14 مليوناً سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي .. 1.3 مليون منهم في حال حرجة
بمشروع تموله وزارة الخارجية البريطانية .. الفاو تتدخل لصالح الفقراء في سوريا



 

تستهدف المرحلة الثانية من برنامج "فاو" دعم نحو 144 ألف أسرة في سبع محافظات سورية 


سيرياستيبس : 

شهدت دمشق إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تعزيز القدرة على الصمود المحلي في سوريا الذي تنفذه "فاو" بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية وبتمويل من وزارة الخارجية والتنمية البريطانية.

بينما يجري الحديث عن استثمارات بعشرات مليارات الدولارات تؤمن ملايين فرص العمل للشباب، يتصدر ملايين الفقراء والعاطلين من العمل المشهد في سوريا، ويتحتم عليهم البحث عن فرص للصمود والاستمرار في الحياة.

أرقام الفقراء وأولئك الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي ما زالت مقلقة في سوريا، وبينما أوضح وزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد نضال الشعار أن في سوريا 2.7 مليون شخص أمّي (لا يعرفون القراءة والكتابة)، وأن 60 في المئة من السكان عاطلون من العمل، علماً أن أرقاماً رسمية كانت تحدثت قبل سقوط النظام عن نسبة بطالة تبلغ 30 في المئة، فإن تقارير أممية تتحدث عن واقع مأسوي لحياة الناس في سوريا الذين يواجهون الفقر وتراجعاً حاداً في القدرة على مواجهة كلف المعيشة.

وأكد تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، بينما يحتاج 16 مليوناً إلى مساعدات إنسانية، ويعاني 14 مليوناً انعدام الأمن الغذائي من بينهم 1.3 مليون في حال حرجة.

دعم صمود الأسر السورية وتعزيز الأمن الغذائي

ولمواجهة حال الفقر وتحقيق الأمن الغذائي، شهدت دمشق إطلاق المرحلة الثانية من "مشروع تعزيز القدرة على الصمود المحلي في سوريا" الذي تنفذه "فاو" بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية وبتمويل من وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، ويركز على دعم الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تعانيها البلاد بصورة غير مسبوقة نتيجة الحرب وتراجع معدلات التنمية والانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية التي أدت إلى تراجع معدلات الأمطار، مما تسبب في جفاف الأنهار والينابيع التي تزود عدداً كبيراً من المدن والتجمعات السكانية بالمياه.

وعن ذلك، قالت المنسقة التنفيذية للمشروع رشا فرج إن "إطلاق المرحلة الثانية من المشروع يهدف إلى دعم الأسر الريفية وتعزيز الأمن الغذائي"، مشيرة إلى أن المشروع سيغطي سبع محافظات سورية هي حماة وحلب وحمص واللاذقية وريف دمشق وإدلب ودير الزور، مع التركيز على توفير مستلزمات الإنتاج وتحسين الإنتاجية الزراعية والحيوانية.

وتستهدف المرحلة الثانية التي تشكل استمراراً للمرحلة الأولى التي نفذت في الفترة ما بين يونيو (حزيران) عام 2022 إلى مارس (آذار) الماضي، دعم نحو 144 ألف أسرة ضمن المحافظات السبع وتشمل الأنشطة توفير مدخلات زراعية متنوعة من أعلاف وأسمدة وبذور، إضافة إلى تأهيل شبكات الري وتحسين الموارد المائية، علاوة على دعم مشاريع إنتاجية مثل مشروع "نبتة"، وتمكين المرأة وتقديم إرشادات للحد من الأضرار البيئية، ومن المقرر تنفيذ هذه المرحلة من الآن وحتى مارس عام 2028.

وزير الزراعة السوري: استمرار دعم القطاع الزراعي

من جانبه أكد وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر أن "المشروع يمثل خطوة مهمة لبناء قدرات المزارعين في ظل تحديات الجفاف ونقص الموارد"، مشيراً إلى أن استكمال المرحلة الأولى والانطلاق بالمرحلة الثانية يعززان استمرارية العملية الزراعية وتحقيق الإنتاجية المطلوبة.

وأضاف خلال إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تعزيز صمود المزارعين في سوريا أن "الحكومة لا يمكن أن ترفع الدعم عن القطاع الزراعي في الأقل خلال المرحلة الراهنة"، موضحاً أن "هذا القطاع لا يمكن أن ينهض من دون دعم، وقد بدأنا بالتعاون مع القطاع الخاص لتقديم مشاريع ذات جدوى اقتصادية وهناك مبادرات ومشاريع بين القطاعيين"، واستدرك "لكن المطلوب اليوم هو تقديم التسهيلات والتشريعات لاستمرار العمل".
 وشرح أن "المرحلة الثانية من المشروع تعتبر خطوة رئيسة لتسهيل عمليات الزراعة ولتحقيق معدلات الاكتفاء الذاتي"، قائلاً "لكي نتجاوزها علينا التعاون مع جميع الشركاء والمنظمات، ولا سيما أن سوريا تعاني نقصاً كبيراً في الموارد".

ويعد مشروع "تعزيز الصمود" خطوة محورية لتعافي القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي المحلي ودعم المزارعين المتضررين من الجفاف والحرائق، ومن شأنه المساعدة في تقليل الاعتماد على المساعدات الطارئة من خلال تدخلات متنوعة، تشمل تأهيل أنظمة الري وإعادة تفعيل إنتاج البذور ودعم الإنتاج النباتي والحيواني، إضافة إلى تمكين النساء والفئات المهمشة عبر التدريب وتنمية المهارات وتوفير فرص لكسب العيش وصولاً إلى دعم المشاريع الصغيرة.

استدامة الإنتاج الزراعي وتحسين المعيشة في المجتمعات الريفية

المتخصص التنموي محمد بريدي أكد حاجة سوريا إلى مثل هذا النوع من المشاريع التي تركز على معالجة مشكلات الريف والمزارعين والنهوض بإمكاناتهم وتعزيز قدراتهم على الصمود في وجه الظروف القاسية، مؤكداً أن "تقديم الدعم الحقيقي للأسر الريفية في مواجهة تحديات الجفاف سيساعد في تحقيق النتائج المرجوة".

وقال "من المهم أن يركز المشروع في مرحلته الجديدة على استهداف حيز جغرافي واسع، والعمل على رفع قدرات المزارعين على مواجهة التغيرات المناخية وتأمين مستلزمات الإنتاج"، معتبراً المرحلة الجديدة من مشروع "فاو" بمثابة خطوة حيوية نحو تحقيق استدامة الإنتاج الزراعي وتحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الريفية السورية مع ما تواجهه من تحديات مناخية واقتصادية.

 

وأردف أن "النهوض بالريف يشكل أولوية في بلد كسوريا، يعاني ضعفاً اقتصادياً وخدمياً وانتشاراً واسعاً للبطالة وللفقر، عدا عن انعكاسات الحرب الطويلة والتغيرات المناخية وتحديات المياه وغيرها"، لافتاً إلى أن إخراج الريف من مشكلاته يشكل عتبة رئيسة لتعزيز قدرة البلاد على مواجهة مشكلاتها كافة، ودعا المنظمات الأممية إلى اعتماد برامج لمحو الأمية، ناصحاً بأن تصمم بصورة تكون قادرة على جذب الناس للانضمام إليها، إذا لا يجوز أن يمر ما تحدث عنه وزير الاقتصاد حول أرقام الأمية في البلاد من دون أن نتوقف عنده.

وأكد بريدي أن "محو الأمية اليوم يشكل تحدياً كبيراً أمام سوريا الجديدة، ولعل التعليم يبدو جسراً للملايين من أجل الدخول إلى سوق العمل".

نقص المياه النظيفة

وكان لافتاً حديث تقرير "فاو" عن نقص المياه النظيفة والعمل على توفيرها، ويذكر هنا أن التغيرات المناخية فرضت ظروفاً قاسية على السوريين بدأت آثارها تظهر الصيف الحالي من خلال نقص إمدادات مياه الري والشرب، إذ تعاني مدن وتجمعات كاملة نقص المياه، مما دفع مؤسسة مياه الشرب في العاصمة دمشق على سبيل المثال إلى التشدد في برامج التقنين المائي بسبب انخفاض غزارة نبع "الفيجة" الذي يسقي دمشق بنحو 1.5 متر مكعب في الثانية، ويبدو أن أزمة مياه الشرب في دمشق ستستمر لأشهر، بينما تعاني مدينة حمص (وسط سوريا) أزمة مياه شرب أيضاً بسبب تراجع غزارة الينابيع التي ترويها وكذلك الحال في طرطوس، بينما يعاني نهر العاصي الجفاف وتحول المياه إلى برك صغيرة في أرض سريرة، مما ألقى بظلاله على المزارعين في البلاد ودفع "فاو" إلى أن يركز برنامجها على تأمين المياه النظيفة.

وكان المزارعون السوريون سجلوا خسائر كبيرة هذا العام والعام الماضي، خصوصاً في موسم القمح نتيجة نقص المياه وقلة الهطولات (سقوط الأمطار) وارتفاع كلف الإنتاج، وكان موسم القمح الأسوأ منذ عقود طويلة، ويتكبد المزارعون السوريون حالياً خسائر في مواسم الخضراوات والفواكه نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة وصعوبة نقلها وتصديرها.

"فاو" تستهدف ملايين السوريين في برامجها

وتستهدف "فاو" دعم نحو 9.7 مليون أسرة هذا العام،  ومليون شخص ضمن 1.6 مليون أسرة خلال ثلاث سنوات عبر برامج استجابة طارئة وتأهيل الآبار وقنوات الري وتوزيع البذور عبر دعم المؤسسة العامة لإكثار البذور والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، وإعادة تفعيل برامج التربية وإدراج الأصناف السورية المقاومة للجفاف والحرائق، فضلاً عن تطوير القدرات الفنية والبنية التحتية الزراعية والأسمدة.

وخصصت المنظمة 3 ملايين دولار لخطة الطوارئ، و6.6 مليون دولار لدعم البذور، و27.5 مليون دولار لدعم المزارعين بصورة مباشرة، بما يسهم في تحسين سبل العيش وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

 وبحسب تقرير المنظمة عن الوضع المعيشي في سوريا، فثمة تحديات مهمة تواجه الريف السوري مثل الزواج المبكر وغياب البنية التحتية للأسر العائدة لمناطقها، إضافة إلى وجود أزمة حادة تواجه القطاع الزراعي نتيجة تأثره بارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية وانتشار الألغام، فضلاً عن الجفاف غير المسبوق الذي يضرب البلاد العام الحالي، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، خصوصاً القمح واضطرار كثير من الأسر إلى بيع أصولها الحيوانية.

وأخيراً، تقول "فاو" إن كل ثمانية سنتات أميركية استثمرت في القطاع الزراعي حققت عائداً بلغ سبعة دولارات، مما يؤكد أهمية الجهود المبذولة لتحسين القطاع الزراعي، فهل تكون الزراعة مدخلاً لخلاص ملايين الأسر السورية؟

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=127&id=202618

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc