سيرياستيبس :
كشف وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، عن إصرار الحكومة على تحرير الاقتصاد، مؤكداً ضرورة فتح باب الاستثمار والمشاركة للجميع، لأن بلاده تمتلك فرصاً استثمارية بتريليون دولار.
وقال الشعار إنه "لا يمكن أن أتنكر لحقوق المواطنين، بل أقر بحجم المعاناة، اقتصادياً وخدمياً، ولكن هي أفضل من السابق بكثير، عادت الخدمات وتحسن الدخل وتعمل الحكومة، بالتوازي، بين إعادة البنية التحتية وتدوير عجلات الإنتاج". وفيما يلي نص الحوار:
ليس من منطلق تكرار الكلام أو التشكي، ولكن
واقع سورية، بالفعل كارثي، فجميع القطاعات مهدمة أو متهالكة، فعندما تفكر
في تحسين المعيشة عليك أن تؤمن موارد، والحكومة لن تمد يدها إلى القروض
لتموّل شق الإنفاق الجاري، لكنها بالتأكيد، لن تتوانى عن تحسين الواقع
المعاشي.
وقد تم نسبياً بعد رفع متوسط الأجور من 200 إلى 800 ألف ليرة سورية
(الدولار = 11 ألف ليرة)، وفي المستقبل القريب، نحن أمام فرص عمل كثيرة
واستثمارات واعدة، لا بد أن تبدل من خريطة المعيشة والعمل بسورية، وتبدل
أيضاً من مفهوم الدولة الأبوية المسؤولة عن تشغيل جميع الداخلين إلى سوق
العمل. وقريباً، ستبدأ المشروعات والاستثمارات التي من المفترض أن تزيد
معدلات النمو وتشغل القطاع الإنتاجي الذي سيولّد فرص عمل.
لا يمكن أن أتنكر لحقوق المواطنين، بل أقر بحجم المعاناة، اقتصادياً وخدمياً، ولكن هي أفضل من السابق بكثير، عادت الخدمات وتحسن الدخل وتعمل الحكومة، بالتوازي، بين إعادة البنية التحتية وتدوير عجلات الإنتاج عبر استغلال الموارد والإمكانات السورية، وبين جذب الرساميل بالتوازي مع تأمين احتياجاتها، من تشريعات وإصلاحات وعوامل جذب.
أعترف أننا نعاني فقدان قاعدة بيانات دقيقة ونعمل على تجديدها، لأنها تساعدنا كثيراً باتخاذ القرار، كي لا نعيد ونرمم ونصوّب، لأن تحديات الزمن والتكاليف هما الأكبر أمامنا، لكن افتقار بيانات دقيقة لم يحل دون الانطلاقة، والتي كانت من التعليم والصحة وتشغيل القطاع الإنتاجي أولاً، ومن ثم، أو بالتوازي، يتم تأهيل البنى التحتية من نقل وخدمات، لنعيد حوامل الطاقة، لأنها مطلب مشترك للمواطن السوري والمستثمر الخارجي
وفعلاً تم قطع شوط كبير بهذه القطاعات، بعد تأهيل خطوط النقل والتوزيع وإبرام اتفاقات مع دول مجاورة وصديقة، لتزويدنا بالغاز والكهرباء، وبعضها قدم دعماً كبيراً ولا ينسى، كالسعودية وقطر وتركيا، "تصوروا خسائر قطاعي النفط والكهرباء فقط جراء الحرب تفوق 200 مليار دولار".
بصراحة تحاول الحكومة العمل بالتوازي وبمعظم القطاعات، لأنها جميعها مهدمة ومطلوبة، ولكن يبقى لقطاع الزراعة، أهمية وأولوية، نظراً إلى خصوصية سورية التي كانت تنتج نحو أربعة ملايين طن قمح ومليون طن قطن و700 ألف طن زيت زيتون و800 ألف طن حمضيات وغيرها من المحاصيل الزراعية، والتي إن تم استثمارها والاستفادة من القيم المضافة إليها، سيتغير الحال، على صعيد العمل وتوفير احتياجات السوق وحتى التصدير.
وحين نتكلم عن الزراعة نصل إلى الصناعات
الزراعية، سواء غزل أو نسيج وألبسة، ولسورية بهذا القطاع ميزة وحضور
إقليمي، فصادرات ألبسة الأطفال زادت عن ثلاثة مليارات دولار قبل الثورة، أو
صناعات غذائية ودوائية، أيضاً تميزت بهما سورية في السابق.
طبعاً من دون أن نغفل قطاع الطاقة، فسورية التي كانت تصدر أكثر من 150 ألف
برميل نفط يومياً، يأتي استيراد النفط والغاز في مقدمة معاناتها وإرهاقها
اليومي، وهذا القطاع مرهون بعودة الجزيرة السورية من سيطرة "قسد" لأن شمال
شرقي سورية خزان سورية النفطي والغذائي وحتى المائي، وهذا الخزان مشلول
ومسروق.
أعتقد أن دمج الوزارتين من أهم ما حصل على
مستوى الاقتصاد المحلي، إذ نسف مفهوم العداء بين التاجر والصناعي، لا بد من
تحقيق المصالح لجميع الأطراف لتصب بالنتيجة بالسوق ومصالح المستهلك، جودة
ووفرة وسعراً، وتنعكس في المقابل على الصادرات التي نراها الخلاص الحقيقي.
وقبل أن تسألني كيف أدير هذا القطاع الواسع أقول لك، تم تعيين نائبي وزير
"نائبان وليس معاونين" ليتولى الأول إدارة الاقتصاد والثاني الصناعة، كما
أننا نستعين بخبرات سورية بمثابة مستشارين.
بشكل عام هذا صحيح، ولكن الانفتاح السوري وتحرير الاقتصاد وإعلان "حتى الليبرالية" لن يكون دفعة واحدة، سندعم الصناعة وفق نهج الاقتصاد الحر، أي بالمحروقات والكهرباء والمادة الأولية وتخفيف الضرائب، لكننا لا نتطلع إلى دعم الصادرات بالطرق الكلاسيكية المباشرة، بمعنى لن نسمح بالاحتكار ولن نتذرع بالعجز، لأننا نسعى لبناء اقتصاد قوي يتناسب مع المحيط وحدة التنافس الدولي.
صحيح أننا لا نجتمع مثل حكومات النظام السابق بشكل أسبوعي، ولكن، من دون مبالغة، الحكومة ملتئمة على نحو يومي وربما كل ساعة، من دون شعارات ومزايدات وعبر التواصل المباشر ولقاءات ثنائية، إن اقتضت الضرورة.
كما أن المرونة وسرعة القرار بالنظام الرئاسي، أفضل وأسرع "ولكن ربما نحتاج إلى نواب رئيس سريعاً" كما نحتاج إلى تأطير العلاقة بين الوزارات، لأن النظام البائد زاد الاختلاط وتداخل المهام بين المالية والاقتصاد والمصرف المركزي، وذلك لتمرير وخدمة مصالحه ومن يعمل معه.
ما يتعلق بالعمالة تم إعطاء إجازة مأجورة، ريثما يتم تحديد الحاجة، لأن البطالة المقنعة والمحسوبيات، كانتا طاغيتين على مواقع العمل، وأما السيارات فالحكومة السابقة انطلقت بقرارها من حاجة السوق إلى السيارات، ولكن بعد دخول نحو 240 ألف سيارة ونحو 214 ألف أخرى خلال فترة ما قبل القرار السابق، صار لدينا نحو 500 ألف سيارة مستوردة، وإن أضفناها إلى أكثر من 1.5 مليون سيارة سابقاً بسورية، فنحن أمام رقم هائل، لذا اتخذنا قرار عدم السماح إلا باستيراد السيارات الجديدة وبعمر لا تزيد فيه سنة الصنع عن سنتين.
لدينا خطط ومشروعات تعاون واتفاقات كثيرة، سأزور مصر والسعودية، ونتطلع إلى تعزيز التعاون وزيادة التبادل، كما نخطط لإقامة مناطق حرة مع لبنان والأردن والعراق، وأؤكد ثانية ومن قبيل رد الجميل، تقف دول عربية عدة، في مقدمتها السعودية وقطر، معنا وتدعمنا بشكل كبير.
كانت الزيارة لتركيا تتمة لتفاهمات سابقة،
وزيارة وزير الاقتصاد التركي، عمر بولاط، ونتج عنها بالفعل 14 بروتوكول
تعاون في قطاعات الصناعة والطاقة والنقل والتحول الرقمي، إضافة إلى اتفاقات
لدراسة سبل دعم البنية التحتية للمناطق الصناعية في سورية بالاستفادة من
الخبرات التركية.
والمهم في الزيارة والتفاهمات، هو الانتقال من الريعية إلى الإنتاج داخل
سورية، بمعنى التشارك لتستفيد تركيا من ميزات سورية ونحن نستفيد من التطور
والتقنية التركية، ولا نية لدينا اليوم لإعادة تفعيل اتفاقية التجارة
الحرة، كما أشيع، حفاظاً على قطاعنا الصناعي الناشئ.
ولكن تركيا، وللتاريخ، تتابع ما فعلته خلال الثورة من خلال الدعم الاقتصادي
والتقني اليوم، وتبدي كامل الاستعداد والسعي لنهوض سورية وبدء العد
التنموي التصاعدي.
العربي الجديد
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202638