سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:03/12/2025 | SYR: 12:38 | 03/12/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


Takamol_img_7-18

 أسواق الطاقة: تحولات جذرية في الألفية الجديدة
03/12/2025      




سيرياستيبس 
غالب درويش _ اندبندنت عربية 

لم تكن الطاقة مجرد سلعة تباع في الأسواق، بل هي شريان الاقتصاد العالمي، وأحد أكثر أدوات السياسة الدولية تأثيراً، فمنذ مطلع الألفية شهدت أسواق النفط والغاز تحولات جذرية، فمنذ بروز طفرة النفط الصخري الأميركي مطلع العقد الماضي وما تبعها من انهيار أسعار الخام في 2014 الذي هز هيمنة "أوبك"، مروراً بتشكيل تحالف "أوبك+" في 2016 لإعادة ضبط السوق، وصولاً إلى الحرب الروسية - الأوكرانية التي أعادت تسليط الضوء على الطاقة كسلاح جيوسياسي في قلب الصراعات الدولية، وانتهاء بعودة قوة تأثير "أوبك" في السوق النفطية العالمية.

ووسط هذا الزخم، تجد الدول المنتجة نفسها أمام معادلة دقيقة: كيف تحافظ على اقتصاداتها المعتمدة على النفط والغاز، في وقت تتسارع فيه ضغوط التحول نحو الطاقة المتجددة وتتفاقم تحديات التغير المناخي التي باتت تهدد استقرار العالم؟

إلى ذلك يغوص هذا الملف في عمق تلك التحولات، مستعرضاً بالأرقام والوقائع كيف صارت الطاقة أداة صراع ومساومة دولية، مع إلقاء الضوء على أحدث التوقعات لعام 2025، ليرسم صورة أوضح لما ينتظر الاقتصاد والسياسة العالميين في العقد المقبل.

دور "أوبك"
على مدى ربع قرن، أعادت منظمة "أوبك" صياغة دورها كأحد أبرز اللاعبين في سوق الطاقة، فبعد تدخلها القوي في 2008 لإنقاذ السوق من تداعيات الأزمة المالية، اصطدمت المنظمة التي تقودها السعودية، بطفرة النفط الصخري الأميركي عام 2014، مما دفعها لاحقاً إلى تأسيس تحالف "أوبك+" في 2016 كأداة استراتيجية لضبط المعروض. ومع صدمة جائحة كورونا، أقرت خفضاً غير مسبوق للإنتاج، فيما تبنت منذ 2022 سياسة الخفض الطوعي بقيادة التوترات الجيوسياسية.

واليوم، تسير "أوبك" بين ضغط الحاجة إلى دعم الأسعار وموجات التحول الطاقي العالمي، في معادلة معقدة تحدد مستقبل النفط.

وأخيراً، أنهى تحالف "أوبك+" عملياً التخفيضات الطوعية التي التزمت بها ثماني دول منذ عام 2023، معلناً زيادة جديدة في الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يومياً اعتباراً من سبتمبر (أيلول) الجاري. ويأتي القرار في إطار استراتيجية واضحة للتحول من دعم الأسعار إلى استعادة الحصة السوقية، في ظل توازن مستقر بين العرض والطلب العالميين.

وتمثل هذه الزيادة المرحلة الأخيرة من خطة تقليص تدريجي لتخفيضات طوعية بلغت 2.2 مليون برميل نفط يومياً، إذ سبق أن صادق التحالف في اجتماعاته السابقة على استعادة الكمية بالكامل.

تقلبات محمومة
ويحمل عام 2025 في طياته تقلبات محمومة في أسواق الطاقة، إذ يتقاطع التسابق الجيوسياسي مع التحديات الاقتصادية والضغوط البيئية.

وأعادت طفرة النفط الصخري الأميركي كتابة قواعد اللعبة، إذ وصل إنتاج الولايات المتحدة إلى 13.5 مليون برميل يومياً بحلول منتصف العام الحالي، مما جعلها أحد العوامل المؤثرة في إنتاج النفط العالمي. هذا الزخم، المدعوم بتقنيات استخراج متطورة، أجبر منظمة "أوبك" على إعادة التفكير في استراتيجياتها، إذ أبقت تخفيضات إنتاجها الممتدة حتى أواخر عام 2024 أسعار خام "برنت" مستقرة حول 75 دولاراً للبرميل، بعد أن كانت لامست 85 دولاراً في صيف عام 2024. هذه الوفرة الأميركية دفعت السعودية وروسيا إلى تعزيز تحالفهما في "أوبك+" للحفاظ على توازن السوق، وسط توقعات بأن يبقى العرض مرتفعاً بما يكفي لمنع ارتفاعات حادة في الأسعار.

سلاح قوي
في خضم هذه التحولات، برزت الطاقة كسلاح جيوسياسي قوي، خصوصاً بعد الحرب الروسية - الأوكرانية التي ألقت بظلالها على أسواق الغاز والنفط، فروسيا، التي واجهت عقوبات غربية مشددة، أعادت توجيه صادراتها النفطية نحو آسيا، إذ تستحوذ الآن على 15 في المئة من واردات الصين النفطية، بينما تسببت قيود إمدادات الغاز في أوروبا في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 70 في المئة منذ عام 2022. في بريطانيا، تضاعفت فواتير الطاقة للأسر، مما أثار استياء شعبياً وأعاد إشعال النقاش حول الأمن الطاقي.

وأظهرت هذه الصراعات كيف تحول النفط والغاز إلى أدوات ضغط سياسي، تعيد تشكيل التحالفات وتزيد من هشاشة الاقتصادات الغربية التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

ربح واستدامة
الدول المنتجة، وعلى رأسها دول الخليج، تواجه معضلة بقاء اقتصاداتها مرهونة بالنفط بينما يضغط العالم للتحول إلى الطاقة النظيفة.

السعودية، التي تحتاج إلى سعر نفط عند 80 دولاراً للبرميل لتغطية نفقات موازنتها في عام 2025، تضخ استثمارات هائلة، تصل إلى 50 مليار دولار سنوياً، في مشاريع الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.

هذه الجهود قلصت اعتمادها على النفط من 40 في المئة من الناتج المحلي في عام 2015 إلى 28 في المئة في عام 2024، لكن التحول لا يزال بطيئاً مقارنة بالطموحات المناخية العالمية. دول مثل روسيا، المقيدة بالعقوبات، تجد صعوبة في تمويل مشاريع طاقة متجددة، مما يجعلها تعتمد أكثر على صادراتها النفطية إلى الأسواق الآسيوية، في حين تواجه فنزويلا وإيران تحديات مماثلة تعوق استثماراتها في الاستدامة.

تحديات المناخ
وفي سياق آخر، تضع تحديات المناخ أسواق الطاقة على مفترق طرق، ففي حين من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط إلى 105 ملايين برميل يومياً في عام 2025، مدفوعاً بنمو اقتصادي في آسيا، لكنه قد يتراجع بنسبة 15-20 في المئة بحلول عام 2030 مع تزايد الاعتماد على الطاقة المتجددة، التي ستشكل 85 في المئة من نمو الطاقة العالمي خلال العقد المقبل.

ويتطلب التحول إلى الطاقة النظيفة استثمارات ضخمة، تقدر بـ3.5 تريليون دولار سنوياً حتى عام 2030، لتطوير البنية التحتية، لكن القطاعات الحيوية مثل النقل لا تزال متشبثة بالنفط، مما يجعل التوازن بين الاستدامة والاقتصاد تحدياً عالمياً ملحاً.

 وأفاد مختصون نفطيون لـ"اندبندنت عربية" بأن الطاقة كانت ولا تزال رافعة أساسية للسياسة والاقتصاد العالمي، مضيفين أن الفترة الحالية تشهد تحولات جذرية في سوق الطاقة، بدأت مع طفرة النفط الصخري الأميركي ومروراً بتأسيس تحالف "أوبك+"، وتصاعدت حدتها مع الحرب الروسية - الأوكرانية.

مرحلة دقيقة
في هذا السياق، أشار المحلل في شؤون النفط كامل الحرمي إلى أن أسواق الطاقة العالمية في عام 2025 تمر بمرحلة دقيقة، تتأثر بصورة مباشرة بصعود النفط الصخري الأميركي الذي أعاد رسم خريطة القوى، مؤكداً أن إنتاج الولايات المتحدة بلغ نحو 13.4 مليون برميل يومياً، متجاوزاً بذلك إنتاج السعودية وروسيا، مما جعلها أكبر منتج وأكبر مستهلك للنفط في العالم.

وتابع الحرمي بقوله "ومع ذلك، تبقى منظمة أوبك وتحالف أوبك+ اللاعب الأكثر تأثيراً في ضبط الأسواق العالمية، إذ تمتلك دوله القدرة الأكبر على التحكم في الصادرات وإدارة الطاقة الفائضة، مما يمنحها اليد الطولى في توجيه الأسعار. وهكذا، نشهد اليوم توازناً جديداً يقوم على هيمنة واشنطن إنتاجاً واستهلاكاً، في مقابل قدرة أوبك+ على إدارة الإمدادات، وهو ما يفرض على السوق العالمية التعايش مع معادلة المنتج الأكبر في مقابل المصدر الأكثر تأثيراً".

ويؤكد الحرمي أن قرارات تحالف "أوبك+" بخفض الإنتاج تعد خطوة حكيمة للحفاظ على حصتها في السوق، على رغم أن أسعار النفط انخفضت إلى نحو 70 دولاراً للبرميل، وهو سعر لا يكفي لتحقيق التوازن المالي لدول التحالف التي تحتاج إلى سعر يقارب 90 دولاراً.

وفي ما يتعلق بتأثير الصراعات الدولية، أوضح أن الحرب في أوكرانيا أثرت بصورة كبيرة في تدفقات الطاقة، إذ دفعت العقوبات الغربية روسيا إلى تحويل صادراتها نحو الصين والهند.

وأشار إلى أن القارة الأوروبية، وتحديداً بريطانيا، تعاني ارتفاع أسعار الغاز، مما يعكس استخدام الطاقة كأداة ضغط سياسي فعالة.

وعن التحول نحو الطاقة المتجددة، بين الحرمي أن الدول المنتجة للنفط، مثل السعودية والإمارات، تسعى إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على إيراداتها النفطية والاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة. ولفت إلى أن هذه الدول تواجه تحدياً مالياً كبيراً، إذ لا يزال سعر النفط دون المستوى المطلوب لتحقيق التوازن في موازناتها، مما يدفعها للاقتراض.

أداة ضغط
وفي إجابة على سؤال حول استخدام الطاقة كأداة للضغط السياسي، قال المحلل في شؤون الطاقة خالد العوضي إن النفط كان دائماً رمزاً لاقتصاديات الدول، وإن الولايات المتحدة استخدمته لتسييس علاقاتها والضغط على الدول الأخرى. ويوضح أن هذا التوجه لا يزال قائماً في الوقت الحالي، إذ تستخدم العقوبات الاقتصادية، التي تستهدف بصورة رئيسة قطاع الطاقة، للضغط على دول مثل إيران وفنزويلا وروسيا.


 وعن مستقبل الطاقة، أضاف العوضي أن السعودية ودول الخليج تتبنى استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة المتجددة، تصل إلى أكثر من تريليوني دولار في الخليج، وتستمر حتى عام 2050، مشيراً أن هذه الدول تظهر حكمة في سياستها من خلال تسريع التحول نحو الطاقة النظيفة، لكنه أكد أن العالم لن يستغني عن النفط والغاز في المستقبل القريب، نظراً إلى تعدد استخداماتهما في الصناعات البتروكيماوية.

تحديات كبرى
 وقال المختص في الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة محمد كرم إن أزمة تغير المناخ واتفاق باريس أوجدت التزاماً عالمياً بخفض الانبعاثات الحرارية والابتعاد من الوقود الأحفوري، وأوضح أن هذا التحول يواجه تحديات كبرى بسبب الأزمات السياسية، مثل جائحة كورونا، والانتكاسات الاقتصادية، مما يعوق جهود خفض كلفة إنتاج الطاقة المتجددة.

وأشار كرم إلى أن الصراع الأوكراني - الروسي كان له تأثير كبير في مسار سوق الطاقة، وأنه في حال حدوث سلام، فسيؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار، بينما لو حدث العكس فستكون هناك حروب اقتصادية، ولفت إلى أن الرئيس الأميركي السابق ترمب أعلن فرض عقوبات على الدول التي تستخدم النفط أو الغاز الروسي.

وعن التطور التكنولوجي، أوضح كرم أن الطفرة العلمية ساعدت في تقليل كلفة إنتاج النفط الصخري، مما أدى إلى ضغوط تنافسية على أسعار النفط، وأثر في المنتجين التقليديين مثل منظمة "أوبك". وفي ما يتعلق باستخدام النفط كأداة سياسية، أشار إلى أن ذلك حدث في سبعينيات القرن الماضي، ويتكرر الآن مع اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.

تعهدات مناخية
يوضح المتخصص في الشأن الاقتصادي جاسم عجاقة أن الولايات المتحدة لا تلتزم بالتعهدات المناخية، لأنها تعتبر أن هذه التعهدات تعوق اقتصادها، وهو ما ظهر جلياً في انسحابها من قمة المناخ.

ويشير إلى أن أوروبا ملتزمة بهذه التعهدات على رغم الأضرار التي لحقت باقتصادها، بينما لا تزال الصين تعتمد بصورة كبيرة على الفحم.

وعن ضغوط التحول نحو الطاقة المتجددة، أوضح أن الدول المنتجة للوقود الأحفوري لا تزال مرتاحة في موقفها، لأن الطاقة المتجددة لم تثبت بعد قدرتها على تلبية احتياجات العالم الصناعي، ولا تزال بعيدة من أن تزيح الوقود الأحفوري بصورة كاملة. ولفت إلى أن استخدامها لا يزال محدوداً ويقتصر على بعض التطبيقات، وأن الأمر يحتاج إلى ثورة حقيقية في مجال تخزين الطاقة المتجددة.

وفي ما يخص حروب الأسعار، أشار عجاقة إلى أن هيكلية سوق النفط قد تغيرت بصورة جذرية مع دخول الولايات المتحدة بإنتاجها للنفط الصخري، مما جعلها تمتلك القدرة على التأثير بصورة كبيرة في الأسعار، وتوقع حدوث حروب على الحصص في السوق بمجرد رفع العقوبات المفروضة على روسيا وإيران.

موازين قوى
وأكد الباحث الاقتصادي والمتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي أن طفرة النفط الصخري الأميركي أحدثت تحولاً كبيراً في موازين القوى التقليدية بين منظمة "أوبك" والولايات المتحدة، وأوضح أن النفط الصخري أصبح يشكل نحو 65 في المئة من إنتاج الولايات المتحدة، مما جعلها المنتج الأول والأكبر للنفط عالمياً، بإنتاج يبلغ 13.5 مليون برميل يومياً.

 وأضاف أن هذا التحول دفع منظمة "أوبك" إلى الإقرار بأنها لم تعد تسيطر على أسواق النفط كما في الماضي، إذ خسرت حصتها السوقية على مدى 50 عاماً، مما أدى إلى تأسيس تحالف "أوبك+" في عام 2017. وأشار إلى أن قرارات "أوبك+" بخفض الإنتاج، على رغم أنها تهدف إلى الحفاظ على الأسعار، إلا أنها أسهمت بصورة غير مباشرة في تعزيز الصادرات الأميركية.

وفي سياق آخر، أكد الشوبكي أن الطاقة أصبحت أداة ضغط سياسي فعالة، مستشهداً باستخدام روسيا لإمدادات الغاز والنفط كسلاح ضد الدول الأوروبية، ولفت إلى أن واشنطن تدخلت عبر فرض عقوبات ورسوم جمركية للضغط على شركاء روسيا.

وعن احتمالية حروب الأسعار، أوضح الشوبكي أن إنتاج الولايات المتحدة يمثل تحدياً مباشراً لمنظمة "أوبك". وذكر أن السعودية خاضت حرب أسعار في عام 2014 وتراجعت عنها في عام 2020، بعد أن أثبت النفط الصخري الأميركي مرونته. ولفت إلى أنه مع تباطؤ الطلب العالمي وانخفاض الأسعار، فإن احتمالية تجدد حرب الأسعار قائمة.

وفي ما يخص تحديات المناخ، أشار الشوبكي إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة لا تزال تسجل مستويات قياسية، مما يعكس الصراع بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، لكنه أكد أن خطط الإنتاج المستقبلية لا تتوافق مع أهداف اتفاق باريس المناخي، وأن التحول سيكون تدريجياً.


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس