تفاؤل حذر في سوريا.. أرقام الاستثمار المعلنة بين الواقع والوهم
22/09/2025




سيرياستيبس 
كتب ناظم عيد 
تشي المؤشرات الأولية الراشحة عن الأروقة التنفيذية في سوريا، من حيث الشكل على الأقل، بجرعات تعافٍ واعدة أكثر بكثير مما كان يتوقعه مراقبون ومتخصّصون في الشأن التنموي بمختلف مساراته.
فالبيانات الجديدة التي وزعتها وزارة الاقتصاد والصناعة بخصوص أعداد وتوزّع طلبات الاستثمار، تحمل قدراً عالياً من التفاؤل، لكنها لا تلغي مزيج الفضول والتوجّس، والبحث عن الجدية في الأرقام والمعايير .
1389 طلباً
أعلنت الوزارة مؤخراً تلقيها 1389 طلباً لإنشاء معامل جديدة في سوريا منذ بداية العام الحالي تشمل قطاعات موزعة على غالبية المحافظات، تتضمن 381 طلباً لإنشاء معامل مختصة بالصناعات النسيجية، و396 لمعامل الصناعات الكيميائية، و382 طلباً للصناعات الهندسية، و230 طلباً لمعامل الصناعات الغذائية.
تفاؤل حذر
إلّا أن التجارب القديمة في سوريا، لا تسمح بالركون كثيراً للأرقام الأولية التي تنتجها الجهات الرسمية وقطاع الأعمال على حد سواء، خصوصاً في مجال الاستثمار. فثمة فجوة كانت موجودة دائماً بين عدد طلبات الاستثمار وعدد ما حصل منها على تراخيص، ثم بين عدد المشروعات المرخصة والأخرى المنفذة أو التي وُضعت على سكة الإنتاج الفعلي.
وربما هذا سبب عدم إفراط وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار في التفاؤل والتعويل على المجهول، وإن بدا طموحاً في التعبير عن رؤاه المستقبلية خلال الأحاديث والتصريحات المكثفة التي نقلتها عنه وسائل إعلام عربية كثيرة، وبنسبة أقل وسائل إعلام سورية. بل بدا الوزير الشعار شفافاً وصريحاً في معظم مناسبات ظهوره الإعلامي لدرجة “الاعتراف”. فالرجل سبق أن حمل الحقيبة الوزارية عينها التي يحملها اليوم، وربما يحاول تفادي احتمالات الوقوع في منزلق “الشيطان الأخرس” الذي كان يحيق بكل مسؤول تنفيذي في سوريا على مدى عقود طويلة.
الشعار: في زحمة الاستثمارات استطاعت بعض الشركات الوصول لمؤتمر الاستثمار والتقاط صور مع شخصيات هامة، ليتبيّن لاحقاً أنها لم تكن حقيقية وهي مجرد أوهام بواجهة استثمارية.
ومنذ أيام تداولت وسائل التواصل الاجتماعي تصريحاً منقولاً عن إحدى القنوات التلفزيونية بعنوان “الوزير الشعار يعترف بأن بعض شركات الاستثمار وهمية”، وذلك في إجابة على سؤال حول “المشاريع الوهمية” التي طُرحت كأنها مشاريع استثمارية حقيقية، إذ قال بما معناه: في زحمة الاستثمارات استطاعت بعض الشركات الوصول لمؤتمر الاستثمار والتقاط صور مع شخصيات هامة، ليتبيّن لاحقاً أنها لم تكن حقيقية وهي مجرد أوهام بواجهة استثمارية.
ومن جملة ما نُقل عن الوزير أن “التجربة السنغافورية لا تنطبق على سوريا، والمفروض أن نعمل على نموذج واقعي يناسب بلدنا وظروفه”.
وفي مثل هذا المناخ من الصراحة، يبدو الرقم 1389 مثيراً للهواجس في سياق “التلبّس” الذي أشار إليه الوزير الشعّار بالاستثمارات الوهمية، خصوصاً أن سوريا اليوم تحت أعين مراصد كثيرة.
منظومة الإنتاج
ولا يبدو الخبير الاقتصادي عامر خربوطلي قلقاً من “وهميّة” ما رشح عن وزارة الاقتصاد والصناعة من عدد طلبات إنشاء المعامل بمختلف المجالات، ويقول في تصريح لـ”المدن”: إن الأرقام التي أعلنتها وزارة الاقتصاد والصناعة مبشرة وجيدة، فالطلبات في المحصلة تعني الرغبة والنية، حتى وإن أحجم بعض أصحاب الطلبات لاحقاً عن المضي في التنفيذ، فهذا يحصل ولا يندرج في سياق المعطيات الوهمية.
وعلى المستوى الإجرائي يلفت خربوطلي إلى أن تقديم الطلبات هو إجراء تقليدي كبداية لأي استثمار، يعكس رغبة ونية بإقامة المشروع، لكن ما يؤكد الجدية هو بداية إنشاء المعمل في المدن الصناعية، ولا يصبح الاستثمار جدياً بنسبة 100 في المئة إلا عندما تدخل الآلات وتقلع بالعمل فعلياً.
وعلى الهامش يشير الباحث الاقتصادي إلى حيازة حلب على الحصة الأكبر من طلبات الاستثمار التي أعلنتها وزارة الاقتصاد، ويرجع ذلك إلى رغبة أعداد كبيرة من الصناعيين السوريين في تركيا بالعودة، ولا سيما في مجال صناعة النسيج التي تشتهر بها حلب.
تبديد القلق
ينظر متابعون إلى الأرقام الجديدة المتعلقة بطلبات الاستثمار الصناعي التي أعلنتها وزارة الاقتصاد، على أنها تشيع أجواء من الطمأنة والارتياح في أوساط قطاع الأعمال، بعد تردّد أنباء عن لجوء الكثير من أصحاب المصانع إلى بيعها والتخلي عنها. إذ كان أمين سر غرفة صناعة حمص عصام تيزيني قد حذر سابقاً من ظاهرة عرض المصانع في سوريا للبيع، واعتبرها مؤشراً خطيراً يهدّد الصناعة الوطنية وخاصة النسيجية منها.
بقي أن نشير إلى تصدّر حلب لباقي المحافظات في عدد طلبات إنشاء المعامل بـ1005 طلبات، تلتها إدلب وريف دمشق بـ130 طلباً في كل منهما، ثم حماة بـ39 طلباً، ودمشق بـ30 طلباً، وحمص ودرعا بـ17 طلباً في كل منهما، واللاذقية بـ7 طلبات، ودير الزور والقنيطرة بطلبين لكل محافظة، فيما سجلت طرطوس طلباً واحداً.
كما أشارت الوزارة إلى تلقيها 407 طلبات لإنشاء آلات مفردة للصناعات الكيميائية والغذائية والنسيجية والهندسية خلال الفترة ذاتها.
المدن



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202995

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc