التقارب السوري اللبناني ينعش الأمل باستعادة الودائع المجمدة
11/10/2025
سيرياستيبس
تُعد قضية الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة. ومع الانفراج السياسي الجديد بين دمشق وبيروت وبدء مرحلة من التعاون الثنائي بعد زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى لبنان، تتزايد التساؤلات حول إمكانية استعادة هذه الأموال التي تمثل جزءاً كبيراً من الثروة الوطنية، وتأثير ذلك على الاقتصاد المحلي. ففهم حجم هذه الأموال وآليات استعادتها، إلى جانب تقييم الأثر الاقتصادي المتوقع، يُعد خطوة أساسية في صياغة سياسات اقتصادية مستدامة.
التقديرات والخسائر الفعلية
الدكتور عبد الرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في جامعة حماة أوضح للوطن أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن حجم الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية يتراوح بين عشرين وأربعين مليار دولار أمريكي، وتشمل ودائع الأفراد والشركات. ومع تفاقم الأزمة المصرفية اللبنانية منذ عام 2019، تعرّضت هذه الأموال لخسائر كبيرة نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وتجميد السحوبات بالدولار، وفرض قيود صارمة على التحويلات.
أما نسب الخسائر الفعلية، فيُرجّح أن تتراوح بين خمسين وثمانين في المئة من القيمة الأصلية للودائع، تبعاً لنوع الحساب وسعر الصرف المستخدم وإجراءات كل مصرف، وسط غياب شبه كامل للشفافية في القطاع المصرفي اللبناني.
استعادة الودائع وآليات التحرك الممكنة
وتوقع أستاذ المصارف أن يفتح التقارب السوري اللبناني الباب أمام تحرك قانوني ودبلوماسي لاستعادة الودائع، من خلال التفاوض المباشر مع الحكومة اللبنانية للتوصل إلى اتفاقيات ثنائية تضمن إعادة الأموال أو جزء منها، أو عبر اللجوء إلى التحكيم أو القضاء الدولي لاسترداد الحقوق المالية. كما يمكن التعاون مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي للضغط باتجاه حل منصف، إلى جانب تفعيل الضغط السياسي والدبلوماسي عبر تعزيز العلاقات الرسمية مع لبنان.
مضيفاً : إن نجاح هذه الآليات يبقى مرهوناً باستقرار الأوضاع السياسية اللبنانية ومدى استعداد المصارف هناك للتعاون.
الأثر الاقتصادي المتوقع
وفي حال نجاح سوريا باستعادة جزء معتبر من الودائع، يرى محمد أن النتائج الاقتصادية ستكون عميقة التأثير. فزيادة السيولة المحلية ستعزز قدرة المصارف على تمويل المشاريع الإنتاجية، كما أن ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية قد يسهم في استقرار سعر صرف الليرة السورية أو حتى تحسنه. واستعادة الأموال يمكن أن تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية ودعم القطاعات الإنتاجية، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب إدارة رشيدة لتجنّب ضخ الأموال بطريقة عشوائية قد تسبّب تضخماً جديداً أو اختلالات نقدية.
الإجراءات المطلوبة سورياً
ولضمان توظيف الأموال المستعادة بأقصى فاعلية، يقترح محمد على الحكومة السورية أن تضع خطة اقتصادية شاملة تدمج الأموال في الدورة الإنتاجية من دون إحداث تضخم، مع تعزيز الشفافية والمساءلة لضمان توجيه الموارد نحو التنمية الفعلية. كما ينبغي إصلاح القطاع المصرفي وتحسين كفاءته ليكون قادراً على إدارة التدفقات الجديدة، وإنشاء صندوق سيادي وطني يخصص للاستثمار طويل الأجل، والتعاون مع المؤسسات الدولية لتحقيق الانضباط المالي واستعادة الثقة.
ويرى الدكتور محمد في ختام حديثه أن استعادة الأموال السورية المجمدة تمثل فرصة نادرة لإنعاش الاقتصاد الوطني، لكنها في الوقت ذاته تحدٍّ إداري واقتصادي كبير يتطلب إدارة دقيقة وإصلاحات هيكلية جادة. ويؤكد أن نجاح الجهود مرهون بالتعاون الإقليمي والدولي، وبقدرة الحكومة على اعتماد سياسات مالية رشيدة تضمن أن تتحول هذه الأموال من أرصدة مجمدة إلى رأسمال منتج ينعش الاقتصاد السوري ويعيد الثقة إلى النظام المالي الوطني.
الوطن
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=126&id=203240