ماذا على طاولة ترمب ومحمد بن سلمان؟
تقاطع بين رؤية نهضة الاقتصاد الأمريكي و رؤية السعودية 2030



 


 

تستضيف الرياض "منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي"، بحضور رفيع المستوى يضم قادة المال والأعمال من الجانبين


سيرياستيبس :

يصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية  غداً الثلاثاء في زيارة رسمية هي الأولى له إلى الخارج منذ عودته إلى البيت الأبيض، في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته الشهيرة عام 2017، حين اختار الرياض نقطة انطلاق ولايته الأولى.

هذه المرة تأتي الزيارة في سياق سياسي مختلف، إذ تقود السعودية اليوم سياسة خارجية أكثر استقلالية، وتؤدي أدواراً إقليمية متقدمة في ملفات عدة، من الوساطة في النزاعات إلى إعادة ضبط العلاقات مع قوى كبرى. في المقابل، يعود ترمب محملاً بخبرة سياسية أوسع، ورغبة في إعادة ترتيب أوراق النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط.

وبحسب البيت الأبيض، تركز أجندة الزيارة على تعزيز الاستثمارات والتعاون الأمني ومناقشة ملفات إقليمية، في مقدمها الطاقة والدفاع والتقنيات النووية المدنية. ومن المنتظر أن تشهد الزيارة توقيع اتفاقات نوعية تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية.

ويُنتظر أن تشهد زيارة ترمب السعودية توقيع اتفاقات إستراتيجية في مجالات الدفاع والطاقة إلى جانب اتفاقات اقتصادية تعكس توجهات واشنطن نحو تعزيز شراكاتها الاستثمارية مع الرياض.

وفي سياق الزيارة يرى عضو جمعية العلوم السياسية في جامعة كينغستون عزام الشدادي أن زيارة الرئيس ترمب تأتي في توقيت يختلف جذرياً عن فترته الرئاسية الأولى، موضحاً أن الظروف تغيرت، والتحديات التي تواجهها السعودية ومنطقة الشرق الأوسط لم تعد كما كانت سابقاً.

وأضاف الشدادي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن أبرز الملفات التي ستكون حاضرة في هذه الزيارة تتمثل في الصفقات الأمنية والتسليحية وتوطين الصناعة العسكرية داخل السعودية، إلى جانب تعميق الشراكة الاقتصادية بين الرياض وواشنطن، خصوصاً في مجالات الاستثمار والتكنولوجيا.

وأكد الشدادي أن عودة ترمب تعني عودة أميركا إلى الشرق الأوسط بعد انكماش شهدته خلال فترة الرئيس بايدن، وهي عودة تأتي من بوابة الرياض، عبر تعاونات اقتصادية وعسكرية وثيقة، مضيفاً أن السعودية اليوم دولة فاعلة، وأصبحت الحليف المفضل لأميركا، كونها تملك علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، وتحركت بديناميكية في قضايا مثل الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، ودورها في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان.

تشير التقديرات إلى إمكان الكشف عن اتفاق أولي للتعاون الطويل الأمد في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية بين البلدين، وهو ما كان قد ألمح إليه وزير الطاقة الأميركي كريس رايت خلال زيارته الرياض في أبريل (نيسان) الماضي، مؤكداً أن الجانبين يقتربان من إبرام اتفاق في مجالات الطاقة والتقنيات النووية السلمية.

اتفاقات إستراتيجية

يرى مراقبون أن اللقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب يأتي في لحظة فارقة، تشهد فيها المنطقة تحولات متسارعة تفتح الباب أمام تفاهمات أوسع في قضايا معقدة، من أبرزها التصعيد في غزة والانفتاح على إيران والحرب الدائرة في أوكرانيا، إلى جانب الملف اليمني.

كذلك سيكتشف الطرفان السعودي - الأميركي، خلال هذه الزيارة أن الواقع تغير كثيراً مقارنة بفترة الرئاسة الأولى لدونالد ترمب، إذ طرأت تطورات جوهرية على مواقف ومواقع كلا الجانبين.

فمن جهة، طورت الرياض خلال نصف العقد الماضي شبكة علاقات إقليمية ودولية أكثر تنوعاً واستقلالية، عززت من موقعها كلاعب فاعل في المشهد الدولي، ومن جهة أخرى يعود ترمب إلى البيت الأبيض وهو في موقع داخلي وخارجي أقوى مما كان عليه في ولايته الأولى، مدعوماً بخبرات وتجارب تراكمت خلال الأعوام الماضية.

ويؤكد المحللون في حديثهم مع "اندبندنت عربية" أن اللقاء يحمل أبعاداً سياسية عميقة تعكس تطور العلاقة نحو شراكة متكافئة تقوم على تبادل المصالح. وتقرأ الزيارة باعتبارها محاولة أميركية لإعادة تثبيت النفوذ في المنطقة عبر بوابة الرياض، وسط تنامي الدور السعودي كوسيط موثوق في ملفات شائكة، وشريك إقليمي فاعل في توازنات القوى الدولية.

الحليف المفضل

من جهته وصف المحلل السياسي مبارك آل عاتي زيارة الرئيس الأميركي بأنها "زيارة مفصلية وتاريخية"، مؤكداً أن اختيار السعودية كأولى وجهات ترمب الخارجية يعكس حجم الثقة التي تتمتع بها الرياض، ومكانتها المركزية في التوازنات الجيوسياسية العالمية، منوهاً بأنها ستعيد تشكيل ملامح العلاقة بين البلدين، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي.

وأشار آل عاتي إلى أن اللقاء المرتقب سيبحث ملفات حيوية في المنطقة، أبرزها القضية الفلسطينية والملف الإيراني ومستقبل اليمن وسوريا، لافتاً إلى أن السعودية باتت اليوم أكثر تأثيراً بفعل التحولات الإقليمية التي واكبت سياستها الخارجية، منوهاً بأن الرئيس ترمب يزور منطقة تغيرت كثيراً عن فترة ولايته الأولى.

قانون قيصر

وفي السياق الجيوسياسي، قال الأكاديمي السعودي إياد الرفاعي لـ"اندبندنت عربية" إن زيارة الرئيس الأميركي تتزامن مع تصاعد التوترات حول النفوذ الإقليمي الإيراني، وتقدّم المحادثات النووية الجارية بين طهران وواشنطن، إلى جانب عدد من الملفات الإقليمية الأخرى.

وأوضح الرفاعي أن الزيارة تأتي في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تغيرات إستراتيجية، مشيراً إلى استمرار الخلاف بين الرياض وواشنطن في شأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ لا تزال السعودية متمسكة بقيام دولة فلسطينية كشرط أساس لأي تطبيع.

 

وفي محور آخر، لفت الرفاعي إلى أن السعودية تسعى إلى مساعدة سوريا في ملف العقوبات، لا سيما تلك المفروضة بموجب قانون "قيصر"، ومن المحتمل أن تشهد الزيارة مفاوضات جادة بهذا الخصوص.

وفي ما يتعلق بالشق العسكري، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أخيراً عن صفقة عسكرية مع السعودية تتضمن صواريخ جو - جو متطورة متوسطة المدى من طراز AIM-120C-8، إضافة إلى عناصر لوجستية ودعم برامجي ذي صلة، بكلفة تقديرية تبلغ 3.5 مليار دولار.

وبحسب "رويترز" تجهز الولايات المتحدة أخيراً صفقة أسلحة للسعودية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، مضيفة أن الاقتراح كان من المقرر الإعلان عنه خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرياض.

وفي هذا السياق أشار الرفاعي إلى أن صفقة التسليح تتضمن طائرات مقاتلة ومسيّرات وصواريخ وأنظمة رادار متطورة من شركات أميركية رائدة مثل "لوكهيد مارتن" و"بوينغ" و"جنرال أتوميكس"، وتهدف هذه الصفقة إلى دعم القدرات الدفاعية السعودية في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.

شراكة استثمارية

الزيارة تعيد إلى الأذهان اللقاء التاريخي الذي مهد لعقود من الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن وجمع الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت، على متن "يو أس أس كوينسي" عام 1945، وارتكز على المصالح المشتركة في مجالات الطاقة والأمن والاستثمار.

وبينما يحمل الرئيس الجمهوري ترمب رؤية لإعادة نهضة الاقتصاد الأميركي، خصوصاً في مجال الصناعة، تتقاطع مع رؤية السعودية 2030، التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتوطين الصناعات.

كان أول اتصال دولي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توليه منصبه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في دلالة على متانة العلاقة بين البلدين.

وأكد ولي العهد السعودي خلاله أنه واثق من أن الإصلاحات التي ستطلقها إدارته الجديدة ستخلق "ازدهاراً اقتصادياً غير مسبوق" في الولايات المتحدة، وعلى أساس ذلك ترغب السعودية في توسيع استثماراتها في أميركا بمبلغ 600 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة، مع إمكانية زيادتها إذا أتيحت فرص إضافية.

وفي سياق ذلك قال ديفيد دي روش، الذي شغل منصب مدير مكتب الخليج في "البنتاغون"، في حديث سابق مع "اندبندنت عربية" إنه من المؤكد أن السعودية تمتلك برنامجاً ضخماً للاستثمار في الولايات المتحدة وغيرها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ترى في السعودية شريكاً لا يمكن الاستغناء عنه في إعادة ضبط البنية الأمنية للمنطقة، بخاصة مع تراجع النفوذ الإيراني ووكلائه.

وأوضح المشرف في سياق برنامج الأمن الوطني في جامعة نايف للعلوم الأمنية، الدكتور هشام الغنام، أن العلاقة بين الرياض وواشنطن مبنية على تبادل المصالح لا على الخضوع أو التبعية، فالسياسة الأميركية، سواء من قبل ترمب أو غيره، تدرك أهمية السعودية كحليف إستراتيجي في مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية مثل النفوذ الإيراني والإرهاب.

الاستثمار السعودي - الأميركي

وعلى هامش زيارة الرئيس الجمهوري الخليج تستضيف العاصمة الرياض "منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي"، بحضور رفيع المستوى يضم قادة المال والأعمال من الجانبين، في احتفاء بشراكة اقتصادية واستثمارية قاربت على إتمام قرنها الأول.

وتمثل الولايات المتحدة أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، بحجم استثمارات يقدّر بنحو 57 مليار دولار، متصدرة بذلك قائمة الدول المستثمرة في السعودية بنسبة 23 في المئة من إجمال الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي المقابل تمتلك الرياض استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، تشمل سندات الخزانة الأميركية التي بلغت نحو 127 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي، وغيرها من الأصول المالية الأميركية.

إلى جانب ذلك بلغت استثمارات "السيادي السعودي" في الأسهم الأميركية نهاية عام 2024 ما قيمته 26.8 مليار دولار، وفقاً لتقرير مقدم إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

اندبندنت عربية



المصدر:
http://www.syriasteps.com/index.php?d=131&id=201736

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc