إلى أين تتجه سوق الأسهم السعودية في الربع الثالث؟
31/07/2025
سيرياستيبس
كتب الاعلامي غالب درويش
تمر السوق المالية السعودية بمرحلة دقيقة بعد تسجيلها خسائر فصلية متتالية منذ بداية العام الحالي، مع تراجع ملحوظ في المؤشر العام "تاسي" الذي فقد نحو 10 في المئة من قيمته، إذ قال محللون لـ"اندبندنت عربية" إن على رغم الارتداد الطفيف الأخير، تبقى التساؤلات مطروحة حول مستقبل البورصة خلال الربع الثالث من عام 2025 في ظل سيطرة خمسة عوامل رئيسة على أدائها.
وأوضح المحللون أن تلك العوامل تتمثل في الموجات البيعية المنظمة التي تستهدف الشركات القيادية، وتراجع أسعار النفط الذي يؤثر في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبتروكيماويات.
وأشاروا إلى أن ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي تزيد من حال عدم اليقين لدى المستثمرين، إضافة إلى المخاوف المتعلقة بنتائج الشركات، خصوصاً قطاع البتروكيماويات الذي يواجه تحديات كبيرة.
ويرى المحللون أن العامل الأخير الذي يؤثر في السوق هو تأثير القرارات الاقتصادية العالمية مثل قرارات أسعار الفائدة، وفي ظل هذه التحديات تسعى السوق لتكوين قواعد سعرية جديدة، مستفيدة من مستويات الأسعار الجاذبة حالياً لعدد من الأسهم، مع ترقب لنتائج أعمال الشركات الكبرى وتأثير القرارات الاقتصادية العالمية.
ارتداد ضعيف ومخاوف مستمرة
ارتد مؤشر "تاسي" صعوداً بنسبة 0.4 في المئة في نهاية تعاملات أمس الأربعاء، ليترك أدنى إغلاق يومي خلال خمسة أسابيع، مدعوماً بصعود بعض الأسهم الكبرى من القطاع المصرفي والبتروكيماويات. ويذكر أن مؤشر بورصة السعودية خسر 7.2 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2025، مسجلاً ثالث خسارة فصلية على التوالي، مما فاقم خسائره السنوية إلى أكثر من تسعة في المئة.
وكانت القطاعات الرئيسة التي تتأثر بالعوامل الخارجية مثل الطاقة المرتبطة بسعر النفط والبنوك والخدمات المالية المرتبطة بأسعار الفائدة، الأكثر انخفاضاً بنسب تراوحت ما بين سبعة و12 في المئة، على رغم تحقيق البنوك أعلى أرباح فصلية مجمعة على الإطلاق.
وفي المقابل، تشير بيانات "بلومبيرغ إنتلجنس" إلى انخفاض المتوسط اليومي لقيمة التعاملات بنسبة تجاوزت 30 في المئة إلى 1.5 مليار دولار خلال الربع الثاني من عام 2025.
وتسعى هيئة السوق المالية لتعزيز السيولة بإجراءات منها السماح للأجانب بتملك أسهم شركات العقار المطورة لمشاريع في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بموازاة السماح لهم بتملك العقارات فعلياً بجميع مناطق البلاد وفق ضوابط، إضافة إلى إتاحة الفرصة للمقيمين في دول الخليج بالتداول المباشر داخل السوق.
وتعد شهادات الإيداع السعودية (SDRs) من المبادرات التي قد تحفز نشاط التداول على المدى القصير، عبر إتاحة الفرصة للمستثمرين المحليين لتداول الأوراق المالية الأجنبية محلياً، لكن هذه الخطوات لم تؤت ثمارها بعد.
موجات بيعية
أوضح المستشار الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين، أن تراجع السوق السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية حتى مشارف 10500 نقطة كان مدفوعاً بأسباب تكتيكية مباشرة، تمثلت في وجود موجات بيعية كبرى ومنظمة تتنقل بين الشركات القيادية. وأشار إلى أن هذه الموجات شكلت ضغوطاً حقيقية على اتجاهات العرض والطلب، مما أدى إلى انخفاض أداء المؤشر في ظل عمليات بيع مستمرة. ولفت إلى أن السوق تعاني أيضاً ضغطاً مباشراً من سهم "أكوا باور"، إضافة إلى عدم تحسن المؤشرات الأساس لقطاع البتروكيماويات، والضغوط المقبلة من قطاع الطاقة.
وأضاف بوخمسين أن السوق شهدت مفارقة لافتة، فبينما حقق الربع الثالث من عام 2024 نمواً قياسياً بنسبة سبعة في المئة، شهد الربع الثاني من عام 2025 انخفاضاً بمعدل 7.2 في المئة، ليبلغ إجمال الانخفاض منذ بداية العام نحو 10.2 في المئة، متوقعاً أنه في حال توقف هذه الموجات البيعية أو انحسارها بصورة تدريجية، سيتزامن ذلك مع تحسن مباشر في حجم التداول وتوقف السيولة الخارجة وعودة الحركة الاستثمارية بقوة، خصوصاً مع وصول الأسعار لمستويات جاذبة جداً. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط وشهادات الإيداع الدولية وفتح قطاع الاستثمار العقاري للمستثمر الأجنبي، قد تكون عوامل داعمة.
وعلى رغم هذه التوقعات الإيجابية، حذر بوخمسين من أن قطاع البتروكيماويات قد يشكل عنصر ضغط إضافي على السوق، خصوصاً مع توقع إعلان شركة "سابك" عن خسائر خلال الربع الثاني من العام الحالي، نتيجة ارتفاع كلفة المدخلات وتدهور الأسعار، والانخفاض الحاد في الطلب من الصين.
خسائر شهرية
يشار إلى أن سوق الأسهم السعودية تفاقمت خسارتها الشهرية الخامسة خلال يوليو (تموز) الجاري، هذا العام وسط استمرار ضعف قيم التداول على رغم موسم نتائج الأعمال الإيجابي.
ويتجه المؤشر إلى تسجيل خسائر شهرية تقارب ثلاثة في المئة تحت وطأة تراجع أسهم "مصرف الراجحي" و"أكوا باور" و"سابك" وشركة "الاتصالات السعودية"، على رغم ارتفاع طفيف لسهمي "أرامكو" و"البنك الأهلي".
قواعد سعرية جديدة
وأكد محللون ماليون أن العامل الأخير الذي يؤثر في السوق هو تأثير القرارات الاقتصادية العالمية، مثل قرارات أسعار الفائدة. وفي ظل هذه التحديات، تسعى السوق لتكوين قواعد سعرية جديدة، مستفيدة من مستويات الأسعار الجاذبة حالياً لعدد من الأسهم، مع ترقب لنتائج أعمال الشركات الكبرى وتأثير القرارات الاقتصادية العالمية.
وأشار المحللون إلى أن من تلك العوامل زيادة التدفقات بصورة قياسية من السعوديين نحو بورصة "وول ستريت" بدلاً من زيادتها بالبورصة السعودية، لافتين إلى أن استثمارات السعوديين في أميركا قفزت بنحو 62 في المئة لتبلغ 164 مليار ريال (43.7 مليار دولار).
وأوضحوا أن حصة سوق الأسهم الأميركية من التداولات ترتفع إلى 18 في المئة مقابل هبوط المؤشر العام للسوق المالية السعودية "تاسي" إلى 81 في المئة، إذ تراجعت سيولته بـ66 مليار ريال (17.6 مليار دولار) خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
قواعد سعرية
أوضح عضو الاتحاد السعودي والدولي للمحللين الفنيين عبدالله الجبلي أن السوق السعودية شهدت تراجعاً خلال الأشهر القليلة الماضية وصولاً إلى مشارف 10500 نقطة، وهو مستوى دعم مهم للمؤشر العام "تاسي" خلال العام الحالي. وأشار إلى أن هذا المستوى كان دافعاً لارتداد السوق لما فوق 11000 نقطة حالياً، مبيناً أن السوق بصدد تكوين قواعد سعرية تمكنه من استهداف 11500 نقطة. وأضاف أن هذا التزامن يأتي مع تحديات أبرزها الضغط من سهم "أكوا باور"، وعدم تحسن المؤشرات الأساس لقطاع البتروكيماويات، والضغط من قطاع الطاقة.
ولفت الجبلي إلى أن عدداً من الشركات القيادية وصلت إلى مستويات جاذبة، مما دفع كثيراً من المستثمرين لبناء مراكز استثمارية، وهو ما انعكس على تحسن طفيف في السيولة.
وفي ما يتعلق بالمؤثرات الخارجية، أوضح أن المؤثر المقبل يأتي من الولايات المتحدة، وتترقب الأسواق قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في شأن الفائدة، والذي قد يؤثر في الأسهم. ومع ذلك، أكد أن السوق السعودية على المدى المتوسط وببقائها فوق 10500 نقطة، بصدد بناء قواعد سعرية لتغيير المسار نحو مسار صاعد.
ضغوط النتائج المالية
من جانبه، أوضح المحلل المالي الأول لدى بوابة أرقام المالية السعودية محمد الليثي أن السوق المالية السعودية (تداول) فقدت نحو 10 في المئة من المؤشر العام منذ بداية العام 2025. وأشار إلى أن هذا التراجع يرتبط بعوامل عدة رئيسة، أبرزها ضغوط النتائج المالية المتوقعة للشركات القيادية، باستثناء القطاع البنكي الذي يمثل الدعامة الأساس للمؤشر. وبين الليثي أن السوق في انتظار إعلان شركة "سابك" لنتائجها المالية للربع الثاني من عام 2025، إذ تشير التوقعات إلى خسائر.
وأوضح الليثي أن من ضمن الأسباب مخاوف تراجع التوزيعات النقدية، فمع ضعف النتائج المالية المتوقعة، يتزايد احتمال تقليص أو تعليق التوزيعات، مما يقلل من جاذبية الأسهم. وعلى الصعيد الفني، بيَّن الليثي أن المؤشر يتحرك في مسار هابط بعد كسره مستوى الدعم النفسي والفني المهم عند 11000 نقطة، مما أدى إلى ضغوط بيعية متزايدة. ورجح الليثي أن يبقى التركيز موجهاً نحو القطاعات الدفاعية الأكثر استقراراً مثل البنوك والاتصالات، حتى تتضح الصورة المستقبلية لقطاعات السلع الأساس.
خروج السيولة
قالت المحللة المعتمدة لدى أكاديمية "كي ويلث" بالرياض مها سعيد إن السوق المالية السعودية (تداول) شهدت تراجعات متتالية منذ بداية عام 2025، لتغلق معظم فصول العام حتى الآن على خسائر فصلية متراكمة. وحددت سعيد الأسباب الرئيسة لتراجع السوق حالياً في خروج السيولة، والضغوط من نتائج الشركات، وترقب نتائج "سابك" الذي يعد حدثاً محورياً.
ولفتت إلى عوامل خارجية تشمل استمرار التقلبات في أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي، ومخاوف عودة التضخم وتهديدات الحرب التجارية. وفي ما يتعلق بتوقعات الأجلين القصير والمتوسط، قالت سعيد إنه على المدى القصير يتجه المؤشر "تاسي" لإعادة اختبار مستوى الدعم الفني عند 10300 نقطة، ومن المتوقع الارتداد أعلى هذا المستوى خلال الربعين المقبلين، أما على المدى المتوسط فأكدت أن النظرة للسوق المالية السعودية تبقى حذرة إلى محايدة.
تحديات السيولة
يرى المستشار المالي محمود عطا أن انخفاض السيولة من أبرز التحديات التي تواجهها السوق، مع عزوف المستثمرين عن تكوين مراكز جديدة ترقباً للتطورات العالمية واكتمال نتائج الشركات عن الربع الثاني. وأشار إلى وجود إقبال على أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة نظراً إلى قلة الاستثمار الأولي المطلوب فيها.
بدوره، يقول المحلل في أسواق المال الإقليمية والعالمية محمد مهدي عبدالنبي، إن "ارتفاع كلفة التمويل المباشرة وغير المباشرة في السعودية بسبب انخفاض السيولة يزيد جاذبية الأصول ذات العوائد الثابتة مقارنة بالأسهم، وهو ما يشكل ضغطاً إضافياً على الأسهم.
ومن جانبه، يرى المستشار الاقتصادي لـ"مجموعة الحملي وشركائه" السعودية حسام الغايش أن نتائج البنوك أظهرت نمو القروض بوتيرة أسرع من الودائع، مما يشير إلى أن غالب البنوك المدرجة قد تواجه مستقبلاً صعوبة في توفير السيولة اللازمة للإقراض المتنامي، وهو ما يزيد الحذر لدى المستثمرين في السوق المالية السعودية.
اندبندنت عربية
المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202486