الصناعة السورية تتوجع بعد فتح الأسواق ..
20/07/2025



 

سيرياستيبس :

في توصيف الواقع، يواجه القطاع الصناعي السوري في المرحلة الراهنة تحدياً كبيراً تمثله المنافسة الشرسة للمستوردات في السوق المحلية، وسط بيئة تتسم بالضغوط الهيكلية والاضطرابات الاقتصادية. هذا التحدي يرتبط بعدة أبعاد جوهرية ترسم ملامح المشهد الصناعي وتحدياته.وفق ما أكد لـ”الوطن” الخبير الاقتصادي الدكتور في كلية الاقتصاد محمد كوسا موضحاً أن بدايتنا من الأسعار والجودة؛ فالمستوردات القادمة من دول ذات تكلفة إنتاج منخفضة أو تلك المدعومة مباشرة من حكوماتها تدخل السوق السورية بأسعار لا يستطيع المنتج المحلي على الأغلب مجاراتها، سواء في قطاع الإسمنت وعلى سبيل المثال لكونه سلعة رائجة اليوم أو غيره من الصناعات. حتى عندما تكون جودة المنتج السوري جيدة (كما هو الحال في بعض أصناف الإسمنت ) إلا أن ضعف التسويق وكثرة البدائل الأجنبية تقلل من حظوظه في السوق المحلية.

وأما على صعيد تكاليف الإنتاج، فقد بين كوسا  أن الصناعة الوطنية تعاني من ارتفاع جامح في تكلفة الطاقة والمحروقات وعدم انتظام التوريد، إلى جانب صعوبات في الحصول على المواد الأولية والأجهزة بفعل العقوبات الاقتصادية وتقييد التحويلات المالية. البنية التحتية الصناعية، التي تعرضت لأضرار جسيمة خلال سنوات الحرب، تجعل من عمليات التشغيل والصيانة عبئاً إضافياً على عاتق الصناعيين، في حين يفاقم نزيف الكفاءات وهجرة المهارات الفنية أزمة القطاع.

من جانب آخر– حسب الخبير الاقتصادي-، شهدت سنوات ما بعد الانفتاح الاقتصادي سياسة استيراد شبه مفتوحة، حيث انخفضت الرسوم الجمركية على المستوردات من دون اتخاذ تدابير حمائية فاعلة للصناعة السورية، فأصبحت السوق مفتوحة للمنتجات الأجنبية، في ظل غياب مبدأ “المعاملة بالمثل” مع بعض دول الجوار، مثل الأردن، ما انعكس سلباً على صناعات قادرة حتى اليوم على المنافسة رغم بيئة العمل الصعبة.

وأفاد أن المشكلة لا تقتصر على المستورد النظامي فقط، ظاهرة التهريب تضاعف الأزمة، إذ تتدفق سلع أجنبية بعيدة عن الرقابة الجمركية والضوابط الصحية والفنية، فتزاحم المنتج السوري بطريقة غير عادلة وتحصل ميزة سعرية إضافية. يُضاف إلى ذلك أزمة التمويل والاستثمار، إذ يعاني قطاع الصناعة من صعوبة الوصول إلى مصادر تمويل محلية أو خارجية، بسبب عدم الاستقرار وضعف الدعم الرسمي، وتعثر برامج تحديث وتطوير المصانع.

هذه التحديات تلقي بظلالها الاقتصادية على عدة مستويات:أهمها انخفاض مستوى الإنتاج الصناعي وإغلاق العديد من المنشآت كلياً أو جزئياً. إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة جراء توقف أو تقليص النشاط الصناعي.  والأهم استنزاف الاحتياطيات من القطع الأجنبي نتيجة الاعتماد المتزايد على الاستيراد. ومن التحديات أيضاً ضعف الميزان التجاري وتراجع الصادرات الصناعية. وفقدان الخبرات والتراكم المعرفي الصناعي، وصعوبة مواكبة التطور التكنولوجي.

أما على صعيد الحلول والسياسات المطلوبة، -وفق ما يراه الخبيركوسا-  نتفق على أهمية تطبيق سياسات حماية ذكية، تشمل:  فرض رسوم جمركية مدروسة على المنتجات المستوردة التي تتوافر صناعاتها محلياً خاصة الحرفية، من دون التأثير السلبي على أسعار السلع للمواطن أو استيراد مستلزمات الإنتاج. والأهم حسب د. كوسا مكافحة التهريب عبر تشديد الإجراءات الرقابية عند الحدود. وبالمقابل لابد من دعم تنافسية الصناعة الوطنية بتوفير الطاقة بأسعار مدعومة وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج ومنح حوافز استثمارية حقيقية.

إضافة إلى ضرورة  إطلاق حملات توعية لدعم المنتج المحلي، وتحسين الجودة والثقة لدى المستهلك. وهذا أيضاً يجب أن يترافق مع تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم دعم خاص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يزيد من قدرتها على الابتكار ومواجهة المنافسة الأجنبية.

وخلص بالقول:  يبقى التغلب على تحدي المستوردات رهناً برؤية اقتصادية شاملة تجمع بين الحماية العادلة والتطوير الهيكلي، وتستند إلى بيئة تشريعية واستثمارية محفزة، تضع الصناعة السورية على طريق التعافي والنهوض مجدداً.

هناء غانم



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202368

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc