جفاف غير مسبوق يهدد قمح سوريا .. سيعاني الناس الفقر والجوع
28/06/2025





الفجوة مع الحاجة المحلية تراوح ما بين 2.5 و2.7 مليون طن

ملخص

تواجه سوريا أسوأ موجة جفاف منذ 60 عاماً، مما يهدد أكثر من 16 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي. وتضررت 75 في المئة من المساحات المزروعة بالقمح، مما دفع السلطات السورية والإدارة الذاتية الكردية للتنافس على شراء المحصول. والإنتاج المتدني سيؤدي إلى فجوة كبيرة، وسط اعتماد متزايد على الاستيراد، وتراجع قدرة المزارعين على الاستمرار من دون دعم.

في خضم جفاف غير مسبوق منذ عقود يهدد أكثر من 16 مليون سوري بانعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة، تتنافس السلطة السورية والإدارة الذاتية الكردية على شراء محاصيل القمح من المزارعين هذا العام.

وتضرر قرابة 2.5 مليون هكتار تقريباً من المساحات المزروعة بالقمح جراء الظروف المناخية السيئة، وفق ما أفادت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة وكالة الصحافة الفرنسية، مما سيدفع السلطات إلى الاعتماد بصورة متزايدة على الاستيراد، بعدما كانت البلاد تحقق اكتفاءها الذاتي من القمح قبل اندلاع النزاع عام 2011.

وتقول مساعدة ممثل "الفاو" في سوريا هيا أبو عساف، "الظروف المناخية القاسية التي شهدها الموسم الزراعي الحالي" تعد "الأسوأ منذ نحو 60 عاماً". وأثرت تلك الظروف في "نحو 75 في المئة من المساحات المزروعة والمراعي الطبيعية للإنتاج الحيواني".

وشهدت سوريا موسم شتاء قصيراً وانخفاضاً في مستوى الأمطار، وفق أبو عساف. وجراء ذلك، "تضرر وتأثر نحو 95 في المئة من القمح البعل، بينما سيعطي القمح المروي إنتاجاً أقل بنسبة 30 إلى 40 في المئة" من المعدل المعتاد، وفق مؤشرات "الفاو".

وتنبه أبو عساف إلى أن هذا الأمر "سيؤدي إلى فجوة تراوح ما بين 2.5 و2.7 مليون طن"، ما من شأنه أن "يضع نحو 16.3 مليون إنسان أمام خطر انعدام الأمن الغذائي في سوريا هذا العام".

تحديد الأسعار ومكافآت تشجيعية

قبل اندلاع النزاع عام 2011، كانت سوريا تحقق اكتفاءها الذاتي من القمح مع إنتاج 4.1 مليون طن سنوياً، لكن مع توسع رقعة المعارك وتعدد الأطراف المتنازعة، تراجع الإنتاج إلى مستويات قياسية، وبات النظام السابق مجبراً على الاستيراد، خصوصاً من حليفته روسيا.

وتتنافس السلطات السورية والإدارة الذاتية الكردية التي تشرف على منطقة واسعة في شمال وشمال شرقي البلاد، على شراء محاصيل القمح من المزارعين. وأعلن الطرفان اللذان وقعاً اتفاقاً لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية من دون أن يتم تنفيذه بعد، عن مكافأة مالية تضاف إلى السعر التجاري للطن الواحد.

وحددت وزارة الاقتصاد سعر شراء طن القمح بين 290 و320 دولاراً تبعاً للنوعية، تضاف إليها "مكافأة تشجيعية بقيمة 130 دولاراً"، بناءً على قرار رئاسي، في خطوة تهدف إلى "تشجيع المزارعين على تسليم محصولهم" إلى المؤسسة العامة للحبوب، وفق مسؤول حكومي.

في شمال شرقي سوريا، حددت الإدارة الذاتية الكردية سعر طن القمح بـ420 دولاراً يشمل "دعماً مباشراً بقيمة 70 دولاراً على كل طن من القمح، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة المزارعين على الاستمرار والإنتاج".

وكانت سلطات النظام السابق حددت العام الماضي سعر الطن الواحد بـ350 دولاراً، مقابل 310 دولارات في مناطق سيطرة القوات الكردية.

ويأتي تحديد الأسعار لهذا الموسم على وقع تدني الإنتاج وأزمة الجفاف غير المسبوقة منذ نحو ستة عقود، وفق خبراء ومسؤولين.


الري لم يعط النتائج المرجوة

تتوقع وزارة الزراعة السورية حصاد 300 إلى 350 ألف طن من القمح في مناطق سيطرة الحكومة. وتعتزم المؤسسة العامة للحبوب، وفق ما قال مديرها حسن عثمان للتلفزيون السوري أخيراً، شراء 250 إلى 300 ألف طن منها.

وشدد على أن "الاكتفاء (الذاتي) غير محقق، لكننا كمؤسسة نعمل على توفير الأمن الغذائي من طريق استيراد القمح من الخارج وطحنه في مطاحننا".

وكانت إمدادات دورية منتظمة من القمح تصل من روسيا خلال فترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. ومنذ إطاحته في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وصلت باخرة محملة بالقمح من روسيا في أبريل (نيسان) إلى مرفأ اللاذقية، وأخرى إلى ميناء طرطوس مايو (أيار) الماضي. كما أعلن العراق نقل 220 ألف طن من القمح كهدية إلى الشعب السوري.

في ريف عمودا شمال شرقي سوريا، يتفقد جمشيد حسو (65 سنة) سنابل القمح التي تغطي 200 هكتار مروية. ويقول بينما يفرك سنبلة بيديه، مشيراً إلى حبات القمح الصغيرة، "بذلنا مجهوداً كبيراً في زراعة القمح المروي بسبب تدني نسبة هطول الأمطار".

ويشرح، "سقيت هذه الأرض ست مرات بواسطة المرشات المائية". وعلى رغم ذلك "بقي طول السنابل قصيراً وإنتاجها قليلاً وحبوبها صغيرة".

واضطر الرجل الذي يعمل مزارعاً منذ أربعة عقود، إلى إنزال المضخات إلى عمق تجاوز 160 متراً بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية من أجل ري حقله. ومع ذلك بقي الإنتاج ضعيفاً جداً.

الحاجة إلى الدعم

بحسب منظمة "الفاو"، "شهد مستوى المياه انخفاضاً كبيراً جداً مقارنة مع السنوات الماضية" في مؤشر "مخيف".

ويفاقم الجفاف الذي تنعكس تداعياته سلباً على إنتاج محاصيل زراعية عدة وعلى قطاع الثروة الحيوانية، الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها السوريون أساساً بعد 14 عاماً من نزاع مدمر.

وتلعب المداخيل الزراعية دوراً رئيساً في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتحقيق الأمن الغذائي، وتحسين مستوى معيشة السكان، خصوصاً في المناطق الزراعية والريفية.

ويقول حسو، "ما لم يقدم لنا الدعم، لن نستطيع الاستمرار. لن يكون بمقدورنا حراثة الأرض وريها مجدداً لأننا نسير إلى المجهول ولا يوجد بديل آخر".

ويتابع، "سيعاني الناس الفقر والجوع".

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=132&id=202173

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc