4 مليارات دولار لا تزال خارج متناول الحكومة
عميد كلية الاقتصاد يقول أن عملية الإصلاح النقدي تحتاج إلى 5 سنوات




سيرياستيبس :

كشف عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق علي كنعان  ، أن المصرف المركزي لا يقوم باسترداد الأموال المجمدة بشكل مباشر إلى البلاد، بل يحتفظ بها في حسابات خارجية تُستخدم في تمويل عمليات الاستيراد والتصدير، بما يسهم في تغطية الالتزامات الخارجية والواردات الحيوية.

 

وأوضح كنعان أن هذه السياسة تمنح المصرف المركزي مرونة أكبر في التعامل مع حساباته الخارجية، وبيّن أن القرار الأميركي الأخير لا يشمل رفع التجميد عن الأموال المجمدة قبل عام 2015، إذ تم التصرف بها جزئيًّا من قبل النظام السابق في ظل غياب الرقابة والشفافية، خصوصًا في الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2015، التي شهدت مفاوضات مباشرة من قبل وفد قانوني مع بنوك أجنبية.

وأشار إلى أن تلك المرحلة شهدت حالات فساد، حيث استُغلت تلك الأصول من قبل وسطاء، وأُهدرت موارد تُقدّر بأكثر من 5 مليارات دولار، استخدمت لتغطية واردات غذائية أساسية مثل القمح والزيت والسكر، وذلك تحت بند أنه يجوز الإفراج عن أرصدة أو موارد اقتصادية مجمدة إذا اقتضت الضرورة لأغراض إنسانية، ويقتضي ذلك الحصول على إذن من السلطات في البلد الذي يقع فيه البنك. أما اليوم، فتُقدّر الأموال المجمدة المتبقية بأكثر من 4 مليارات دولار لا تزال خارج متناول الحكومة.

وأضاف كنعان أن عملية الإصلاح النقدي تحتاج إلى 5 سنوات على الأقل، في ظل التقلبات المتواصلة في سعر الصرف وتوقعات التضخم، مشددًا على أن أي مسار إصلاحي يتطلب أولًا الوصول إلى استقرار نقدي فعلي. وأكد أن رفع العقوبات يتيح للبنك المركزي السوري تلقي الأموال واستخدامها في تمويل البنية التحتية والخدمات الحيوية، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والإنتاج، متوقعًا أن تدخل البلاد استثمارات عربية وأجنبية تزيد عن 10 مليارات دولار إذا أُزيلت القيود المالية الدولية.

وقال إن انطلاق الاقتصاد السوري مجددًا يتطلب إعادة دمج البنوك المحلية ضمن النظام المالي العالمي، وعلى رأسه شبكة "سويفت"، بما يسهل تحويل الأموال ويُطمئن المستثمرين. كما دعا الحكومة السورية إلى التحضير لهذه المرحلة عبر تشكيل فرق عمل متخصصة، ووضع خطط استراتيجية لاستيعاب الاستثمارات المرتقبة من الداخل والخارج.

تحديات كبيرة بعد سنوات طويلة

في المقابل، لا يزال ملف الأصول السورية المجمدة يكتنفه الغموض، نظرًا إلى تعدد الجهات المحتفظة بها وتفاوت الإجراءات القانونية. وتُقدّر تلك الأصول عالميًّا بنحو 500 مليون دولار موزعة بين بنوك أوروبية وآسيوية ومؤسسات دولية، بعضها يعود لجهات حكومية والبعض الآخر مرتبط بشخصيات بارزة.

 

وتشمل تلك الأصول حسابات تابعة لمصرف سورية المركزي موزعة في بنوك مثل سويسرا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إلى جانب مؤسسات كانت تتعامل سابقًا مع الدولة السورية. ففي سويسرا، جُمّد ما يقارب 112 مليون دولار، بينما تشير تقارير بريطانية إلى وجود حساب يُنسب للرئيس السابق بشار الأسد يحتوي على 68.3 مليون دولار، ضمن إجمالي 205 ملايين دولار مجمدة في المملكة المتحدة.

ورغم صدور بيانات أوروبية تدعو إلى مساعدة الإدارة السورية الجديدة، لم تتضمن هذه التصريحات أرقامًا دقيقة حول الأصول المحتجزة، ما يُبقي الصورة المالية غير واضحة حتى الآن. كما كشفت تقارير رياضية عن وجود أموال سورية مجمّدة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تُقدّر بحوالي 11.5 مليون دولار، كان من المفترض تخصيصها لنشاطات رياضية وطنية، لكنها بقيت مقيّدة بفعل العقوبات.

ويواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة بعد سنوات طويلة من النزاع، إذ تراجعت احتياطيات العملات الأجنبية إلى نحو 200 مليون دولار فقط، مقارنة بـ18.5 مليار دولار قبل عام 2011، فيما يحتفظ المصرف المركزي بـ26 طنًّا من الذهب تُقدّر قيمتها السوقية بنحو 2.6 مليار دولار، وهي مخزنة داخليًّا. ويجمع خبراء الاقتصاد على أن رفع العقوبات الدولية يشكّل فرصة نادرة لإعادة توظيف الأصول المجمدة في مشاريع إنسانية وتنموية، في ظل الحاجات المالية المتزايدة التي تواجه البلاد في مرحلة إعادة الإعمار وبناء الاستقرار النقدي.



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=126&id=202244

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc