بريطانيا تعتبر سوريا آمنة... فما مصير طلبات لجوء الأقليات؟
دراسة كل حالة بشكل فردي .. وتقع مسؤولية إثبات وجود خطر الاضطهاد على مقدم الطلب




 

سيرياستيبس :

تنص الإرشادات البريطانية الجديدة التي تم إعدادها قبيل اندلاع العنف في مدينة السوداء ذات الغالبية من السكان الدروز والتفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق وأودى بحياة 26 شخصاً، على أن سوريا تُعتبر الآن آمنة بشكل عام لمعظم الأشخاص العائدين باستثناء أفراد الطائفة العلوية. فهل التطورات الأخيرة تدفع بتوجيهات جديدة في التعامل مع طالبي اللجوء السوريين؟ 

في وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أنها ستستأنف اتخاذ القرارات المتعلقة بطلبات الحماية المقدمة من أشخاص من سوريا، والتي تم تعليق اتخاذ القرارات بشأنها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024. وشمل التعليق الأشخاص الذين قدموا طلبات لجوء أولية أو استئنافات، إضافة إلى الحاصلين على صفة لاجئ والذين تقدموا بطلبات للإقامة الدائمة، بما في ذلك أولئك الذين وصلوا عبر برنامج إعادة توطين الأشخاص السوريين المعرضين للخطر.

وذكرت أنه من غير المرجح أن يواجه معارضو النظام السابق (الأسد) خطراً عند عودتهم إلى سوريا. كذلك فإن الشخص لا يُعتبر عرضة للخطر لمجرد كونه طالب لجوء مرفوضاً أو عائداً إلى البلاد، وتقع مسؤولية إثبات العكس على عاتق الفرد نفسه. 

ووفق المعلومات الواردة في التقرير فإنه حتى 15 مايو (أيار) 2025، عاد أكثر من 500 ألف سوري إلى البلاد، معظمهم من دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق. كذلك أصبح مطار دمشق يعمل مجدداً للرحلات الدولية. ولم تتمكن وحدة معلومات الدولة والبلدان (CPIT) من العثور على أي تقارير تفيد بأن السلطات السورية الجديدة قامت بإساءة معاملة أو اعتقال أو احتجاز العائدين، ومن ثم تقع مسؤولية إثبات العكس على الشخص المعني.

أوضاع الأقليات

ونشرت وزارة الداخلية البريطانية ملاحظات جديدة بعنوان "سياسات الدولة والمعلومات القُطرية" حول أوضاع فئات مختلفة من الناس في سوريا تتعلق بالأقليات مثل المسيحيين والدروز والأكراد والعلويين، وكذلك ما وصفته تقارير الحكومة البريطانية "الأسديين" أو الموالين للنظام السابق. 

وتنص الإرشادات البريطانية الجديدة التي تم إعدادها قبيل اندلاع العنف في مدينة السويداء ذات الغالبية من السكان الدروز والتفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق وأودى بحياة 26 شخصاً، على أن سوريا تُعتبر الآن آمنة بشكل عام لمعظم الأشخاص العائدين باستثناء أفراد الطائفة العلوية. وذكر أنه من المهم أخذ الظروف الفردية لكل شخص في الاعتبار عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالحماية الموقتة أو منح اللجوء، وتُقر وزارة الداخلية بأن الأوضاع في سوريا لا تزال صعبة للغاية لكثير من الناس.

 

قسمت الداخلية البريطانية إرشاداتها بشأن الأقليات في سوريا إلى ثلاث فئات؛ علويون ومن يعتقد أنهم موالون لنظام الأسد وهم الفئة الذين من المرجح أن يواجهوا خطراً حقيقياً من الاضطهاد أو الأذى الجسيم من جانب الدولة وربما الجهات الفاعلة غير الحكومية، والأكراد والمناطق الكردية، والأقليات الدينية وتضم المسيحيين والدروز والشيعة وغيرهم من الأقليات العرقية والدينية. 

وذكر التقرير الذي يتعلق بالأقليات والذي تم إعداده قبل اندلاع العنف في مدينة السويداء وسبق تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق، أنه "بشكل عام، من غير المرجح أن يواجه المسيحيون والدروز والمسلمون الشيعة (الإسماعيليون والاثنا عشرية) خطراً حقيقياً من الاضطهاد أو الأذى الجسيم من قبل الدولة. وتقع مسؤولية إثبات العكس على عاتق الفرد".

ولفت إلى أن هناك العديد من التقارير التي تسلط الضوء على المخاوف والحذر والقلق داخل المجتمعات المسيحية نتيجة الاضطرابات السياسية الأخيرة، بما في ذلك تقارير محددة عن هذه المشاعر داخل تلك المجتمعات. مضيفاً أنه "لكي يكون الخوف من الاضطهاد أو الأذى الجسيم مقبولاً قانونياً، يجب أن يكون قائماً على أسس موضوعية ومُدعّماً بأدلة ترتقي إلى المستوى المطلوب من الإثبات. وحتى الآن، لا توجد أدلة تدعم استنتاجاً بأن المسيحيين أو الأقليات الدينية الأخرى يتعرضون لاستهداف ممنهج من قبل الدولة".

وفق تقرير الحكومة البريطانية، فإن عدداً قليلاً من المسيحيين وأفراد الأقليات الأخرى قتلوا في العنف بالساحل السوري في مارس (آذار) الماضي، كذلك سُجّلت هجمات أخرى على مجتمعات شيعية خلال شهري فبراير (شباط) ومارس 2025. ويقول التقرير إن "تكرار تلك الحوادث بالنسبة إلى حجم السكان المعنيين لا يُشير إلى وجود خطر حقيقي من الاضطهاد أو الأذى الجسيم على الأقليات الدينية عموماً".

التحقيق في العنف

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع وزارة الداخلية البريطانية للتعرف ما إذا كان هناك أي تحديث بشأن إرشاداتها الخاصة بقبول قضايا طالبي اللجوء من الأقليات الدينية والعرقية في سوريا في ظل التطورات الحالية من العنف الطائفي المتزايد لا سيما بعد مقتل نحو 25 شخصاً وإصابة أكثر من 60 شخصاً في الهجوم الانتحاري الذي استهدف الكنيسة في 22 يونيو (حزيران) الماضي، وسقوط أكثر من 600 مدني درزي جراء الاشتباكات في السويداء الشهر الجاري، فضلاً عن تقارير حقوقية تؤكد استمرار العنف ضد العلويين. وفي حين وعد المسؤول الصحافي لمكتب وزارة الهجرة بالرد على أسئلة "اندبندنت عربية"، غير أننا لم نتلق رداً حتى نشر هذه السطور.

فيما رد المبعوث البريطاني الخاص لحرية الدين والمعتقد ديفيد سميث، على استفسار "اندبندنت عربية" عما إذا كانت هناك توصية جديدة بشأن التعامل مع ملف الأقليات السورية، مستعيناً بتصريحات وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بشأن سوريا أمام البرلمان الإثنين الماضي، معرباً عن صدمته من أعمال العنف الأخيرة في جنوب سوريا، بما في ذلك سقوط ضحايا مدنيين. وأشار الوزير البريطاني إلى أنه أبلغ نظيره السوري أسعد الشيباني بضرورة "وقف القتال، وأن تتم حماية المدنيين، وأن تُحترم حقوق جميع السوريين".

وطالب لامي بالتحقيق في العنف الذي وقع في السويداء ومحاسبة المسؤولين عنه. كما طالب بإعادة إيصال المساعدات الإنسانية، وتسليم الإغاثة، واحترام سيادة سوريا. وقال: "سوريا مستقرة تهمّنا في المملكة المتحدة، لأسباب تتعلق بالإرهاب، والهجرة غير النظامية، واستقرار المنطقة ككل. ويجب أن نمنع ترسيخ التطرف والطائفية والفوضى، خصوصاً بعد رحيل الأسد. لهذا ندعم وقف إطلاق نار مستدام، ولهذا أيضاً نؤيد انتقالاً شاملاً. ولهذا زرت دمشق أخيراً لدعم الحكومة الجديدة والضغط عليها للوفاء بالتزاماتها."

الحق في الاستئناف

وتذكر الداخلية البريطانية إنه إذا تم رفض طلب الحماية البريطانية من قبل أي مواطن سوري، فمن غير المحتمل أن يُصنّف على أنه "لا أساس له بوضوح" بموجب المادة 94 من قانون الجنسية والهجرة واللجوء لعام 2002. ما يعني أن رفض طلب الحماية أو اللجوء لا يعني بالضرورة أن السلطات ترى أنه ادعاء زائف أو لا قيمة له، بل هناك اعتراف ضمني بأن هناك أمور جدية تستحق النظر. كذلك تذكر الوزارة أنه "يجب دراسة كل حالة بناء على وقائعها الفردية، وتقع مسؤولية إثبات وجود خطر الاضطهاد أو الأذى الجسيم على الشخص المعني".

ووفق متخصصين في قضايا الهجرة واللجوء، فإنه في حين من المحتمل أن تُرفض بعض طلبات اللجوء، فلا يزال الشخص المتضرر لديه الحق في الاستئناف، لا سيما إذا كانت هذه الأسباب دينية أو عرقية أو صحية، أو لعدم وجود عائلة أو دعم في سوريا. 

وفي حين رحّبت جمعيات دعم اللاجئين باستئناف اتخاذ القرارات بشأن طلبات اللجوء من سوريا، لكنها دعت إلى توخي الحذر قبل اعتبار البلاد آمنة لجميع المتقدمين. ومن المتوقع أن يتم رفض معظم طلبات السوريين الساعين للجوء في المملكة المتحدة والذي يبلغ عددهم 7 آلاف و386 حالة.

وفي تصريحات سابقة للإعلام البريطاني، قال الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين أنور سليمان: "نحن ندرك التأثير الذي تركه تعليق اتخاذ القرارات على السوريين، حيث تركهم محاصرين في حالة من عدم اليقين، غير قادرين على العمل أو المضي قدماً في حياتهم، ويخشون على مستقبلهم." وأضاف :"لكن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر، ونحث الحكومة على ضمان تقييم كل طلب لجوء على أساس كل حالة على حدة، بما يكفل سلامة وحماية السوريين الذين قد يواجهون أخطاراً شديدة إذا أُعيدوا إلى بلادهم".



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=110&id=202428

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc