الاستيراد يعيد الجدل حول الإنتاج المحلي في سورية
08/10/2025





سيرياستيبس 

وسط أسواق دمشق المزدحمة، وبين أكوام الفستق والحبوب والمكسرات، يختلط التفاؤل بالقلق بين المزارعين والتجار. فقد أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة، أول أمس الأحد، السماح باستيراد الفواكه والثمار القشرية، بما في ذلك اللوز والجوز والفستق الحلبي، باستثناء الطازج منها، وذلك بعد نحو عام من إيقاف استيرادها ضمن جهود لتقليل الاعتماد على الخارج وتشجيع المنتج المحلي.

الإنتاج المحلي هذا العام حمل أخباراً مفرحة للمزارعين، لكنّه لم يبدّد القلق من تأثير الاستيراد الجديد. فقد سجل الفستق الحلبي إنتاجاً قياسياً تجاوز 83 ألف طن، مقارنة بحوالى 55 ألف طن في العام الماضي، فيما بلغ إنتاج الجوز نحو 12 ألف طن. أما اللوز، فحافظ على قيمته التصديرية رغم تراجع ترتيب سورية عالمياً في إنتاجه، لتحتل المرتبة 17 بعد أن كانت في المرتبة السابعة قبل عامين.

في السياق، يرى محمد العقاد، عضو لجنة استيراد وتصدير الخضار والفواكه في سوق الهال بدمشق، أن القرار يمثل خطوة متوازنة بين حماية الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات السوق. وقال العقاد لـ"العربي الجديد" إنّ السماح بالاستيراد سيخلق نوعاً من التوازن في الأسعار، خصوصاً في الفترات التي يشهد فيها السوق تقلباً أو نقصاً في بعض الأصناف مثل الجوز، الذي انخفض إنتاجه إلى النصف تقريباً، وهو ما قد يضر بالمستهلك إذا لم يُتدارك الوضع.

وأضاف أن الهدف ليس المنافسة غير العادلة، بل ضمان استقرار السوق واستمرار القدرة التصديرية للمزارعين السوريين. السماح بالاستيراد يمنحنا مرونة أكبر ويُبقي الأسواق حية ومتنوعة، وهذا يصبّ في مصلحة الجميع، المستهلك أولاً والمزارع ثانياً، كما أشار العقاد إلى أن القرار يمكن أن يشجع المنتجين على تحسين جودة محاصيلهم لتلبية طلب السوق، خصوصاً في ظل المنافسة الدولية.

لكن المزارع مصعب العيسى، من ريف حماة، يختلف معه تماماً، يقول الخمسيني لـ"العربي الجديد" إنّ السماح بالاستيراد قد يضرّ بالمنتج المحلي، خصوصاً عندما تُطرح الثمار الأجنبية بأسعار أقل، ما يضطره إلى تخفيض سعر محصوله أو المخاطرة بعدم البيع، ويضيف: "نحن نزرع ونعتني بالمحاصيل طوال العام، ثم يأتي الاستيراد ليهز ثقتنا بالسوق"، القلق يساور الكثير من المزارعين الذين يعتمدون على كل موسم لتأمين معيشتهم، ويخشون أن تتحول الثمار القشرية إلى سلعة تحت رحمة الأسعار العالمية.



في هذا التوازن الدقيق بين حماية المنتج المحلي وتلبية احتياجات السوق، يظل السؤال الأبرز: هل سيحقق السماح بالاستيراد استقرار الأسعار وتحفيز السوق، أم سيترك أثراً سلبياً على مزارعي الثمار القشرية؟ الأيام المقبلة ستكشف مدى قدرة المزارع السوري على مواجهة منافسة الاستيراد، وإلى أي حدّ ستنجح السياسة الجديدة في الحفاظ على الأسواق المحلية واستقرارها.

وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة قراراً يسمح باستيراد مادة الحبيبات البلاستيكية المجددة، المصنفة ضمن الفصل /39/ من النظام المنسق للتعرفة الجمركية، وأكد ماهر السواح، رئيس لجنة صناعة البلاستيك في غرفة صناعة دمشق وريفها لـ"العربي الجديد"، أن القرار يأتي استجابة لمذكرة رفعتها الغرفة، وسيكون له تأثير مباشر في دعم الصناعيين وتخفيف التكلفة الإنتاجية.

وأوضح السواح أن السماح باستخدام المواد المجددة سيمكن المعامل من إنتاج منتجات بجودات مختلفة تتناسب مع القدرة الشرائية المنخفضة للمستهلك السوري، كما سيساعد على استعادة التوازن في السوق أمام المنتجات المستوردة التي غالباً ما تعتمد على مواد مجددة وغير خاضعة للرقابة. وأشار إلى أن المعامل المحلية واجهت صعوبات في المنافسة بسبب ارتفاع التكلفة ونقص المواد الأولية بأسعار مناسبة، ما أدى إلى ضعف الانتشار المحلي وتراجع فرص التصدير، وأضاف: "كنّا في السابق من الدول المصدّرة، ونأمل أن نعود إلى الصدارة في الأسواق الخارجية بفضل هذا القرار".

يبقى السوق السوري، سواء في مجال الفواكه والثمار القشرية أو الصناعات البلاستيكية، على مفترق طرق بين حماية المنتج المحلي والانفتاح على الاستيراد لتلبية حاجة المستهلك. القرارات الأخيرة لوزارة الاقتصاد والصناعة تعكس محاولة للعثور على هذا التوازن بين دعم المزارعين والصناعيين وضبط الأسعار، وبين مواجهة التحديات الاقتصادية ونقص المواد الأولية. لكن، الأيام المقبلة ستوضح مدى نجاح هذه السياسات في حماية مصالح المنتج المحلي وتحقيق استقرار الأسواق، وفي الوقت نفسه الحفاظ على القدرة التنافسية للقطاعَين الزراعي والصناعي في مواجهة الأسواق الخارجية.

العربي الجديد 



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=128&id=203209

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc