مشكلات السلامة وأخطاء الصناعة في بوينغ تهدد مستقبلها
13/06/2025





تعد الخطوط الجوية الهندية من أكبر مستخدمي طائرات "دريملانر" التي تنتجها الشركة الأميركية

 

 سيرياستيبس :

تأتي حادثة "دريملاينر" في الهند أيضاً بعد أيام من توصل "بوينغ" إلى تسوية مع وزارة العدل الأميركية تجنبها تحمل المسؤولية الجنائية في حوادث لطائرات من طراز "737-ماكس" أودت بحياة مئات المسافرين، وتنتظر تلك التسوية موافقة قاض أميركي، لكنها واجهت انتقادات من عائلات الضحايا في حوادث تلك الطائرات

هوت أسهم شركة "بوينغ" الأميركية لصناعة الطائرات خلال تعاملات ما قبل الفتح في "وول ستريت" بما يصل إلى ثمانية في المئة عقب حادثة تحطم طائرة للخطوط الجوية الهندية بعد إقلاعها من مطار أحمد آباد غرب الهند في طريقها إلى العاصمة البريطانية لندن اليوم الخميس.

ولم يعرف بعد السبب الدقيق لتحطم الطائرة، فيما تتركز الجهود على البحث عن ناجين من بين 242 شخصاً كانوا على متنها ويعتقد أنهم لقوا حتفهم مع احتمال زيادة أعداد الضحايا نتيجة تحطمها في منطقة سكنية، لكن التكهنات بدأت على الفور في شأن مشكلات السلامة وأخطاء الصناعة التي تواجهها "بوينغ" في طائراتها منذ أعوام، وأدت إلى تراجع مكانة الشركة العملاقة عالمياً.

وبحسب بيانات شبكة سلامة الملاحة الجوية فهذه أول حادثة تحطم لطائرة بوينغ من طراز "787-8 دريملاينر"، وإن كان ذلك الطراز شهد مشكلات من قبل لكنها لم ترق إلى حادثة تحطم بهذه الصورة.

وأوقفت شركات الطيران التي تستخدم طراز "دريملاينر" أسطولها بالكامل عام 2023 بعد حرائق عدة في بطاريات الليثيوم، وهي جزء من النظام الكهربائي فيها.

وتعد الخطوط الجوية الهندية من بين أكبر شركات الطيران تشغيلاً لطائرات "بوينغ" من طراز "787 دريملاينر"، ولديها نحو 27 طائرة من هذا النوع عاملة على وجهات مختلفة للشركة، كما أن لدى الخطوط القطرية وشركة الخطوط الإثيوبية أيضاً عدداً معقولاً من ذلك الطراز.

وفور وقوع الحادثة أعلنت "بيونغ" في بيان لها "نحن على علم بالتقارير الأولية ونعمل على جمع مزيد من المعلومات"، لكن التأثير السلبي في السوق بدأ على الفور مع توقع انخفاض أسهم الشركة أكثر مع فتح الأسواق اليوم الخميس.

أزمات لا تنتهي

وكانت "بوينغ" شهدت تحسناً في أوضاعها بعد كوارث عدة ومشكلات صناعة خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة. حتى إن الرئيس التنفيذي الجديد للشركة والذي جاء من التقاعد، كيلي أورتبيرغ، وصف العام الحالي بأنه "عام التحول للشركة"، وذلك في رسالة وجهها إلى العاملين في أبريل (نيسان) الماضي، كما أعلنت الشركة نتائج مالية أفضل من المتوقع خلال إفصاح الربع الأول من هذا العام.

ويعد طراز "دريملاينر"، عريض الجسم والذي يستخدم في الرحلات الطويلة، ركيزة إنتاج الشركة لاستعادة مكانتها في السوق الآخذة في التدهور منذ منتصف العقد الماضي، إذ تأخر إنتاج وتسليم ذلك الطراز أكثر من مرة بسبب مشكلات في الصناعة وشروط السلامة، لكن "بوينغ" في النهاية سلمت طائرات عدة تشغلها أكثر من شركة طيران كبرى مثل الخطوط الجوية البريطانية وشركة "يونايتد إيرلاينز" الأميركية وشركة "أول نيبون إيروايز" اليابانية.



لكن سلامة وجودة ذلك الطراز تتعرض باستمرار لانتكاسات كان أحدثها مطلع هذا الأسبوع مع إعلان شركة "أميركان إيرلاينز" عن تكرار مشكلات الصيانة في طائرة من طراز "787-9 دريملاينر" تسلمتها الشركة من "بوينغ" نهاية أبريل الماضي، ومنذ ذلك الحين لا تكاد الطائرة تكمل رحلة تجارية من دون أعطال وتأخير وعودة لعنابر الصيانة بسبب مشكلات في المحركات والأبواب وغير ذلك.

وفي أبريل 2024 قالت "هيئة الطيران المدني الفيدرالية" إنها تحقق في ما أثاره أحد مهندسي شركة "بوينغ" حول طائرات "787 دريملاينر"، حين كشف عن أن بعض أجزاء جسم الطائرة يجري لحامها مع بعضها بطريقة غير سليمة، مما يهدد بانفصالها اثناء التحليق في الجو وانهيار جسم الطائرة.

كوارث سابقة

وتأتي حادثة "دريملاينر" في الهند أيضاً بعد أيام من توصل "بوينغ" إلى تسوية مع وزارة العدل الأميركية تجنبها تحمل المسؤولية الجنائية في حوادث لطائرات من طراز "737-ماكس" أودت بحياة مئات المسافرين، وتنتظر تلك التسوية موافقة قاض أميركي، لكنها واجهت انتقادات من عائلات الضحايا في حوادث تلك الطائرات.

ولا يعفي الاتفاق القضائي "بوينغ" من تحمل المسؤولية المدنية عن أخطاء الصناعة وفشل إجراءات السلامة، ويلزمها بدفع غرامة 1.1 مليار دولار، يذهب جزء منها لصندوق تعويضات ذوي الضحايا.

وفي أحدث مشكلات طائرات "بوينغ" من طراز "ماكس" ما حدث في يناير (كانون الثاني) 2024 لطائرة تابعة لشركة "آلاسكا إيرلاينز" حين انخلع باب الطائرة وهي في الجو، مما عرض الركاب لضغط خارجي هائل ومفاجئ، وعلى رغم أنه لم يقع ضحايا في الحادثة لكن السلطات المنظمة للطيران المدني الزمت "بوينغ" بإعادة تصميم هياكل الأبواب في ذلك الطراز.

وكذلك تعرض أسطول طائرات "737 ماكس" لـ "بوينغ" لكوارث عدة سابقة خلال العقد الماضي، وتشبه ظروف أكبر حادثتي تحطم راح ضحيتهما 346 شخصاً قبل أعوام ما حدث مع طائرة الخطوط الهندية، إذ إن التحطم حدث بعد دقائق من الإقلاع، ففي عام 2018 تحطمت طائرة شركة "لايون أير" الإندونيسية من طراز "737 ماكس" في بحر جافا بعد إقلاعها بدقائق وعلى متنها 189 شخصاً لم ينج منهم أحد، وفي عام 2019 تحطمت طائرة مماثلة من الطراز نفسه تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية بعد دقائق من إقلاعها وقتل 157 راكباً على متنها.

ومع صعوبة تقدير تبعات الحادثة الأخيرة في الهند على مستقبل "بوينغ" الأميركية العملاقة، وبغض النظر عن السبب النهائي لتحطم الطائرة الذي ستكشف عنه التحقيقات، فإن مشكلات السلامة وعيوب التصنيع عادت بقوة لتهدد الشركة، وحتى الصفقات التي أعلنتها أخيراً، ومنها صفقة الخطوط القطرية لشراء أكثر من 200 طائرة من "بوينغ" بقيمة تقارب 90 مليار دولار خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للدوحة الشهر الماضي، لم تلبث أن الحقت بإلغاء قطر شراء 50 طائرة من طراز "737 ماكس"، بعد أن اتفقت على شرائها من "بوينغ" عام 2022.

ومما يزيد من مشكلات الشركة الأميركية للصناعات الجوية والعسكرية أيضاً أن الاتحاد الأوروبي تعهد قبل أسابيع بأن تشمل إجراءات رد الفعل على سياسة التعرفة الجمركية الجديدة لإدارة ترمب شركة "بوينغ" لصناعة الطائرات، وذلك ضمن إجراءات عقابية على نحو 100 مليار دولار من الصادرات الأميركية لأوروبا، وذلك في حال فشل المفاوضات الحالية بين بروكسل وواشنطن للتوصل إلى اتفاق لتهدئة الحرب التجارية.



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=202034

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc