بلد فقير .. ام فشلٌ في إدارة موارد الدولة ...
في الحالتين الفقر يتحدى و الجوع يتربص بالناس ..
سيرياستيبس
كتب الاعلامي أسعد عبود :
يقول المفكر الأميركي الطاعن في السن " نعوم تشومسكي 95 عاما " : لا يوجد
شيء اسمه بلد فقير ، يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد ..
الكلام يوحي بالثقة و إن كان إطلاقه على عواهنه ، يخلق فيه بعض التطرف ،
ولا سيما من ناحية الاقتصاد المقارن لبلد ببلد آخر ..
بالأساس تثبت تجربة
العديد من دول العالم في التنمية و التطوير الاقتصادي صحة ما توجه إليه تشو
مسكي ، ولا سيما أنه يبنيها على أساس النظرة للفقر .. أي بلد في العالم
مهما كانت موارده محدودة يستطيع أن يتجاوز مطب الفقر إن أحسن إدارة موارده .
و يستطيع أن ينافس على صدارة الانتاج و النمو الاقتصادي حين يبدع في
الإدارة العلمية لموارده ، و المثال الحي بين أيدينا هو التجربة اليابانية
الخارقة و التي لم تعتمد على فورة و طوفان الموارد .. بل على التميز
الحقيقي في إدارة ما لديها ..
هل صحيح أننا في سوريا قد بدأنا الإمساك بمواردنا بهدف تطويرها و الابداع
في استثمارها ..؟
بصراحة .. لا أبداً غير صحيح .. هناك محاولات و ظلال لنيات طيبة ، لكن لا أحد يستطيع أن يجيب على السؤال بنعم .. بل أكثر من ذلك فقد أظهرت التوجهات
العامة للدولة في المرحلة الراهنة أنها بعيدة حتى عن حسن الإحصاء للموارد ،
فكيف بحسن التخطيط و العمل لوضعها في الاستثمار .." الهمروجة " التي
اقمناها لما اعلن عنه من المشاريع الاقتصادية الخلبية المعتمدة بكاملها على
سحر الاستعانة بالأخرين و التي ربما مرتبطة بوعود التمويل الخارجي .. و لم
نتجه بعد بجدارة للقبض على الوعد و تحويله لحقيقة .. على الأقل لا مشاريع
جدية مطروحة يمكن أن توصل متتبعها الى واقع يجسد ذلك .. أو تؤمن لمتتبع
دارس أن يقرأ بصورة جدية تحسن الأمور و وصولها ألى تجسيدها كواقع على الأرض
..
هل نحن بلد فقير بالموارد ؟
ممكن أن نكون .. والكارثة أنّ الأمر غير محدد بالبحث العلمي حتى اليوم ..
واحد يجعلنا في مقدمة الدول الثرية و آخر يكتب اسمنا على قوائم الدول
الفقيرة .. وأينما كان الصحيح .. نحن نواجه تحدي الفقر و نواجه تحدي
الإلمام الكامل الدقيق المنظم بمواردنا .. و هذا يعرضها على وضعها ، كانت
فقيرة أم وفيرة .. إلى الهدر و جعلها مطواعة في أيدي الطامعين و الفاسدين
.. ولذلك يمكن للحكومة أن تظهرنشاطها و همتها و توجهها السليم من خلال
الرصد الاحصائي و المعرفي الدقيق بالموارد الممكنة .. وقد تكون نسبة مهمة
من مشاريع تتجه نيات جاهلة الى تغليفها وجعلها مفلسة و مرتبطة بالادارة
السابقة ، علما أنها تشكل أكثر من مورد في حالة إصلاحها و التوجه لها
بالنيات الطيبة ..
ثم هناك موارد مبعثرة أو قد تبدو هامشية جديرة بالتعامل معها ..
أقول لكم -
و أنا ما زلت في الساحل - أنّ هذه المنطقة تشكل انموذجا حقيقيا لوفرة
الموارد الصغيرة و المتوسطة و الكبيرة المبعثرة و التي تستثمر بشمل سيء ،
بما قد يؤدي الى خرابها مع ضآلة المردود منها .. وإن كنت في مقالاتي
السابقة قد توجهت الى أصحاب الأموال من أبناء المنطقة ، وما زلت عند هذا
التوجه ، إلا أني أرى ضرورة الوجود الحيوي للحكومة أو الدولة بالقراءة و
الدراسة و من ثم التوجه لرسم مخطط مشاريع تناسب المنطقة و مكافحة الفقر
الفظيع الذي يتحدى أبناءها.. وأذكر هنا بالضرورة الملحة لمعالجة مخلفات
الزلزال السابق .. و الحرائق و منها طبعا حرائق هذا العام .. التي أظهرت
كفاءة أبناء المنطقة و شبابها لحماية اراضيهم و الدفاع عنها من خلال دورهم
في إطفاء الحرائق .. و قد اسلفت يوماً عن جدارة اطفاء الحرائق بمشروع
استثماري أجده أجدر من الاستثمار في بناء الابراج ..
As.abboud@gmail.com
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=203246