سوريا: الحديث عن اتفاق سلام مع إسرائيل سابق لأوانه
03/07/2025




الشيباني وعبد العاطي بحثا هاتفياً التطورات المتوقعة بعد رفع العقوبات الأميركية عن دمشق

سيرياستيبس :

قال الرئيس السوري أحمد الشرع مراراً إن بلاده لا تريد نزاعاً مع جاراتها، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها (غيتي)

 

نقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر رسمي لم يسمه أنه "لا يمكن الحديث عن احتمال التفاوض حول اتفاقات جديدة إلا بعد التزام الاحتلال الكامل باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وانسحابه من المناطق التي توغل فيها".

ذكرت الخارجية المصرية في بيان اليوم الخميس أن الوزير بدر عبد العاطي بحث في اتصال مع نظيره السوري أسعد الشيباني التطورات التي من المتوقع أن تشهدها سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية، بينما قال مصدر رسمي سوري أمس الأربعاء إن التصريحات في شأن توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل هي "سابقة لأوانها"، وفق ما نقل عنه التلفزيون الرسمي غداة إبداء تل أبيب اهتماماً بتطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان.

الاتصال المصري السوري

وذكرت الخارجية المصرية أن الجانبين بحثا خلال اتصالهما مساء أمس الأربعاء مجمل التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية فى سوريا، وتناولا "الانتهاكات والتجاوزات الاسرائيلية المتكررة للسيادة السورية".
وجدد عبد العاطي تأكيد دعم مصر "لتدشين عملية سياسية شاملة ذات ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، تحافظ وتدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وشرائحه".

سابقة لأوانها

وكان التلفزيون الرسمي السوري نقل عن مصدر رسمي لم يسمه، قوله إن "التصريحات المتعلقة بتوقيع اتفاق سلام مع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الراهن تعد سابقة لأوانها".

وأضاف المصدر "لا يمكن الحديث عن احتمال التفاوض حول اتفاقات جديدة، إلا بعد التزام الاحتلال الكامل باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وانسحابه من المناطق التي توغل فيها".

ويوم الإثنين، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده "مهتمة" بتطبيع علاقاتها مع سوريا ولبنان، "مع الحفاظ على المصالح الأمنية والجوهرية لدولة إسرائيل".

وجاءت تصريحات ساعر في خضم تحولات كبرى تشهدها المنطقة، بما في ذلك سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتكبد حليفه "حزب الله" اللبناني المدعوم من طهران خسائر كبرى في حربه الأخيرة مع إسرائيل.

وأكدت السلطات السورية الجديدة أنها أجرت محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، لخفض منسوب التوتر.

وشنت إسرائيل منذ إطاحة الأسد، مئات الضربات ضد الترسانة العسكرية السورية، كما تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، وقالت إن هدفها من عملياتها الحيلولة دون استحواذ السلطات الجديدة على ترسانة الجيش السوري السابق.

وقال الرئيس السوري أحمد الشرع مراراً إن بلاده لا تريد نزاعاً مع جاراتها، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها.

وتقول سوريا إن الهدف من المفاوضات الجارية، هو إحياء اتفاق عام 1974 لفك الاشتباك بين البلدين.

وشدد ساعر على أن إسرائيل لن تتخلى عن الجولان السوري الذي احتلت أجزاء واسعة منه في حرب عام 1967 وضمتها في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

وقال إن "إسرائيل فرضت قوانينها على هضبة الجولان قبل أكثر من 40 عاماً، وفي أي اتفاق سلام، سيبقى الجولان جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل".

وكثيراً ما شكلت السيطرة على الهضبة مصدر توتر بين إسرائيل وسوريا، علماً أن البلدين ما زالا تقنياً في حالة حرب.

ردود فعل متباينة

في شوارع دمشق وبيروت، يثير إعلان إسرائيل اهتمامها بـ"تطبيع" علاقاتها مع سوريا ولبنان ردود فعل متباينة، إزاء قضية كان نقاشها يعد حتى الأمس القريب من المحرمات.

وتقول رانيا الفواخيري، وهي ربة منزل لوكالة الصحافة الفرنسية، بينما كانت في أحد مقاهي دمشق "لا مشكلة في أن نجري مفاوضات سلام (مع إسرائيل)، لكن بما يحفظ كرامة سوريا".

وتضيف "بالتأكيد لا نتحدث عن تطبيع كامل، بل تطبيع مشروط لا ينال من حقنا"، معربة عن اعتقادها بأن سوريا التي خرجت من نزاع مدمر "لا استعدادات أو إمكانات لديها لتخوض حرباً" مع إسرائيل.

في المقهى ذاته، يقول المحامي عوض الحمد "ما أعرفه هو أن المفاوضات الجارية تتعلق بإعادة تنظيم فصل القوات لعام 1974"، لكن في ما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، وإن "كان من اختصاص القيادة"، على حد تعبيره، لكن تحقيقه من دونه شروط.

ويوضح "أي سلام يؤدي إلى إعادة الحقوق السورية، الشعب السوري كله معه. نحن نريد أرضنا، لدينا أرض مغتصبة"، في إشارة إلى هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، ويشدد على أن الجولان "لن يكون إلا عربياً سورياً".

صراع وجودي

خلال عقود، قدمت المناهج الدراسية في سوريا إسرائيل بوصفها "عدواً" و"كياناً مغتصباً"، مع عدم الاعتراف بشرعيتها كدولة. وعدت الصراع مع إسرائيل صراعاً وجودياً، بما يتخطى كونه نزاعاً حدودياً، واعتبرت أن تحرير الجولان "واجب قومي".

ولا تزال سوريا وإسرائيل رسمياً في حالة حرب منذ عام 1948، لكنهما وقعتا اتفاقات هدنة ووقف إطلاق نار قبل عقود.

وطالبت سوريا مراراً خلال حكم عائلة الأسد في جولات تفاوض باستعادة هضبة الجولان كاملة، في مقابل السلام مع إسرائيل.

ومع اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 توقفت المفاوضات تماماً، بينما توسع نفوذ إيران ومجموعات موالية لها.

وتأتي مساعي إسرائيل إلى التطبيع، بعدما أضعفت خصومها بهجمات عسكرية غير مسبوقة خصوصاً "حزب الله" اللبناني وإيران، عدا عن تغير الحكم في سوريا.


وتضغط الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، بدورها من أجل السلام. وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك الأحد إن السلام مع إسرائيل ضروري لسوريا ولبنان، ونقل عن الشرع قوله إنه "لا يكره إسرائيل ويريد السلام" عند الحدود معها.

وطلب الدبلوماسي الأميركي من المسؤولين اللبنانيين التزاماً رسمياً بنزع سلاح "حزب الله"، المعارض بشدة لاتفاقات التطبيع مع إسرائيل.

وعلى رغم سريان وقف لإطلاق النار، تواصل إسرائيل شن ضربات على لبنان، وتؤكد أنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته بعد الحرب التي تكبد فيها خسائر كبيرة على صعيد بنيته العسكرية والقيادية.

ويتعهد المسؤولون اللبنانيون حصر السلاح في يد الدولة، ويطالبون إسرائيل بالانسحاب من خمسة مرتفعات استراتيجية تقدمت إليها خلال الحرب، ولم تنسحب منها بعد وقف إطلاق النار.

وأثارت الحرب التي خاضها "حزب الله" ضد إسرائيل انتقادات واسعة في لبنان، بعدما أدت إلى مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وألحقت دماراً واسعاً بأجزاء من البلاد، وعمقت من الأزمة الاقتصادية.

"سلامة لبنان هي الأهم"

في شارع الحمرا في بيروت، يقول نعيم قصير (71 سنة)، "سلامة لبنان هي الأهم، وإذا كانت لا تتحقق إلا بالتطبيع يمكن إبرام معاهدة سلام حتى نعيد بناء بلدنا". ويعرب عن اعتقاده أن التطبيع "يبرم بين الحكومات، ولا يسري على الشعوب".

على بعد عشرات الأمتار، في شارع الحمرا أيضاً، يقول سائق سيارة الأجرة أحمد شمص (46 سنة) "لو طبع العالم كله مع إسرائيل، فنحن أصحاب الأرض في الجنوب والبقاع والضاحية لن نطبع معه"، ويضيف "سنبقى نقاتله حتى تنتهي الدنيا".

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=110&id=202225

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc