عصير البرتقال يسهم في ضبط ضغط الدم وتخفيف الالتهابات
04/12/2025





ينظر معظمنا إلى عصير البرتقال باعتباره عنصراً بسيطاً في فطورنا ومشروباً نشربه بتلقائية من دون تفكير، إلا أن العلماء يكتشفون أن لهذا المشروب اليومي دوراً يتجاوز مجرد إرواء العطش بكثير.

وفي التفاصيل، أظهرت دراسة حديثة أن تناول عصير البرتقال بانتظام يمكن أن يؤثر في نشاط آلاف الجينات داخل خلايانا المناعية. ويسهم عدد من هذه الجينات في ضبط ضغط الدم وتخفيف الالتهابات وتنظيم آلية معالجة الجسم للسكر، وكلها تؤدي دوراً مهماً في صحة القلب على المدى الطويل.

استندت الدراسة إلى بيانات لبالغين تناولوا 500 مل من عصير البرتقال النقي المبستر يومياً لمدة شهرين. وبعد انقضاء الـ60 يوماً، أصبح عدد من الجينات المرتبطة بالالتهابات وارتفاع ضغط الدم أقل نشاطاً.

ومن بين هذه الجينات NAMPT وIL6 وIL1B وNLRP3 التي تنشط عادة عند تعرض الجسم للإجهاد، وانخفض نشاط جين آخر يعرف باسم SGK1، وهو المسؤول عن قدرة الكلى على احتباس الصوديوم (الملح). وتتوافق هذه التغييرات مع نتائج سابقة تفيد بأن شرب عصير البرتقال يومياً يمكن أن يخفض ضغط الدم لدى البالغين الشباب.

ويعد هذا الأمر جديراً بالذكر لأنه يقدم تفسيراً محتملاً لارتباط عصير البرتقال بتحسن صحة القلب في عدد من التجارب. وتبين الدراسة الجديدة أن هذا المشروب لا يقتصر تأثيره في رفع سكر الدم فحسب، بل يبدو أنه يحفز تغيرات طفيفة في الأنظمة التنظيمية للجسم، مما يعمل على تقليل الالتهابات ومساعدة الأوعية الدموية على الاسترخاء.

كذلك، تؤثر المركبات الطبيعية الموجودة في البرتقال، ولا سيما "الهيسبيريدين" - وهو أحد فلافونويدات الحمضيات المعروف بتأثيراته المضادة للأكسدة والالتهابات - ضمن العمليات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم وتوازن الكوليسترول، وكيفية تعامل الجسم مع السكر.

وتتفاوت الاستجابة أيضاً باختلاف حجم الجسم، فقد أظهر الأشخاص ذوو الوزن الزائد تغيرات أكبر في الجينات المرتبطة بالتمثيل الغذائي للدهون، بينما أظهر المتطوعون الأقل وزناً تأثيرات أقوى في الالتهابات.

وضمن سياق متصل، خلصت مراجعة منهجية لتجارب منضبطة شملت 639 مشاركاً في 15 دراسة، إلى أن تناول عصير البرتقال بانتظام يقلل من مقاومة الأنسولين ومستويات الكوليسترول في الدم. وتعد مقاومة الأنسولين سمة رئيسة لمرحلة ما قبل السكري، بينما يمثل ارتفاع الكوليسترول عامل خطر مؤكداً للإصابة بأمراض القلب.
وأظهر تحليل آخر ركز على البالغين الذين يعانون زيادة الوزن والسمنة، حدوث انخفاض طفيف في ضغط الدم الانقباضي وزيادة في البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) – المعروف عادة بالكوليسترول النافع - وذلك بعد أسابيع عدة من تناول عصير البرتقال يومياً. وعلى رغم أن هذه التغييرات تعد طفيفة، فإن أي تحسن بسيط في ضغط الدم والكوليسترول قد يحدث فارقاً جوهرياً عند الحفاظ عليه لأعوام عدة.

وتأتي دلالات إضافية من الدراسات التي تفحص المستقلبات، وهي الجزيئات الدقيقة التي ينتجها الجسم أثناء معالجة الغذاء. فقد وجدت مراجعة حديثة أن عصير البرتقال يؤثر في المسارات المرتبطة باستهلاك الطاقة والتواصل بين الخلايا والالتهابات، وقد يؤثر في ميكروبيوم الأمعاء الذي يتزايد الإدراك لدوره في صحة القلب.
إذ أظهرت إحدى الدراسات أن تناول عصير البرتقال الأحمر لمدة شهر أدى إلى زيادة أعداد بكتيريا الأمعاء التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة. وتساعد هذه المركبات في الحفاظ على ضغط دم صحي وتقليل الالتهابات. وأظهر المتطوعون تحسناً في ضبط سكر الدم وانخفاضاً في مستويات دلالات الالتهاب.

وقد يحظى الأشخاص المصابون بمتلازمة التمثيل الغذائي، وهي مجموعة من عوامل الخطر تشمل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع سكر الدم وزيادة دهون الجسم، بفوائد خاصة.

وضمن دراسة أخرى، أدى تناول عصير البرتقال يومياً إلى تحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية، المعروفة بـ"الوظيفة البطانية" Endothelial Function لدى 68 مشاركاً يعانون السمنة. وتصف هذه الوظيفة مدى كفاءة الأوعية الدموية في الاسترخاء والتوسع، ويرتبط تحسن هذه الوظيفة بانخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
على الجانب الآخر، لا تفضي جميع الدراسات إلى النتائج ذاتها، فقد كشف تحليل أوسع لتركيزات دهون الدم أنه على رغم الانخفاض المتكرر في مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) - الذي يعرف بالكوليسترول الضار - فإن قياسات الدهون الأخرى مثل الدهون الثلاثية والبروتين الدهني عالي الكثافة، قد لا تشهد تغيراً يذكر. ومع ذلك، لا يزال بإمكان الأشخاص الذين يتناولون عصير البرتقال بانتظام جني الفوائد.

فقد كشفت دراسة أُجريت على 129 عاملاً داخل مصنع لعصير البرتقال في البرازيل عن انخفاض تركيزات الأبوليبوبروتين ب (أو apo-B) في الدم، وهو مؤشر يعكس عدد الجزيئات الحاملة للكوليسترول المرتبطة بخطر الإصابة بالنوبات القلبية.

في المجمل، تتحدى هذه الأدلة الفكرة القائلة بأن شرب عصير الحمضيات هو مجرد استهلاك للسكر في كوب. ومع أن الفاكهة الكاملة تظل الخيار الأفضل بفضل أليافها، فإن شرب كوب يومي من عصير البرتقال النقي له تأثيرات تتراكم بمرور الوقت.
وتشمل هذه التأثيرات تخفيف الالتهابات وتعزيز تدفق الدم الصحي وتحسين عدد من دلالات الدم المرتبطة بصحة القلب على المدى الطويل، ويعد هذا تذكيراً بأن الأطعمة اليومية قد يكون لها تأثير في الجسم أكبر مما قد نتوقع.



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=144&id=203853

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc