هل تساعد عودة سوريا لنظام سويفت في تسريع الانفتاح الاقتصادي؟
جليلاتي تعاون مبدئي مع المصارف الأردنيةلانجاز التحويلات وفتح الاعتمادات ..




شركات الصرافة أرهقت التجار بعمولاتها التي وصلت إلى 40 في المئة


سيرياستيبس :

تشير التوقعات إلى إعادة ربط المصارف السورية بنظام "سويفت" العالمي للمدفوعات الدولية خلال الأسابيع القليلة المقبلة

ملخص

إعلان عودة سوريا لنظام "سويفت" قريباً واستئناف العلاقات مع البنوك المراسلة حول العالم يشكل نقطة تحول في مسار الانفتاح الاقتصادي وإعادة الاندماج المالي لسوريا في النظام المصرفي العالمي

في تطور بالغ الأهمية للقطاع المالي والمصرفي والتجاري في سوريا، تشير التوقعات أن يعاد ربط المصارف السورية بنظام "سويفت" العالمي للمدفوعات الدولية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وفقاً لما صرح به حاكم مصرف سوريا المركزي، إذ يأتي ذلك بعد 14 عاماً من العزلة نتيجة العقوبات التي تسببت في شلل شبه كامل للمدفوعات الدولية مع سوريا، وأجبرت القطاعات التجارية على اللجوء إلى قنوات غير رسمية.

ومع هذا الإعلان يستعد القطاع المصرفي في سوريا لاستئناف علاقاته وتعاملاته مع البنوك المراسلة حول العالم، بما يسمح بالتحويلات المالية بالاتجاهين وخفض كلف الاستيراد والتصدير وتعزيز احتياطات البلاد من النقد الأجنبي وتعزيز جهود غسل الأموال، كما أنه يعيد تمويل العمليات التجارية للقنوات المصرفية، بعد أن لجأت إلى شركات الصرافة لسنوات بما تنطوي عليه من أخطار وكلف عالية إلى جانب افتقارها إلى الشفافية والكفاءة وما نجم عن ذلك من ضعف الثقة بالقطاع المالي السوري.

متخصصون يرون أن عودة سوريا لنظام "سويفت" العالمي واستئناف العلاقات مع البنوك المراسلة حول العالم، يشكل نقطة تحول في مسار الانفتاح الاقتصادي وإعادة الاندماج المالي لسوريا في النظام المصرفي العالمي، فمنذ عام 2012 خضعت المصارف السورية الكبرى لعقوبات دولية، أدت إلى فصلها الكامل عن شبكة "سويفت" وتوقف التعامل مع البنوك المراسلة امتثالاً للعقوبات، التي تعد البنية التحتية الأهم في النظام المالي العالمي لتسهيل وتسوية المدفوعات العابرة للحدود، مؤكدين أنه من شأن هذه الخطوة أن تكون مقدمة لإصلاحات مالية عميقة وواسعة، تشمل تحديث القوانين الناظمة للقطاع المصرفي، وتعزيز استقلالية البنك المركزي، والاندماج في أسواق رأس المال الدولية.

الرهان على صانعي القرار المصرفي والمالي

إلى ذلك قال الاستشاري المصرفي السوري محمد الجبالي إن "إعادة ربط سوريا بالشبكة المالية الدولية لا تعد مجرد تقنية، بل هي إشارة سياسية واقتصادية ذات دلالات عميقة لجهة تعزيز الشفافية المصرفية، وتوفير إطار موحد وآمن للتواصل بين المصارف، مما يعزز الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وخفض كلفة التحويلات المالية، إذ سيؤدي استئناف الوصول المباشر إلى البنية التحتية العالمية إلى تقليص الكلف العالية المرتبطة بالقنوات الوسيطة، إلى جانب تحفيز التبادل التجاري والاستثماري، إذ سيكون للقطاع التجاري السوري القدرة مجدداً على فتح الاعتمادات المستندية وإجراء التحويلات المصرفية الرسمية، مما يشجع على عودة المستثمرين والتجار الإقليميين والدوليين وتيسير التحويلات من الخارج، إذ ستتاح للمغتربين السوريين قنوات آمنة ورسمية لإرسال الأموال، بما يسهم في دعم احتياطات البلاد من العملات الأجنبية".

وحول التحديات المتوقعة في هذا الإطار أوضح الجبالي أنه "على رغم الإيجابية التي تحملها هذه العودة، تبقى هناك تحديات تقنية وتشغيلية ينبغي التعامل معها بواقعية، وأهمها ضرورة تحديث البنية التحتية الإلكترونية للمصارف المحلية لتتوافق مع معايير ’سويفت‘ الجديدة (ISO 20022) والحاجة إلى تدريب الكوادر المصرفية وتأهيلها لإدارة العمليات عبر المنصة بما يتماشى مع أحدث بروتوكولات الأمان، إلى جانب مراقبة دقيقة من الجهات التنظيمية الدولية لضمان عدم استخدام النظام في تجاوز العقوبات الجزئية المتبقية".

وأشار في منشور له إلى أن "العودة لنظام سويفت تفتح الباب أمام إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي السوري، وتوفر فرصة حقيقية لاستعادة الثقة، وجذب التحويلات والاستثمارات، وإنشاء شراكات مصرفية مع مؤسسات مالية إقليمية ودولية"، مضيفاً "من شأن هذه الخطوة - إن أديرت بحكمة - أن تكون مقدمة لإصلاحات مالية أعمق، تشمل تحديث القوانين الناظمة للقطاع المصرفي، وتعزيز استقلالية البنك المركزي، والاندماج في أسواق رأس المال الدولية"، مؤكداً أن استعادة سوريا لقدرتها على التواصل المالي الدولي عبر "سويفت" تشكل بداية جديدة لقطاع مصرفي قادر على أن يلعب دوراً فاعلاً في دعم التعافي الاقتصادي للبلاد، والرهان الآن على صانعي القرار في القطاع المصرفي السوري أن يحسنوا استثمار هذه الفرصة التاريخية.

اتفاق مع البنوك الأردنية لتكون الوسيط

في هذا السياق في خطوة مبدئية تهدف إلى تسريع وإعادة تنشيط عملية التحويلات من سوريا وإليها، وريثما تتمكن المصارف السوريا ككل من إعادة بناء علاقاتها مع البنوك المراسلة في الخارج، تستعد ثلاثة مصارف خاصة سورية، وهي المصارف التي تمتلك شريكاً استراتيجياً لها في الأردن لتقديم الخدمات المتعلقة بتمويل العمليات التجارية والتحويلات عبر المصارف الأم في الأردن التي ستقوم بدور الوسيط بين المصارف السوريا الشريكة فيها والمصارف المراسلة لها في مختلف دول العالم.

مدير البنك الدولي للتجارة والتمويل الذي يسهم فيه بنك "الإسكان الأردني" كشريك استراتيجي فادي جليلاتي، أكد أهمية إعادة تفعيل نظام "سويفت" لدى المصارف السورية واعتبرها بمثابة نقطة تحول جوهرية في مسار الانفتاح الاقتصادي وإعادة الاندماج المالي لسوريا في النظام المصرفي العالمي.

وقال في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إنه وبناء على توافق بين مصرف سوريا المركزي وبنك الأردن المركزي فإن البنوك الأم في الأردن ستكون بوابة لتمويل التجارة الخارجية وإنجاز التحويلات وفتح الاعتمادات المستندية والبوالص عبر المصارف الشريكة لها الموجودة في سوريا، وهي "المصرف الدولي للتجارة والتمويل" والبنك "العربي سوريا" وبنك "الأردن سوريا"، مما يضمن ربطها مع البنوك المراسلة في مختلف دول العالم، مشيراً إلى أن الخطوات باتجاه هذا الربط بدأت بصورة جدية، وهي "قاب قوسين أو أدنى" لتصبح متاحة، إذ يجري حالياً إنجاز الاتفاق والتنسيق بين إدارات الامتثال الموجودة في البنوك السورية الثلاثة والبنوك الأم في الأردن لضمان تنفيذ التعليمات المتعلقة بالتحويل وضمان التوافق في ما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب والتأكد من سلامة التحويلات المالية من سوريا وإليها.

وقال إن "المصارف السورية قادرة وعلى رغم العقوبات على التقيد بمعايير الالتزام والامتثال، ومستعدة للقيام بعمليات تمويل التجارة الخارجية والتحويلات وحتى تمويل العمليات التجارية بالنقد الأجنبي في مقابل ضمانات، على أن تكون البنوك الأردنية بوابتها للعالم الخارجي للاستفادة من علاقاتها مع مختلف البنوك الخارجية ريثما تتمكن البنوك السورية من إنجاز الاتفاقات المطلوبة مع البنوك المراسلة والعمل معها بصورة مباشرة، وبالتالي سيصبح بإمكان أي عميل فتح اعتماد في البنك السوري الذي لديه شريك استراتيجي أردني خاص بعمليات الاستيراد أو التصدير، ويكون قادراً على تحويل قيم مستورداته أو تلقي قيم صادراته، وهذا يعني بدء عودة المصارف السورية لممارسة دورها المصرفي الطبيعي، خصوصاً لجهة تمويل العمليات التجارية وتسهيل التحويلات، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تخلي التجار ورجال الأعمال السوريين عن شركات الصرافة لتحويل قيمة عملياتهم التجارية التي كان يجري اللجوء إليها بسبب العقوبات المفروضة على القطاع المصرفي السوري، قائلاً "كلنا يعرف أن التحويل عبر شركات الصرافة فيه أخطار عدة عن كونها مكلفة بسبب العمولات العالية التي كانت تتقاضاها وتصل إلى 30 و40 في المئة، وبالتالي تحميلها على سعر المنتج النهائي، مما يعني رفع الأسعار على المستهلك"، مضيفاً "نحن نستعد للعودة لما كنا عليه قبل عام 2011 من حيث ممارسة عملنا المصرفي الطبيعي لجهة فتح الاعتمادات المستندية وتمويل عمليات التجارة الخارجية من خلال شبكة البنوك المراسلة حول العالم"، معتبراً أن التعامل عبر المصارف الأردنية هو خطوة باتجاه التعامل المباشر مع البنوك المراسلة حول العالم، موضحاً أن "هذا يحتاج إلى بعض الوقت ريثما يجري التواصل مع البنوك المراسلة وإعادة تفعيل العلاقات معها"، مؤكداً أن نظام "سويفت" بقي مستمراً بالعمل لدى المصارف الخاصة ولكن بضوابط وإطار ضيق جداً بسبب العقوبات، والأهم عدم إمكان تمرير أي تحويلات مالية بالنقد الأجنبي للخارج، بسبب العقوبات بالتالي لم يعد بالإمكان تحويل الأموال عبر "سويفت"، واليوم مع رفع العقوبات يفترض أنه أصبح بالإمكان العمل على استئناف التحويلات للخارج من خلال القطاع المصرفي بصورة طبيعية.

جليلاتي قال إن "المصارف السورية جاهزة للعمل ولديها الإمكانات لذلك، ويحتاج الأمر فحسب إلى إعادة تفعيل العلاقة مع البنوك المراسلة بالخارج، بما يتوافق مع المعايير المصرفية العالمية".

وفي رده على سؤال لـ"اندبندنت عربية" حول مدى امتثال التجار لدعوة غرفة "تجارة دمشق" لإيداع أموالهم في المصارف بدلاً من المنازل، أكد جليلاتي أنه "منذ صدور قرار المركزي السوري بالسماح بسحب الأموال المودعة نقداً بعد السابع من مايو (آيار) الماضي بدأت الإيداعات بالتحسن نسبياً"، متوقعاً أن تأخذ طريقها إلى مزيد من التحسن، خصوصاً مع عودة عمليات التمويل والتحويلات عبر المصارف التي تعد أكثر أماناً من شركات الصرافة"، مشيراً في سياق متصل أن أزمة المعروض من الليرة في سوريا حالياً تعود للسياسات النقدية التي اتبعت في السنوات الأخيرة من خلال تقييد عمليات السحب الذي كان يرهق كاهل المواطنين والتجار ورجال الأعمال فكانوا يلجأون إلى الاحتفاظ بكتلة نقدية خارج الجهاز المصرفي لتمويل نشاطاتهم، لكن اليوم ومع السماح بالسحب متى أراد ومع قرب عودة البنوك لنظام "سويفت" والعمل على استئناف التعاون مع البنوك المراسلة، أعتقد أن العمل المصرفي مقبل على استعادة تعافيه وموقعه الفاعل الطبيعي والأساس، وكل هذا سيساعد في منحه الثقة.

وتابع "العامل الأساس المعيق أمام المصارف السورية لممارسة دورها الحقيقي، هو العقوبات المفروضة، واليوم مع رفعها وقرب العودة للتعامل عبر نظام المالي العالمي يجب أن يتزامن ذلك مع سياسات مصرفية جديدة وإعادة النظر بالسياسات النقدية المتبعة سابقاً حتى تتم إعادة القطاع المصرفي ليمارس عمله بصورة موثوقة وصحيحة"، مؤكداً أن المستقبل هو للدفع الإلكتروني الذي يجب العمل عليه سريعاً، بما يسهم في حل مشكلة المعروض النقدي إلى حد ما.

مراسلة بالريال القطري لمصلحة البنوك السورية

وكان وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني أكد أخيراً عقب عودته من زيارة عمل رسمية للعاصمة القطرية الدوحة على رأس وفد حكومي أن البنوك القطرية ستبدأ قريباً تقديم خدمات المراسلة بالريال القطري لمصلحة البنوك السورية، بهدف ربط دمشق بالنظام المالي العالمي.

والخدمات التي ستقدمها المصارف القطرية تتلخص في تعزيز مشاركة المؤسسات المالية القطرية في القطاع المصرفي السوري، مما سيسهم في دفع المصارف المحلية لمواكبة التطور التقني والتكنولوجي، والانتقال من الأساليب التقليدية للمصارف السورية إلى التدخل في المشاريع التنموية وتمويلها سواء المتعلقة بالبنى التحتية والمشاريع الكبيرة التي تفيد مرحلة الإعمار في المرحلة المقبلة.


ويرى متخصصون أن وجود بنوك قطرية مراسلة يساعد في تقديم خدمات المراسلة لمصلحة البنوك السورية بالريال القطري لربط دمشق بالنظام العالمي، ومن شأن موقع البنوك القطرية ومركزها المالي العربي والعالمي أن ينعكس إيجاباً على واقع القطاع المصرفي السوري وموثوقيته خصوصاً لجهة توفر الضوابط والمتطلبات العالمية للعمل المصرفي.

ومن شأن الخطوة القطرية ودخولها حيز التنفيذ أن يخرج المصارف السورية من جمودها، وسيعيد وصل ما انقطع مع العالم الخارجي، بما يفتح الباب لتدفق الاستثمارات التي تنشد أنظمة مالية متطورة لتنفيذ أعمالها.

استعادة العلاقات مع البنوك المراسلة

أخيراً يرى حاكم مصرف سوريا المركزي السابق دريد درغام، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن "سويفت" جمعية غير ربحية موجودة في بروكسل تأسست في سبعينيات القرن الماضي وتسهم بها المؤسسات المالية ذات الصلة خصوصاً المصارف، وتتباين أنواع العضوية أو المشاركة فيها، فمنها مستخدمون رئيسون أو تابعون أو محدودو الصلاحيات أو مقدمو خدمات.

ويهيمن "سويفت" على التبادلات المصرفية، وباستثناء بعض المصارف العامة كانت كل مصارف سوريا مشاركة بهذا النظام، قبل أن تتوقف المشاركة السورية في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات.

اليوم وبعد رفع العقوبات الأميركية والغربية عموماً لا يحتاج "سويفت" إلى أي جهد في إعادة تفعيل عضوية تلك المصارف، إن عادت المصارف السورية للتعامل الدولي فهذا ممتاز.

واستدرك "لكن إن سمح بإعادة تفعيل العضوية فالأمر يتطلب من بقية المصارف الأعضاء أن تقبل التعامل مع المصارف السورية، وهذا ما نطلق عليه ’علاقات مصارف مراسلة‘، وهي العلاقات التي تسمح لأي مصرف سوري بالتعامل المباشر مع المصارف المراسلة أو استعمالها كوسيط للتعامل مع بقية مصارف العالم التي لم تقبل أن تكون بنوكاً مراسلة للمصارف السورية".

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=126&id=202032

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc