سيرياستيبس - كتب الاعلامي أسعد عبود
الفقر .. من زمان لم تعد تنتظر عودته .. تفاقم حتى بانت انياب الجوع ..
أعلم أنّ الحالة محمولة و منقولة من المرحلة الماضية .. لكن .. أخشى عندما نحملها كذلك ، أننا نهرب من المواجهة .. يعني بصراحة لا أعتبره من قبيل النيات الصادقة الطيبة ، أن استشهد بالماضي لأخفف من خطورة ما نعاني منه اليوم .. تلك النغمة التي يرد بها على كل من ينتقد واقع الحال ، ويشير إلى بطء التحولات المنتظرة وعدم الاجلاء الصادق لكل ما يحيط بنا ، و بما انتظرناه من إزهار الآمال التي بشرتنا الادارة الجديدة بها ، يرد عليه أحد ما مدعياً الصدق والاصلاح
و البشارة ، إن كنا صبرنا في الماضي ، فلماذا لا نصبر اليوم .. وإن مساويء اليوم كانت أمس .. و بالتالي على من يتكلم أن يخرس و يفهم ويقدر أننا اليوم افضل . والمشكلة الفعلية في عدل القول و صدقه ، أتت الى حد بعيد ، من اتساع افاق الوعد التي بدأناها منذ اشهر صارت طويلة نسبياً ، ولم تتحقق الوعود إلا بمقادير غير كافية للاقتناع أننا بتنا على الطريق الصحيح القويم السليم . و يزيد بمشاعر الخيبة تلك النغمة التي تربط التطور و التحسن الذي ننتظره بتحليل لماضي كريه عشناه ..
يعني طالما يرونا قطعنا خطوة الى الأمام و لم نسقط بعد ، فعلينا الرضوخ و السكوت ... و نقول : السكوت .. أو الصبر .. ممكن .. أما الرضوخ فلن يخدم احداً .. وعلى كل حال في محيط حياتنا و دورة أيامنا ما يؤمن له امكانية الدفاع عنه دون حاجة لاجترار آلام الماضي و تعاسته .. إنما ثمة أرضية لا بد من تغييرها
والبناء عليها بمعطيات جديدة ، طالما نحن نصر أن نبدأ مشروعنا الوطني الكبير في التنمية و بناء الحياة الجديدة .
فيما مضى من أيام قريبة عرفنا قاعدتين قد تشكل كل منهما قفزة مهمة في التغيبر و النمو .. هما انطلاقة الوعود و المشاريع الاستثمارية من خلال منتدى الاستثمارات السعودية ، وهو ماقدر بما يزيد عن ٦ مليارات دولار .. وقد تضمن عدداً جيدا من أضخم المشاريع و أكبرها .. هذا من جهة و من جهة ثانية إقدام الحكومة عل زيادة الرواتب و المعاشات التقاعدية بنسبة 200 في المئة .. و رغم الفرق الكبير بلا ريب من حيث الآثار الاقتصادية و الاجتماعية المتوقعة بين قاعدتي التفاؤل هاتين ، لصالح الاولى ولا ريب .. إلا أن المتابع يستطيع أن يدرك بسهولة ، أن الفرح بالثانية كان أشد و الترحيب أقوى .. رغم محاولة اظهار عراضات للفرح بالأولى لم تحسن بدقة و جدية ، أن تظهر التغير الكبير الذي ينتظره الواقع بمقتضاها .. في حين أن زيادة الرواتب و الأجور كانت الانجاز الذي أوتي أُكله وعمم الفرحة بأسرع ما يكون لولا عقدة السيولة النقدية و حركة و آلية الصرف في البنوك و غيرها ..
والسؤال : اذا كانت هذه البنوك و ألياتها احتارت أمام زيادة الرواتب و الأجور في إيصال الآموال لمستحقيها ، فما هي فاعلة مع القفزة المنتظرة في المشاريع الاستثمارية ..؟!
هل يظن أحد أن الحالة البنكية المصرفية لن تشكل إعاقة في العمل الاستثماري الذي يجري الحديث عنه ولاسيما مع الكلام المستمر عن ضخامتها و ثقل مضامينها و حمولتها .. ؟؟!!
هل نحن بحاجة لبداية فورية بالتغيير العريض في أوضاع المصارف و وضع الصرافة و السيولة في أسواقنا .. لا تتساوى انطلاقة الاستثمارات المأمولة و يجري الحديث عنها في حاجنها للمصرف و السيولة مع تقبيض الرواتب و الزيادات .. الأولى أكبر و أعوص ..
كذا الامر في الحالة الأمنية ، بمعنى أمان الناس على حياتهم و أرزاقهم .. و هو الأمر الذي بات مصدر قلق عند الكبير و الصغير .. و عند الفقير و الامير ..
المسألة واحدة و الحل واحد تقريبا .
As.abboud@gmail.com