سيرياستيبس :
في ظل الأزمات التي تعصف بالاقتصاد السوري تبرز تحديات القطاع الصناعي كواحدة من أهم القضايا. فمن خلال ما قاله محمد دعدوش، عضو غرفة صناعة دمشق وريفها، عبر صحيفة الحرية بتاريخ 13 حزيران 2025، يمكننا استخلاص مجموعة من الصعوبات والمعيقات التي تواجه الصناعة المحلية، وتحديداً صناعة الألبسة.
المصانع وفتح الأسواق
صرّح دعدوش بدايةً أن المصانع
التي واصلت عملها خلال 15 عاماً أنهكتها الحرب، ولم تعد تملك ما يكفي من
رأس المال للاستمرار في الإنتاج والمنافسة. خلق ذلك تناقضاً مع سياسة فتح
الأسواق المتبعة أمام كل المنتجات بما فيها الألبسة المستوردة، وبرسوم
جمركية منخفضة (4 دولارات للكيلوغرام).
كما يخلق هذا التناقض صراعاً
بين ضرورة حماية الصناعات المحلية وتأمين البنية التحتية لاستمرارية عملها،
وسياسة الانفتاح غير المضبوطة، التي تنعكس سلباً على قدرة المُنتَج المحلي
على منافسة المستورد.
تكاليفٌ مرتفعة وإنتاج محدود
ساهم ارتفاع سعر الليرة في
ارتفاع الأجور وأسعار حوامل الطاقة (كهرباء، غاز، فيول)، إلى جانب ارتفاع
الضرائب، من دون زيادة فعلية في الإنتاج، ما شكل تحدياً للقطاع الصناعي.
فقد
قوّضت زيادة تكاليف الإنتاج قدرة المصانع على المنافسة، وبالتالي لا يمكن
تجاهل ضرورة تحسين الأجور لضمان حياة كريمة للعمال أو فصلها عن انتهاج
سياسات ضرورية لدعم القطاع الصناعي على مستوى المواد الأولية والصيانة
والبنى التحتية والتطوير التكنولوجي.
رعاية خاصة وليست «خصخصة»
أشار دعدوش إلى أن «الصناعة بحاجةٍ إلى (رعاية خاصة) لفترة لا تتجاوز السنتين لاستعادة عافيتها.»
وإن
كانت «الرعاية» توفر حلاً مؤقتاً، إلا أنها لا تُغني عن إصلاحات هيكلية
طويلة الأمد، بحيث تتحول إلى نقطة انطلاق لإعادة بناء الصناعة الوطنية، بما
فيها من تحديث للتكنولوجيا وتحفيز لقوى الإنتاج، وإلا فإن الصناعة قد تعود
إلى حالة الركود بمجرد انتهاء فترة «الرعاية».
أما الأسواق فقد أُغرقت
خلال الأشهر الأخيرة بالألبسة الجاهزة نتيجة انخفاض الرسوم الجمركية على
المستوردات، في وقت تتراجع فيه الصناعة المحلية، ويرافق ذلك غياب خطط واضحة
للاستثمار التكنولوجي والتدريب لتحسين جودة المنتج، أو سياسات داعمة
لتخفيض كلف الإنتاج.
معالجة التحديات
ما تم تأكيده هو ضرورة معالجة هذه التحديات لإعادة الصناعة السورية إلى ساحة المنافسة.
فهذه
التحديات ليست معزولة، بل هي نتاج تفاعل بين عوامل اقتصادية واجتماعية
وسياسية، لا يمكن حلّها عبر معالجة مشكلة واحدة، بل لا بد من نهج يشمل
سياسات حمائية، ودعماً مالياً وتقنياً، وإصلاحاً للنظام الضريبي، من دون
إغلاق السوق أمام البضائع المستوردة، ما من شأنه أن يخلق نوعاً من التوازن
بين المصالح المتعارضة.قاسيون