أزمة صامتة تكبر في الشارع.. 2100 طفل متسوّل في دمشق وريفها
03/12/2025




سيرياستيبس

افترش الطفلان محمد “5 سنوات” وأخوه لؤي “3 سنوات” الرصيف يتسوّلان تحت قوس حي القنوات بدمشق، في مشهد يعكس أزمة مجتمعية عميقة، تتطلب بحثاً ومتابعة ومقاربة حكومية لمواجهة هذه الظاهرة التي بدأت بالانتشار بشكل متزايد.

بدورها أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وضمن خطتها الوطنية لمعالجة ظاهرة التسول، في 30 تشرين الثاني2025 حملة ميدانية لمكافحة التسول، تركزت في محيط جسري الحرية وفيكتوريا وساحة الأمويين والشامي، بالتنسيق مع وزارات الأوقاف والداخلية والدفاع المدني ومحافظتي دمشق وريفها، وبمشاركة متطوعين وأختصاصيين يملكون خبرات في التعامل مع حالات التسول، إضافة إلى داعمين نفسيين، بهدف إقناع الأطفال أن الشارع مكان غير آمن، وأن هناك مراكز آمنة لاستقبالهم وتأهيلهم بعيداً عن العنف والقوة.

وفي تصريح لـ “الثورة السورية”، أكدت رئيسة مكتب مكافحة التسول والتشرد بدمشق خزامى النجاد أن الإحصائيات تشير إلى وجود نحو 1200 حالة تسول في دمشق، ونحو 900 في ريفها.

تم تدريب الكوادر البشرية المشاركة في الحملة، وتجهيز ثلاثة مراكز جديدة لرعاية المتسولين، في منطقة باب مصلى بدمشق ، الأول مخصص لاستقبال الإناث من عمر 4 إلى 18 سنة بطاقة استيعابية 90 حالة، الثاني لاستقبال العائلات بطاقة استيعابية 40 حالة، والثالث في مدينة الكسوة بريف دمشق، بحسب النجاد.
نتاج طبيعي للتشرد

على مقربة من الطفلين، محمد ولؤي، يتراكض خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعاشرة عند إشارة مرور المجتهد، البعض يعطيهم نقود، وآخرون يغلقون نوافذ سياراتهم لقناعتهم أن الأطفال ليسوا بحاجة، بل اتخذوا التسول مهنة تدرّ عليهم أموالًا.

وفي مدخل أشرفية صحنايا في ريف دمشق، تتغير الصورة: فالأطفال المتسولون يحترفون المهنة، ويعرفهم أبناء البلدة جيدا، وعندما تكون «غلتهم» اليومية قليلة، يلجؤون إلى جمع القمامة بحثاً عن الكرتون والبلاستيك لبيعها للمعامل.

وفي قراءة لظاهرة “تسول الأطفال”، ترى الدكتورة رشا شعبان، أستاذة كلية الآداب بجامعة دمشق، أن الظاهرة ليست جديدة، بل هي مخرجات طبيعية لأربعة عشر عاماً من الحرب وما خلفته من أسر منهكة وأطفال بلا آباء أو أمها.

وتحذر شعبان خلال حديثها لـ “الثورة السورية” من النظر إلى الظاهرة كأمر طبيعي، مؤكدة أنها خطيرة جداً، إذ تستغلها شبكات منظمة للاتجار بالأطفال، تجمع الأموال منهم نهاية اليوم، ولا يمكن فصل التسول عن التشرد، لأن كليهما يؤدي إلى الآخر.

وتوضح شعبان أن الظاهرة تخلّف أمراضاً اجتماعية خطيرة، مثل تعاطي المخدرات، والانحرافات والممارسات غير الأخلاقية، مؤكدة أن “طفل الشارع” قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة على شكل جريمة أو سرقة.

البحث في جذورها وأسبابها

تشدّد الدكتورة شعبان على ضرورة تعاون الوزارات كافة عبر آلية ربط وتشبيك أفقي، لتحليل الظاهرة وفهم جذورها وأسبابها وطرق معالجتها، فلا يمكن لوزارة الشؤون الاجتماعية أن تعمل منفردة دون التنسيق مع وزارات الداخلية، والثقافة، والتربية.

ولابد من “دراسة الأسباب الحقيقية للظاهرة، وأبرزها التسرب المدرسي وعدم محاسبة الأهل، وإيجاد شرطة متخصّصة بمتابعة أطفال الشوارع، مع ضرورة برامج التوعية في الجوامع والمراكز الثقافية”.
خطة وطنية لمواجهتها

أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بالتعاون مع محافظتي دمشق وريف دمشق وعدد من الوزارات والمنظمات غير الحكومية، حملة ميدانية لمعالجة ظاهرة التسول في المحافظتين.

وتستمر الحملة ثلاثة أيام، وتهدف إلى مكافحة تسول الأطفال وحمايتهم من الاستغلال من خلال فرق تطوعية تقوم بجولات ميدانية وتوجّه الأطفال إلى مراكز آمنة لإبقائهم مدة تتراوح بين ستة أشهر وعام، إلى جانب تمكين ذويهم.

وأكد العقيد أحمد محمد دغمة من وزارة الداخلية تشكيل غرفة طوارئ تضم مندوبين من مختلف الوزارات، وتكليف مديريات الأمن بتقسيم العمل إلى قطاعات بالتعاون مع المجتمع المدني، خلال حديثه لـ” الثورة السورية”.
مراكز للإيواء والتأهيل

تشمل الخدمات التي تقدمها المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل: الإيواء، إدارة الحالة، الدعم النفسي وتعديل السلوك، التدريب المهني للفئة العمرية بين 15 و18 عاماً، والرعاية الصحية عبر وجود أطباء داخل المراكز، إضافة إلى خدمات قانونية للأطفال مكتومي القيد، وتعليم الأطفال المتسربين من المدارس، وفقاً للنجاد.

وتشير النجاد إلى أن مدة الإقامة تتراوح بين 6 أشهر وعامين، يخضع خلالها الطفل للتأهيل وتعديل السلوك، مع تمكين الأهل اقتصادياً واجتماعياً، كما يتم تخصيص مختص لكل 20 حالة، مع متابعة لاحقة بعد خروج الطفل لضمان عدم عودته إلى الشارع.

ويُذكر أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات ناقشت منتصف تموز الماضي مع ممثلين عن عدة وزارات خطة وطنية لمعالجة الظاهرة، كما عقدت لجنة معالجة التسول اجتماعها الأول في 7 أيلول الماضي لبحث استعدادات إطلاق حملة وطنية للحد من انتشار التسول وتعزيز آليات الحماية والتأهيل.

الثورة



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=203828

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc