إن طال أمد الحرب بين اسرائيل وإيران
متخصصون سوريون يتخوفون من ارتفاع فاتورة النفط وزيادة أسعار السلع وأجور النقل



 


 

سيرياستيبس :

يؤكد متخصصون ومتابعون في سوريا أن الارتدادات المتوقعة للهجوم الإسرائيلي على إيران والرد الإيراني مرتبط بتطورات الصراع العسكري بين الطرفين، وما يمكن أن يخلفه من تبعات اقتصادية على دول المنطقة


سجل الدولار ارتفاعاً مهماً أمام الليرة متجاوزاً 10 آلاف ليرة، بعدما كان عند مستوى 9200 ليرة طوال الأسابيع الماضية (أ ف ب)

بدأت المخاوف تتسرب إلى السوريين مع استمرار الحرب الإسرائيلية–الإيرانية التي اندلعت منذ فجر أول من أمس الجمعة.

مخاوف السوريين تتأتي من تبعات التوتر العسكري واحتمال إطالة أمده وتأثر دول الإقليم أمنياً واقتصادياً الذي سينعكس حكماً على سوريا ذات الاقتصاد الهش، وذهب الأمر ببعض إلى تبادل منشورات توعوية لكيفية التصرف في حال ضرب المنشآت النووية وحدوث تسرب إشعاعي، وتداول منشورات تبين مدى تأثر سوريا في حال جاء التسرب النووي من إسرائيل وفي حال جاء من إيران وكيفية التصرف حال حدوثه.

إلى ذلك، يؤكد متخصصون ومتابعون داخل سوريا أن الارتدادات المتوقعة للهجوم الإسرائيلي على إيران والرد الإيراني مرتبط بتطورات الصراع العسكري بين الطرفين، وما يمكن أن يخلقه من تبعات اقتصادية على دول المنطقة، خصوصاً إذا ما انطوت الأحداث على مفاجآت غير متوقعة، مما يتسبب في تباطؤ عملية الانفتاح الاقتصادي التي بدأتها سوريا بعد تعليق العقوبات الخارجية، وما يمكن أن يسببه من تأخر دخول الاستثمارات إلى سوريا.

وأشاروا إلى أن أكثر المخاوف حالياً نابعة من أن تطول مدة الحرب بين إسرائيل وإيران، وعندها ستكون الانعكاسات شاملة لجميع دول المنطقة ومنها سوريا، فإطالة الحرب ستؤدي إلى انعكاسات خطرة تتجلى في خسائر ستلحق بقطاع الطيران والنقل وتباطؤ النمو الاقتصادي وتعثر جهود الإصلاح والنهوض، علاوة على ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع أسعار النفط والغاز والمشتقات النفطية، إلى جانب تعثر الشركات المالية بسبب نقص السيولة وارتفاع كلف الإقراض، كذلك ارتفاع أسعار الخدمات وتأثر قطاع السياحة وزيادة معدلات التضخم.

 تباطؤ وتأخر التحضيرات

من جهته، يرى الكاتب الصحافي السوري معد عيسى أن "تأثير الحرب بين إيران وإسرائيل في الاقتصاد السوري هذه المرة قد يكون مختلفاً، فسوريا ولأول مره خارج الصراع وليست ضمن الاستهداف المباشر، بالتالي تأثير الحرب فيها سيكون من موقعها الجغرافي، وتتأثر كغيرها من انعكاس ذلك على أسعار النفط والمشتقات النفطية وطرق التجارة".

وأوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "سوريا كانت سابقاً تعتمد على النفط الإيراني أما اليوم فقد تغير الأمر، بالتالي ربما تكون الإمدادات بمنأى عن التوقف وسيكون التأثير من ارتفاع أسعار النفط التي ارتفعت خلال اليوم الأول بما يقارب 12 في المئة للعقود الآجلة، وهذا سينعكس على أجور نقل البضائع وقد يكون مكلفاً أكثر حال توقف طرق التجارة، إذ تعتمد سوريا بصورة كبيرة على بضائع الصين ودول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلاند وغيرها، والتي تأتي عبر ميناء العقبة الأردني".

وأضاف "على رغم أن أسطول النقل الجوي السوري محدود فإن إغلاق المجال الجوي سيعوق ويؤخر كثيراً من الأعمال التي يُحضَّر لها حالياً في سوريا، وهذا سيزيد من تأخير انطلاق الحركة الاقتصادية التي تنتظر قدوم المستثمرين الأجانب وعودة السوريين، كذلك سيكون للحرب تأثير سلبي كبير في قطاع السياحة الذي كان يتوقع بعض أن يكون مختلفاً هذا العام بعد رفع العقوبات، ولكن مع الحرب ألغيت كثير من الزيارات المتوقعة والأمر سيكون أكثر خطورة مع التخوف من استخدام الأسلحة وضرب المواقع الحساسة، التي قد تخلف تلوثاً في المنطقة".

وأشار إلى أن "حجم الخسائر يرتبط بصورة مباشرة بطول أمد هذه الحرب والأسلحة المستخدمة وتصاعد التوترات، وكل ذلك سيؤخر قدوم الاستثمارات ويرفع من أجور النقل وكلف التوريدات التي قد تتأخر بسلوك طرق جديدة أو تعتمد وسائل نقل مختلفة".

تأثر سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار

هذا، ويبدو واضحاً أن سعر صرف الليرة كان أول من تلقى الصدمة وسجل الدولار ارتفاعاً مهماً أمام الليرة متجاوزاً 10 آلاف ليرة، بعدما كان عند مستوى 9200 ليرة طوال الأسابيع الماضية، وسط توقعات بمزيد من الارتفاع خلال الأيام المقبلة.

وحذر متخصصون من استغلال المضاربين للوضع برفع سعر الصرف وحدوث مزيد من التضخم وارتفاع الأسعار داخل بلد لم تتح له الفرصة بعد للخروج من واقعه الاقتصادي الصعب بعد 14 عاماً من الحرب. ويرى عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق أن "أية حرب أو توترات في المنطقة تعني أن هناك تطورات سترافقها ويمكن أن تحرك سلباً أو إيجاباً في السياسة والاقتصاد والصناعة والتجارة، والتأثير المباشر سيكون في سلاسل الإمداد، وبالنسبة إلى سوريا ومع توقف حركة الطيران في المنطقة قد تؤثر التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران في تأخر وصول بعض المواد الحساسة والضرورية التي تشحن بالطائرات"، موضحاً "أتحدث عن مواد خاصة كالمواد الطبية والتجهيزات الطبية الدقيقة وهذه ستؤثر فيها الأحداث الحالية، خصوصاً لجهة الالتزام بمواعيد تنفيذ العقود، مما سيتسبب في تأخر وصولها خصوصاً إذا ما طال أمد الحرب".

وأضاف حلاق في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "يمكن أن يؤثر الأمر أيضاً في ارتفاع الأسعار داخل الأسواق السورية، خصوصاً بعد انقضاء مدة الترقب التي تكون عادة هي الـ48 ساعة الأولى، قبل أن يتحول الأمر خلال الأيام التالية إلى سلوك يفضي إلى رفع الأسعار، وقيام المحتكرين بعمليات التخزين، في حين يلجأ الناس خصوصاً المقتدرين منهم إلى تخزين المواد، وتقل التنافسية في الأسواق مما يخلق سوقاً غير منضبطة".

وتابع أن "التأثير الأكبر سيظهر داخل أسواق السلع التكاملية كالسيارات، التي قد تنخفض أسعارها نظراً لتوافر معروض كبير منها"، مشيراً إلى أن حركة النقل ووصول البواخر بالصورة الحالية لمسار التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران قد لا يتأثر سريعاً، خصوصاً أن سوريا تعتمد على طرق عدة للاستيراد، أولها من طريق ميناء العقبة وهو آمن ومنه تنتقل البضائع من شرق آسيا وتدخل إلى سوريا عبر معبر نصيب، وثانياً عبر مرفأي اللاذقية وبيروت وهذا الأخير يعتمد عليه بصورة كبيرة لشحن البضائع إلى الداخل السوري أو إلى دول الجوار، خصوصاً العراق عبر سوريا وثالثاً عبر المرافئ التركية ومنها إلى المناطق الحرة ومن ثم تدخل البضائع إلى سوريا عبر معابر الشمال"، مستدركاً "لكن حتماً ستتأثر بارتفاع كلف التأمين على البواخر والسلع نتيجة التوترات، وهذا سينعكس على أسعارها لاحقاً داخل الأسواق"، مضيفاً "إذا طالت مدة الحرب فإننا سنكون أمام منعكسات واضحة في سوريا وباقي دول المنطقة، نظراً إلى أن سلاسل الإمداد ستبدو أكثر تأثراً، بالتالي يمكن أن يتأثر شحن المواد الأولية لزوم الصناعة نتيجة ارتفاع كلف نقلها".

ارتفاع الدولار أمام الليرة

وأكد عضو غرفة تجارة دمشق في ما يتعلق بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، أن سعر الصرف في سوريا يرتفع وينخفض تبعاً لمعطيات غير اقتصادية، بالتالي فمن المؤكد أنه سيرتفع مدفوعاً بالعوامل النفسية السلبية الناجمة عن الحرب واستغلال المضاربين لها".

وهذا ما أكده مستشار وزير الاقتصاد والصناعة لشؤون السيولة والنقد جورج خزام الذي قال إنه "من الطبيعي أن يكون هنالك ارتفاع كبير بسعر صرف الدولار بسبب بدء الحرب بين إسرائيل وإيران"، مشيراً إلى أن "زيادة الطلب على الدولار ستكون من قبل الصرافين الكبار في الداخل والخارج أنفسهم، الذين قاموا بتجفيف الليرة ويمتلكون الأموال الكافية بالليرة لإحداث زيادة بالطلب على الدولار لرفع سعره، وبعدها يعود سعر صرف الدولار للانخفاض في عملية جني أرباح جديدة كالمعتاد".


إلا أن خزام تساءل مستغرباً في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه إذا كان معظم الشعب السوري وبنسبة 80 في المئة تحت خط الفقر وليس لديه مدخرات بالليرة السورية وإذا كانت مدخرات كل التجار والصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال بعملة الدولار وبالذهب، والقليل منه بالليرة السورية للحاجات اليومية، وإذا كانت الأسواق بالأساس تعاني تجفيف السيولة بالليرة السورية والدليل هو الانخفاض الوهمي لسعر الدولار، فكيف سيزداد الطلب على الدولار؟ خصوصاً إذا كان معظم مدخرات المواطنين بالدولار ولا توجد سيولة كافية بالليرة السورية لتُستخدم بزيادة الطلب على الدولار، قائلاً "هذا ما يؤكد أن تحركات سعر الصرف نفسية".

تحذيرات من إغلاق مضيق هرمز

من جانبه، حذر الكاتب السياسي محمد القادري من تفجر الأوضاع، خصوصاً إذا ما قررت إيران إغلاق مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب، ويُنقل عبره ما يقارب 20 مليون برميل يومياً من النفط ومنتجاته، وهو ما يمثل خمس شحنات النفط العالمية وأي تحرك لإغلاقه سيؤثر سلباً في أسواق الطاقة، بالتالي فإن منع ناقلات النفط من العبور سيهدد سلاسل الإمداد ويؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 130 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أن هذا الأمر سينعكس على اقتصادات دول المنطقة وفي مقدمها سوريا، التي تعتمد على الاستيراد لتأمين حاجاتها من النفط والغاز وبخاصة لقطاع الكهرباء.

ويأمل الكاتب السياسي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" ألا يطول أمد الحرب وأن تكون هناك ضغوط سياسية واقتصادية لوقفها، خصوصاً من قبل الصين المتضرر الأكبر من إغلاق مضيق هرمز، مشيراً إلى أن سوريا لن تكون في منأى عن ارتدادات الحرب الإيرانية-الإسرائيلية مثلها مثل كل دول المنطقة.

سوريا: إغلاق الأجواء وتأجيل رحلات الطيران

 في غضون ذلك، أعلنت هيئة الطيران المدني في سوريا إغلاقاً موقتاً لأجواء البلاد، جراء المستجدات الإقليمية الراهنة عقب الضربة الإسرائيلية على إيران لتعيد فتحها بصورة جزئية صباح أمس السبت.

ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن رئيس الهيئة أشهد الصليبي قوله "إغلاق موقت للأجواء السورية"، مؤكداً أن "ذلك يأتي في إطار الإجراءات الاحترازية التي نتخذها لضمان سلامة حركة الطيران المدني، وسط المستجدات الإقليمية الراهنة".

وأعلنت شركة "فلاي شام" وهي شركة طيران خاصة بدأت حديثاً رحلاتها من وإلى سوريا عن توقف رحلاتها موقتاً، نتيجة التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران وإغلاق المجال الجوي في المنطقة.

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202060

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc