سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:02/10/2025 | SYR: 01:04 | 02/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 كيف ينجح حزبالله في تدوير المال رغم القبضة الدولية؟…
27/09/2025      


 
: كتبت الاعلامية ناتالي عازار

أمامنا قصة تمويل لا تشبه القصص الاعتيادية، قصة تُحاك بخيوط عنكبوتية مرنة بين الحسابات البنكية والحقائب المهرّبة، بين تحويلات رقمية تبدو عادية وممرات ميدانية تخفي وراءها اقتصاداً أسود موازياً. هذا ليس مجرد تقرير مالي بارد، بل سرد عن شبكة تموينية تتكيّف مع الضغوط، وتحوّل القيود إلى فرصة لتشتت مواردها وإطالة عمر تأثيرها.

 

في قلب هذه القصة، يمتلك "حزب الله" بنية اجتماعية وسياسية واسعة، ويحتاج، كما كل فاعل سياسي كبير، إلى سيولة مستمرة للحفاظ على شبكاته وبرامجه ونفوذه. وعندما أحكمت القيود على شبكات التمويل التقليدية مثل التحويلات المصرفية، لم يتوقف التدفق، بل تغيّر شكله فقط، متكيفًا مع القيود الجديدة بمرونة تكتيكية.

 

تبدو التحويلات الرقمية عبر منصات تحويل الأموال، للوهلة الأولى إجراءات روتينية يومية. لكن العمق الاستراتيجي يكمن في تكرار هذه التحويلات الصغيرة إلى جهات مموّهة، حيث يتحول هذا التكرار إلى سيولة مالية ضخمة تمر غالباً من دون أن تثير أي إنذار في أنظمة الرقابة، مستفيدة من القاعدة العملية: "التحويلات الصغيرة عادة لا تثير اهتمام السلطات".

 

الفكرة الحقيقية تكمن في تجزئة المصدر وتقسيم المخاطر لتقليل البصمة المالية، ما يجعل من الصعب على أجهزة مكافحة غسل الأموال أو الآليات الدولية تتبعها. الأموال المرسلة من المغتربين، على رغم الحد الادنى لكل عملية تحويل، تتراكم تدريجياً ثم تتحول لاحقاً إلى نقد أو أصول يمكن توظيفها في مجالات متعددة، من برامج الدعم الاجتماعي إلى أنشطة لوجستية وسياسية وحتى عسكرية. 

 

كيف تتم تجزئة المصدر؟

يمكن للأفراد أنفسهم استغلال عدة منصات لتحويل الأموال الموجودة في لبنان، ومتزامنة، ضمن السقوف المسموح بها لكل تحويل، ما يضاعف السيولة المالية من دون خرق القوانين مباشرة ويزيد من صعوبة تتبعها. كما يمكن للعائلة نفسها تجزئة المبلغ المرسل على دفعات متعددة وعبر أفراد مختلفين لتفادي أية شكوك أو تنبيه أجهزة الرقابة، ما يعزز قدرة الشبكة على التحرك ضمن الفراغ التنظيمي الموجود. والموارد المالية، مهما صغرت، تتحول في حلقات التبادل المحلية إلى وقود لإعادة إنتاج النفوذ.

 

لكن كيف تحرّك هذه الممارسات الرقمية المالية؟

تعتمد على شبكة بشرية معقدة تضم وسطاء محليين، شركات واجهة، وكلاء شحن، وعائلات مغتربة، يشكلون الحلقة التي توصل الأموال من المانحين إلى الوجهة النهائية. الإيصالات وصور التحويل تُخزن كـ"دليل داخلي" على وصول المال، حتى لو بدا على الورق تحويلات قانونية أو مساعدات فردية أو تبرعات خيرية، بينما يظل ربطها قانونياً بالشبكة الأكبر تحدياً بسبب تجزئة الموارد وتعدد الأسماء والشركات الوهمية.

 

من منظور الرقابة، يكشف هذا عن فراغ تنظيمي واضح: على الرغم من قدرات الضبط والمصادرات التي سجلتها السلطات، تظل الفجوة بين الإمكانيات القانونية والقدرة التنفيذية الميدانية كبيرة، ما يسمح للشبكات بالاستمرار في عملها ويقلل من تأثير العقوبات واللوائح ما لم يصحبها تنسيق استخباراتي دقيق بين الجهات المصرفية والدولية.

 

وبعيدًا عن الأضواء، هناك مسار عملي وميداني آخر. تشير التقارير إلى شحن سيارات محمّلة بأموال نقدية مخبأة بعناية لتفادي الرصد، تغادر مرافئ في دول أفريقية متجهة إلى لبنان، وليس فقط من الدول الأوروبية مثل بلجيكا أو من أمريكا وكندا، كما تم التداول سابقًا. كما يتم إرسال سيارات مسروقة من بعض البلدان، ضمن عمليات التمويه نفسها. 

 

إضافة إلى ذلك، سُجّلت حالات لطرود، معدات طبية، معاطف وحقائب تحتوي على أوراق نقدية مغلّفة بطرق لا تلتقطها أنظمة التفتيش. هذه المشاهد ليست من نسج الخيال، بل وثقتها مصادرات وتحقيقات محلية ودولية.

 

وعند نقاط التفتيش، يظل هناك احتمالان دائمان: إما مرور بلا تدقيق فعلي لأسباب لوجستية أو إجرائية، وإما عملية إلهاء متقنة تخفّف من احتمالات الفتح الحقيقي للحمولة أو للمسافرين القادمين إلى لبنان.

 

أما الإلهاءات المتقنة فلا تُترك للصدفة، بل يجري تنظيمها بإحكام. قد تأتي على شكل أعطال تقنية في أجهزة الفحص، أو حوادث مفتعلة تستدعي تدخل العناصر في مواقع محددة، أو حتى حركة شحن ضخمة تملأ المرفأ وتُشتّت انتباه المفتشين عن حاويات بعينها. الهدف هنا ليس فقط تمرير الأموال، بل تمريرها وسط ازدحام مُدبَّر يجعل التحقق الشامل أمراً شبه مستحيل. هكذا يتعقّد المشهد الرقابي أكثر، إذ تمتزج الثغرات الإجرائية مع الضغوط الميدانية في آن واحد. لذلك، قطع منابع التمويل ليس مجرد مسألة تقنية، بل معركة استراتيجية طويلة الأمد تتطلب نهجاً سياسياً ودبلوماسياً متكاملاً يعيد رسم خريطة الشفافية والرقابة في بيئة معقدة.

في نهاية المطاف، يشكل المسار المادي للأموال، سواء عبر البحر أو الجو، أداة تكتيكية فعّالة لمواجهة المراقبة الرقمية؛ إذ عندما يصبح تتبع الأموال عبر الحسابات المصرفية معقدًا، تُحوّل إلى شكل ملموس يُمكن تحريكه بعيدًا عن السجلات الرسمية. المشهد متعدد الأبعاد: تحويلات رقمية صغيرة تتجمع تدريجيًا، سيارات وحمولات تحمل أموالاً تتحرك عبر مرافئ وبحار، ووسطاء محليون وعالميون يحوّلون هذه الأموال إلى قوة فعلية على الأرض.

 

لكن القصة تتجاوز مجرد نقل الأموال؛ فهي تضع سؤالًا أكبر حول قدرة الدولة على تعزيز مؤسساتها المالية والأمنية لتتفوق على شبكات تمويلية مرنة وقادرة على الاختفاء. الحل يكمن في دمج السياسات المالية مع استخبارات دقيقة، وسد الفجوة بين القوانين والقدرة التنفيذية، وتفعيل العمل الدبلوماسي لقطع مسارات التمويل الخارجية.

في النهاية، هذه ليست مجرد قضية تقنية، بل صراع سياسي واستراتيجي على مستقبل الدولة وسيادتها في لبنان... وهنا يكمن جوهر الموضوع
!
عن أخبار البلد اللبنانية


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس