
والصناعية، والبلاد واسعة وفيها كثير من الثروات"، وشدد على أنه يجب "على
المستثمرين التحلي بالجرأة للدخول إلى السوق السورية، لأن الدخول اليوم غير
مكلف، لكنه سيتطلب مزيداً من المال لامتلاك موطئ قدم، إذ يتوقع ارتفاع
أسعار الأراضي الصناعية والعقارات وتأسيس المؤسسات التجارية والمعامل بفعل
زيادة الطلب المتوقعة، ودخول الاستثمارات الكبيرة عربياً وأجنبياً"، وأكد
أن "سوريا ستكون البلد رقم واحد في الاستثمار في حال توطيد الأمن، وحل
المشكلة مع قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، واكتمال التفاهمات السياسية مع
دول الجوار"، وتابع "يمكن الاستثمار في أي قطاع داخل سوريا، فهي بلاد
تحتاج إلى كل شيء، وهي شبه مدمرة، وعملية إعادة الإعمار ستستمر ثلاثة عقود،
ومن المتوقع هجمة من شركات تطوير العقارات ومواد البناء والقطاع التقني".
حركة العودة
كما تشهد سوريا عودة عدد من الصناعيين من
الخارج، وفي السياق أكد الصناعي السوري شيخ الكار "انتقال سوريا من اقتصاد
الحصار والإبادة إلى الاقتصاد المنفتح على المنظومة الاقتصادية العالمية"،
و"سيكون الجميع رابحين، وستتحول سوريا إلى مركز مرور وتصنيع وتصدير بمختلف
أنحاء الشرق الأوسط"، وكشف عن دخول رجال أعمال آسيويين لافتتاح مصانع إنتاج
سيارات في سوريا لتغذية السوق المحلية والمحيط.
وبشر أيضاً باتساع نطاق التحويلات المالية
مع العودة لنظام "سويفت" العالمي، والعمل على تأسيس بنوك أهلية ودولية
وفتح أبوابها من جديد، وتيسير عمليات التحويل وتمويل القطاعين الصناعي
والزراعي، "مما يشكل نقلة عظيمة مقارنة بما عاشته سوريا في حقبة الحرب، إذ
عاش الاقتصاد مرحلة الموت، والصناعي كان ينازع ويلفظ أنفاسه الأخيرة إن على
مستوى تأمين الأسواق للتصدير، أو استيراد المواد الأولية غير المنتجة
محلياً للصناعة، وتأمين التحويلات والمدفوعات والوضع الأمني السيئ، مما أدى
إلى دفع المستثمرين للهرب بسبب انعدام الظروف"، بحسب شيخ الكار الذي انطلق
من تجربة شخصية، إذ اضطر إلى الانتقال وتأسيس مصانع مواد غذائية في تركيا،
قبل العودة حالياً لحلب لتأسيس معمل للصناعات الدوائية.
تكامل لبناني - سوري
تحظى الإدارة الجديدة في سوريا برعاية
عربية ودولية، وتبرز في السياق الحالي سياسة تصفير المشكلات بين سوريا
ومحيطها، فعلى المستوى اللبناني - السوري، تزداد الدعوات إلى فتح صفحة
جديدة بين بيروت ودمشق. وعلى هامش منتدى الدوحة، أكد رئيس الحكومة اللبناني
نواف سلام بدء حقبة التعاون بين البلدين التي بدأت بلقائه مع الرئيس أحمد
الشرع، وزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، وزيارة نائب
رئيس الحكومة اللبناني طارق متري إلى دمشق، وقال "نحن نريد طي الصفحة
الماضية، ووقف مرحلة التدخل في الشؤون اللبنانية، أو حتى دخول أطراف
لبنانية إلى سوريا، والتوجه إلى بناء علاقات جديدة قائمة على الاحترام
المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وتحقيق مصالح البلدين الجارين".
إعادة إعمار سوريا
وتشكل عملية إعادة إعمار سوريا عنصر جذب
إضافياً، إذ يقدر البنك الدولي الكلفة بـ216 مليار دولار أميركي بعد 13
عاماً من الصراع للفترة الممتدة بين عامي 2011-2024، إذ تعرض للضرر نحو ثلث
إجمالي رأس المال في البلاد.
ولفت توفيق دبوسي رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس (لبنان)
إلى أن "سوريا تحولت إلى بيئة جاذبة للشركات اللبنانية بسبب الانتقال نحو
الاستقرار في إطار سياسي واحد يعلن التزامه بالانفتاح على العالم وجلب
استثمارات كبيرة"، مشدداً على "ضرورة التكامل بين البلدين، واستغلال
المرافئ اللبنانية في سياسة الانفتاح بالمنطقة، إذ كان يفترض قيام لبنان
بخطوات استباقية وتوسيع القدرة الاستيعابية لمطاراتنا ومرافئنا والاستعداد
لإطلاق مشروع بناء سوريا الجديدة"، وأكد دبوسي عدم "وجود إحصائية رسمية
دقيقة لعدد الشركات اللبنانية في سوريا، ولكن من المؤكد أن الدعم العربي
والخليجي والدولي يشجع كثيرين لفتح مؤسسات هناك"، وخلص دبوسي إلى أن "أمام
سوريا الجديدة تحديات عدة، في مقدمها الاستقرار السياسي والأمني وبناء
علاقات متوازنة، والتخلص من القيود الاشتراكية والتأقلم مع التوجه التحديثي
وتحرير التجارة، وهو ما نلاحظه من خلال تحديث أسطول السيارات وتخفيف
الرسوم التي كانت تصل إلى 500 في المئة".
اندبندنت عربية
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=203893