مواد سامة في الغذاء والماء تسبب السرطان وألزهايمر والعقم
09/08/2025




سيرياستيبس :

نبه تقرير علمي جديد إلى أن السمية تعد "التهديد الأكثر استخفافاً الذي يواجه البشرية"، محذراً من أن معدلات الإصابة بالسرطان المرتبطة بالمبيدات الحشرية تماثل تلك الناجمة 

تظهر بيانات "منظمة الصحة العالمية" أن جميع سكان العالم تقريباً يتنفسون هواء يتجاوز الحدود الإرشادية للوكالة، ويحوي مستويات عالية من الملوثات

 

يحذر تقرير علمي من أن المواد الكيماوية السامة المنتشرة في الهواء والغذاء والماء تشكل تهديداً خطراً ومستخفاً به لصحة الإنسان والبيئة، وترتبط بأمراض مزمنة مثل السرطان والعقم وألزهايمر، وسط ضعف عالمي في تنظيم استخدامها.

تبين أن المواد الكيماوية السامة الموجودة في الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نتناوله والماء الذي نشربه، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمجموعة واسعة من الأزمات البيئية والحالات الصحية الخطرة، بما فيها السرطان والسمنة والخرف والعقم و"اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".

فقد نبه تقرير جديد إلى أن السمّية تعد "التهديد الأكثر استخفافاً الذي يواجه البشرية"، مشيراً إلى أن "تلوث البشر أصبح واسع الانتشار". وحذر من أن الأخطار على صحة الإنسان والكوكب "يجري التقليل منها على نطاق واسع"، إذ يُحتمل أن يكون تأثير التعرض للمبيدات الحشرية في معدلات الإصابة بالسرطان، مماثلاً لتأثير التدخين.

وكشف التقرير عن أن أكثر من 3600 مادة كيماوية صناعية تستخدم في مواد تتلامس مع الأغذية - مثل مواد التغليف والمبيدات الحشرية - موجودة الآن في أجسام البشر حول العالم، ويعتبر 80 منها خطراً للغاية.

ومن بين تلك المواد، "بيرفلورو ألكيل" Perfluoroalkyl و"مواد بوليفلورو ألكيل" Polyfluoroalkyl Substances (PFAS) التي اكتُشفت لدى معظم الأفراد الذين خضعوا للفحص. ومن المثير للقلق أن 14 في المئة من المراهقين الأوروبيين لديهم تركيزات عالية منها في الدم بما يكفي لتشكل أخطاراً صحية جسيمة عليهم.

 

ومن بين النتائج الأكثر إثارة للقلق ضمن التقرير، العلاقة بين التعرض للمبيدات الحشرية والإصابة بمجموعة من أنواع السرطان، بما فيها سرطان الدم (لوكيميا) و"سرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية" وسرطانات المثانة والقولون والكبد. ويشار هنا إلى أن التعرض للمبيدات الحشرية قبل الولادة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية لدى الأطفال، بنسبة تزيد على 50 في المئة.

ويقدم التقرير أيضاً أدلة على أن التعرض للمواد الكيماوية الصناعية، أدى إلى انخفاض عالمي في عدد الحيوانات المنوية لدى الأفراد. وعلى سبيل المثال، تبين أن الرجال الذين لديهم مستويات عالية من بعض "مواد بوليفلورو ألكيل" الكيماوية، عدد حيواناتهم المنوية هو أقل من نصف عدد الرجال الذين لديهم مستويات أقل من التعرض لها.

ومع ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وانخفاض مستويات الخصوبة وتفاقم الأمراض المزمنة، يحذر معدو تقرير جديد من أن النهج العالمي المتبع لإدارة المواد الكيماوية المصنعة هو "غير كافٍ ويساء فهمه". ويدعو التقرير إلى اتخاذ إجراءات دولية منسقة وتحسين المعايير التنظيمية لحماية صحة الإنسان وبيئة الكوكب على نحو أفضل.

التقرير الذي يحمل عنوان "التسونامي الخفي" The Invisible Tsunami، قام بإعداده الفريق العلمي في شركة "ديب ساينس فينتشرز" Deep Science Ventures بالتعاون مع "مؤسسة غرانثام لحماية البيئة" The Grantham Foundation for the Protection of the Environment. ويستند إلى تحقيق استمر نحو ثمانية أشهر، تضمن تحليلاً لدراسات علمية قام بمراجعتها أقران في المجال نفسه، ومقابلات أجريت مع باحثين وقادة منظمات غير ربحية ورواد أعمال ومستثمرين.

ووفقاً للباحثين، فقد أنتج الاقتصاد الصناعي أكثر من 100 مليون مادة كيماوية جديدة، من بينها نحو 350 ألف مادة تستخدم تجارياً في الوقت الراهن، بعد زيادة الإنتاج بمقدار 50 ضعفاً منذ خمسينيات القرن الماضي. وأشاروا إلى أن التعرض للمواد الكيماوية السامة عبر الهواء والغذاء والماء، يأتي بصورة كبيرة من المواد الخام الكربونية الأحفورية، وهي مكونات تحوي الكربون ومشتقة من الوقود الأحفوري.

كما حذر الفريق من أن الإنتاج المتزايد للمواد الكيماوية الثابتة (أو الدائمة) - وهي تلك التي لا تتحلل بسهولة وتظل في البيئة لفترات طويلة - بلغ مستويات خطرة تجاوزت ما يعرف بـ"الحد الآمن للكوكب". وأوضحوا أن "مواد البوليفلورو ألكيل" على وجه الخصوص لوثت كوكب الأرض بأكمله، بحيث غالباً ما تحوي مياه الأمطار تركيزات تتخطى الحدود الآمنة لمياه الشرب، كما عثر على آثار هذه المواد في دم الغالبية العظمى من سكان العالم".

في المقابل، إن التلوث غير المستمر منتشر بالمقدار نفسه، إذ تكشف بيانات "منظمة الصحة العالمية" عن أن ما يقارب 99 في المئة من سكان العالم يتنفسون هواء يتجاوز الحدود الإرشادية للوكالة ويحوي مستويات مرتفعة من الملوثات.

وأفاد الفريق بأن التقرير يبرز وجود روابط سببية وارتباطية قوية بين السمّية ومجموعة واسعة من المشكلات الصحية الخطرة، بما فيها السرطان والسمنة ومرض ألزهايمر ومضاعفات الحمل و"اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه" ومشكلات الخصوبة وأمراض القلب واضطرابات الجهاز التنفسي.

وإضافة إلى صحة الإنسان، حذر فريق البحث من أن المواد الكيماوية السامة تلحق ضرراً "جسيماً وواسع النطاق" بالنظم البيئية، مما ينعكس على التنوع البيولوجي، ويخل بالتوازن الدقيق للبيئات الطبيعية.

ويقول الدكتور آدم توماسي راسل مدير المناخ في شركة "ديب ساينس فينتشرز" إن "هذا البحث الذي يجمع أعمالاً قام بمراجعتها أقران علميون، يظهر أن البشرية تواجه تعرضاً للمواد الكيماوية أكثر خطورة بكثير مما تدركه، في كل من الغذاء والهواء والماء".

أما جيريمي غرانثام المؤسس المشارك ورئيس "مؤسسة غرانثام لحماية البيئة"، فأشار إلى أن "نطاق المشكلة واسع، وتظهر الأبحاث أن هناك حاجة ملحة لإجراء تغيير جذري في طريقة فهمنا للابتكار وتمويله وتحفيزه، لمواجهة هذه المعضلة".

وختم غرانثام بالقول "ما زالت السمّية تعد التهديد الأكثر استخفافاً الذي تواجهه البشرية".

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=128&id=202554

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc