تزايد الاعتماد على الدولار في سوريا.. الاقتصاد المحلي مأزوم..
09/11/2025




 

  كتب وديع فايز الشماس:

في الأشهر الأخيرة، شهدت الأسواق السورية تحولاً متسارعاً نحو اعتماد الدولار الأمريكي في عمليات البيع والشراء، بدلاً من الليرة السورية. هذا التوجه الذي أفرزته الظروف الاقتصادية الصعبة، أصبح اليوم ظاهرة تمتد من أسواق العقارات والسيارات إلى التجارة والتجزئة وحتى بعض المهن الحرة. فكيف يؤثر ذلك على الاقتصاد المحلي؟ وما هي النتائج المترتبة على “دولرة” التعاملات داخل البلاد؟

اولا : تراجع الثقة بالليرة وتآكل الدور الاقتصادي المحلي

أولى الانعكاسات وأكثرها خطورة تتمثل في تراجع الثقة بالعملة الوطنية. فكلما قلّ استخدام الليرة في المبادلات التجارية، فقدت قيمتها السوقية، وتحوّل الدولار إلى الملاذ الأكثر أماناً للأفراد والتجار.

 النتيجة:

– ضعف التأثير الاقتصادي للسياسات الحكومية
– انكماش السيولة بالليرة
– مزيد من الضغوط على سعر الصرف

ثانيا : ارتفاع الأسعار وتفاقم التضخم

تسعير السلع والخدمات بالدولار يخلق موجة متصاعدة من التضخم، خصوصاً مع تقلبات السوق السوداء. تتغير الأسعار باستمرار بما يتناسب مع سعر الصرف، ما يجعل المواطن غير قادر على التكيّف مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.

  النتيجة:

– انخفاض القدرة الشرائية للرواتب والأجور
– تآكل الطبقة الوسطى واتساع رقعة الفقر

ثالثا : إضعاف الاقتصاد المحلي وتهريب رأس المال

عندما تصبح العملة الأجنبية هي المحرك الأساسي للتجارة، يفقد الاقتصاد الوطني جزءاً كبيراً من قوته الداخلية. فالتاجر الذي يتعامل بالدولار يسعى دائماً لتحويل أرباحه إلى الخارج أو الاحتفاظ بها كعملة صعبة.


 النتيجة:

– تراجع الاستثمار المحلي
– زيادة الاعتماد على الاستيراد
– استنزاف ما تبقى من الاحتياطي النقدي

رابعا : السوق السوداء.. اقتصاد موازٍ يتحكم بالأسعار

الطلب الكبير على الدولار خلق سوقاً موازية باتت تتحكم في قيمة الليرة أكثر من الجهات الرسمية، الأمر الذي يضعف قدرة الدولة على ضبط الآليات الاقتصادية.

 النتيجة:

– فوضى في حركة الأسعار
– فقدان الحكومة لجزء من السيطرة على النشاط التجاري

خامسا : تأثير اجتماعي خطير اتساع الفجوة بين الطبقات

من يملك الدولار اليوم يملك القدرة على العيش والاستثمار، بينما أصحاب الدخل المحلي يعانون من ضعف غير مسبوق في تأمين احتياجاتهم الأساسية.

 النتيجة:

– خلل اجتماعي واضح
– تراجع فرص النمو والتنمية البشرية

ما الحل؟ إعادة الاعتبار للاقتصاد المحلي

تقليل الاعتماد على الدولار لا يمكن أن يتحقق فقط عبر القوانين أو الإجراءات الرقابية، وإنما من خلال:

– تحقيق الاستقرار النقدي وتحسين إدارة سعر الصرف
– تشجيع الإنتاج المحلي ونمو الصادرات
– دعم القطاعات الحيوية لتوليد العملة الأجنبية
– إعادة بناء الثقة بالليرة السورية لدى المواطنين والمستثمرين

خلاصة
دولرة السوق السوري ليست مجرد ظاهرة نقدية، بل مؤشر على أزمة اقتصادية عميقة
استمرارها يعني مزيداً من التضخم وتهالك البنية الإنتاجية المحلية

وحتى يعود الاقتصاد الوطني إلى التعافي، لا بد من معالجة الأسباب الجذرية التي دفعت المجتمع للابتعاد عن العملة الوطنية، وإعادة تثبيت الليرة كركيزة أساسية للحياة الاقتصادية في سورية.

الخبير السوري



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=126&id=203547

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc