الجشع يبسط يديه .. من يدير الأسواق والأسعار؟
20/08/2025





سيرياستيبس :

تشهد الأسواق السورية موجة متجددة من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وذلك بالتزامن مع تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي في السوق السوداء، إذ ارتفع سعر الصرف خلال أيام قليلة من نحو عشرة آلاف ليرة للدولار الواحد إلى ما يقارب أحد عشر ألفاً.

هذا الارتفاع انعكس مباشرة على أسعار السلع، إذ قفز سعر كيلو السكر إلى 8 آلاف و500 ليرة تقريباً، فيما تجاوز سعر ليتر الزيت النباتي 20 ألفاً، وكيلو الأرز 13 ألفاً، مع اختلاف الأسعار من سوق إلى آخر.


حلقة مفرغة

الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي، يوضح أن جوهر الأزمة لا يكمن فقط في تقلبات سعر الصرف، بل في طبيعة إدارة السوق وآليات التسعير، ويقول: “ما يحدث اليوم هو أن التاجر يتعامل مع أي تغير في سعر الدولار كفرصة فورية لرفع الأسعار، حتى لو لم يكن قد استورد بضاعته وفق السعر الجديد. أما عند انخفاض الدولار، فيستغرق تخفيض الأسعار وقتاً طويلاً، بحجة تصريف المخزون أو خسارة التكاليف السابقة. هذه الحلقة المفرغة تُحمِّل المستهلك العبء كاملاً، وتخلق حالة من فقدان الثقة بين المواطن والسوق”.

ويرى أن هذا السلوك ليس مجرد جشع فردي، بل نتيجة ضعف الرقابة التموينية وغياب سياسات واضحة لضبط العلاقة بين سعر الصرف وأسعار السلع، مؤكداً أن الحل يبدأ من تسعير مركزي شفاف يعتمد على التكلفة الفعلية للاستيراد، بحيث لا يترك المجال للمضاربة أو التلاعب، كما يشدد على أن وجود منصة رسمية معلنة لسعر الصرف من شأنه أن يحد من الفوضى، ويضع حداً لاستخدام “السوق السوداء” كمرجع أساسي للتسعير.

سلة غذائية

ويضيف الخبير قربي: إن الدور الحكومي يجب ألا يقتصر على المراقبة والمعاقبة، بل أن يمتد إلى التدخل الإيجابي المباشر في السوق من خلال مؤسسات قادرة على تأمين المواد الأساسية للمواطن بأسعار معقولة، الأمر الذي سيجبر التجار على إعادة النظر بهوامش أرباحهم.

وفي هذا الإطار، يرى قربي أن من أبرز الحلول العملية المطروحة حالياً هو تخصيص سلة غذائية مدعومة لكل أسرة سورية، تتضمن المواد الأساسية مثل السكر والرز والزيت والشاي بأسعار ثابتة ومقبولة، هذه الخطوة– برأيه– سيكون لها أثر مزدوج، فمن جهة توفر للمواطن الحد الأدنى من احتياجاته الغذائية بعيداً عن تقلبات السوق، ومن جهة أخرى تؤدي إلى خفض الطلب على السلع في الأسواق الحرة، ما يساهم في كبح الأسعار نتيجة زيادة العرض مقابل تراجع الطلب.

ولكي تنجح هذه الفكرة، يشدد قربي على ضرورة إيجاد آلية رقابية صارمة تمنع التجاوزات أو تسرب هذه المواد إلى السوق السوداء، وذلك عبر تسجيل إلكتروني أو بطاقات ذكية تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فقط، ويؤكد أن التجارب السابقة أظهرت أن غياب الرقابة يفرغ أي مبادرة من مضمونها، فيما وجود إدارة حازمة وشفافة يمكن أن يحوّل السلة الغذائية إلى أداة حقيقية لتحقيق التوازن في السوق.

حلول جذرية لا ظرفية

وأكد قربي على أن الاقتصاد السوري اليوم بحاجة إلى حلول جذرية، لا إلى ردود فعل مؤقتة، فإذا لم تكن هناك خطة متكاملة تقوم على ضبط الأسواق، استقرار سعر الصرف، ودعم الإنتاج المحلي، فإن المواطن سيبقى أسيراً لتقلبات الدولار ومضاربات التجار.

وبينما يتابع السوريون يومياتهم المثقلة بالغلاء، يظل السؤال الكبير مطروحاً، هل تستطيع الجهات المعنية كسر هذه الحلقة التي يتسارع فيها ارتفاع الأسعار، بينما يظل انخفاضها بطيئاً ومتثاقلاً؟.

الثورة



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=128&id=202673

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc