على رغم التوترات الجيوسياسية، تبقى الأسواق النفطية أكثر تأثراً بالمعطيات الاقتصادية وتطورات العرض والطلب، لا سيما في الولايات المتحدة. ومع توقعات بتراجع الأسعار خلال الأشهر المقبلة، تستمر الضغوط على المنتجين الكبار، وعلى رأسهم روسيا، في ظل تغيرات جيوسياسية واقتصادية متسارعة.

إلى ذلك، تراجعت أسعار النفط بصورة طفيفة اليوم الخميس، في ظل استمرار المخاوف من ضعف الطلب في الولايات المتحدة وتزايد المعروض العالمي، وهو ما غطى على تأثير التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والحرب الدائرة في أوكرانيا.

تراجع محدود

وانخفضت العقود الآجلة لخام "برنت" بمقدار 14 سنتاً بنسبة 0.21 في المئة لتسجل 67.35 دولار للبرميل، وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 15 سنتاً 0.24 في المئة لتصل إلى 63.53 دولار للبرميل.

وكانت الأسعار قد ارتفعت بأكثر من دولار واحد في الجلسة السابقة، بعد تنفيذ إسرائيل هجوماً على قيادة حركة "حماس" في قطر، واعتراض بولندا لطائرات مسيرة روسية يعتقد أنها اخترقت مجالها الجوي خلال هجوم على غرب أوكرانيا.

وتشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى تباطؤ النمو في الاقتصاد الأميركي، وهو ما انعكس في ارتفاع مخزونات النفط وتراجع أسعار المنتجين.

وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام ارتفعت بمقدار 3.9 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 5 سبتمبر (أيلول) الجاري، في حين كانت التوقعات تشير إلى انخفاض قدره مليون برميل، أيضاً ارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 1.5 مليون برميل، مما يعكس ضعفاً في الاستهلاك.

من المتوقع أن يقدم مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على خفض أسعار الفائدة خلال الأسبوع المقبل في محاولة لتحفيز الاقتصاد، في حين من المتوقع أن يبقي البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماعه المقبل.

زيادة إنتاج "أوبك+" تضيف ضغوطاً

على جانب الإمدادات، أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها، في تحالف "أوبك+"، عن زيادة مرتقبة في الإنتاج اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على رغم أن الزيادة أقل من التوقعات السابقة، وعلى رغم ذلك، فهي تضيف إلى الضغوط السعرية في الأسواق.

وحذرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية من احتمال انخفاض كبير في أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة، مع زيادة الإنتاج وتراكم المخزونات.

في الأثناء، قالت وكالة الطاقة الدولية، اليوم الخميس، إن عائدات روسيا من صادرات النفط الخام والمنتجات النفطية تراجعت في أغسطس (آب) الماضي إلى أحد أدنى مستوياتها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ضغوط متعددة على قطاع الطاقة الروسي

يواجه قطاع الطاقة الروسي تحديات متزايدة، نتيجة الغارات الأوكرانية بالطائرات المسيرة على المصافي وخطوط الأنابيب، إلى جانب استمرار العقوبات الغربية المفروضة.

وأشارت الوكالة إلى أن إيرادات روسيا النفطية انخفضت بمقدار 920 مليون دولار عن يوليو (تموز) 2025، لتبلغ 13.51 مليار دولار، نتيجة تراجع الصادرات وزيادة الخصومات على خام "الأورال"، الذي بلغ سعره نحو 56 دولاراً للبرميل، أي أقل من السقف السعري الذي فرضه الغرب (60 دولاراً).

تراجع الإنتاج والصادرات الروسية

وأضافت الوكالة أن صادرات روسيا من النفط والوقود تراجعت بمقدار 70 ألف برميل يومياً لتصل إلى 7.3 مليون برميل يومياً خلال الشهر الماضي وتوزع هذا التراجع بين انخفاض صادرات النفط الخام بمقدار 30 ألف برميل يومياً، والمنتجات النفطية بمقدار 40 ألف برميل يومياً.

وانخفض إنتاج النفط الروسي بمقدار 30 ألف برميل يومياً، ليبلغ 9.3 مليون برميل يومياً، بما يتماشى مع التزاماتها في اتفاق "أوبك+".