سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/12/2025 | SYR: 17:34 | 18/12/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 السياحة في سوريا.. أرقام ما قبل الحرب وآمال ما بعد التحرير
18/12/2025      



سيرياستيبس 


يُعدّ قطاع السياحة من أهم الروافد الاقتصادية والثقافية في سوريا، نظراً لموقعها الجغرافي المميّز وتاريخها المنقوش على الأحجار منذ آلاف السنين، إلا أنّ سنوات الحرب الطويلة خلّفت قطاعاً منهكاً يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين لإعادة إحيائه من جديد.

في عام 2010، عبر 8.5 ملايين زائر الحدود السورية، وبلغت عائدات السياحة نحو 6.3 مليارات دولار، وهو رقم وضع البلاد في موقع تنافسي بالشرق الأوسط كسوق واعد للسياحة الثقافية والدينية.

لكن بعد أشهر قليلة، تحوّل أحد أهم أعمدة الاقتصاد إلى قطاع منهار، حيث تراجعت الإيرادات إلى الصفر، وتعرّضت البنى التحتية للتدمير، وتعرّضت الآثار للسرقات، وأُغلقت معظم الفنادق، وأُوقفت الرحلات السياحية، ما أدى إلى انهيار شبه تام للقطاع السياحي.

الخسائر تفوق 50 مليار دولار
وبحسب تقديرات دراسات اقتصادية محلية ومراكز بحث دولية، تجاوزت خسائر قطاع السياحة بين عامي 2011 و2018 حاجز الـ50 مليار دولار.

وتشمل هذه الخسائر توقّف الفنادق والمنتجعات، وهجرة اليد العاملة، وانهيار قطاع الإرشاد السياحي، وتضرّر مواقع التراث العالمي التي كانت تشكّل العمود الفقري للسياحة السورية.

وتشير بيانات قطاع الفنادق والمطاعم إلى خروج ما يزيد عن 1468 منشأة سياحية من الخدمة، بينها أكثر من 360 فندقاً و1100 مطعم ومنشأة ضيافة، كما فقدت مدن كانت تعجّ بالسياح، مثل دمشق القديمة، وحلب، وتدمر، واللاذقية، وصافيتا، مئات المنشآت خلال سنوات قليلة.

سامر سلامة -أحد أصحاب الفنادق في منطقة القدموس السياحية- يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "المنطقة كانت لا تخلو من الزوار، سواء من السوريين ضمن الرحلات الداخلية أو من العرب والأجانب، طوال العام، نظراً للمعالم السياحية الموجودة في المنطقة كالقلعة والسوق القديم والطبيعة الخلابة، ولكن بعد عام 2011 باتت الحركة شبه معدومة، وأصبح الفندق بلا زوار".

الخراب مسّ هوية سوريا التاريخية
ويقول خبير الآثار خالد الطباع لـ موقع "تلفزيون سوريا": "إن إصلاح الأضرار سيحتاج إلى عشرات السنين، لأننا لا نتعامل مع حجارة فقط، بل مع هوية وتاريخ".

ويؤكّد أن السياحة في سوريا متنوعة، ولا تقتصر على الشواطئ والمنتجعات فقط، بل إن القسم الأكبر منها كان سياحة ثقافية وآثارية، مثل تدمر، والمدن القديمة، وقلعة الحصن، وأسواق حلب، والجامع الأموي، وهي مواقع صنّفتها اليونسكو تراثاً عالمياً.

ويشير إلى أنّ هذه المواقع تعرّضت خلال سنوات الحرب لدمار جزئي أو كامل، إذ فقدت تدمر معابدها الشهيرة وتعرّض متحفها للنهب، واحترقت أجزاء كبيرة من الأسواق القديمة في حلب، كما تعرّضت قلعة الحصن للقصف وأضرار في أسوارها الداخلية، ونُهبت مقتنيات متحف دير الزور بالكامل تقريباً.

ويوضح خبير الآثار، أنّ الضرر لم يكن معمارياً فقط، بل مسّ صورة وهوية سوريا كوجهة تاريخية كانت تُروَّج عالمياً على أنها "متحف مفتوح".

"ربع مليون شخص فقدوا مصدر رزقهم"
تشير تقديرات أولية إلى أنّ أكثر من ربع مليون شخص مرتبطين بالقطاع السياحي فقدوا مصدر رزقهم بين عامي 2011 و2020، وهو رقم يعكس حجم الأزمة الاجتماعية التي خلّفها تراجع السياحة.
وتقول رهام الصالح، إحدى المرشدات السياحيات في دمشق القديمة: "كنا نرافق مجموعات من أوروبا أسبوعياً، ولكن منذ بداية عام 2012 توقّف عملي كليًا، وأعمل حالياً في متجر صغير".

وتؤكّد رهام أن قطاع السياحة قبل الحرب كان يشغّل مئات آلاف العمال بشكل مباشر وغير مباشر، من موظفي فنادق ومطاعم، ومرشدين سياحيين، وحرفيين، وسائقي نقل سياحي، ومتاجر الهدايا والصناعات التقليدية، إضافة إلى شركات السفر وتنظيم الرحلات.

لكن انهيار الحركة السياحية أدّى إلى تسريح جماعي، وهروب جزء من الكوادر إلى خارج البلاد، خصوصاً المرشدين المتحدثين باللغات الأجنبية.

"السياحة: 4 ملايين و400 ألف زائر بعد التحرير"
خلال العام الفائت، انتعشت السياحة في سوريا بشكل ملحوظ، نتيجة لعودة عدد كبير من المغتربين، وزيارة مؤثرين وسياح وصحفيين إلى البلاد.

مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة السياحة، عبد الله حلاق، يقول لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ الواقع السياحي في سوريا، مقارنة بالسنوات الماضية، شهد نقلة نوعية على مستوى جميع قطاعات السياحة، سواء من حيث إقبال المستثمرين السوريين والعرب على العمل داخل سوريا، أو من حيث الإقبال الكبير على المناطق السياحية بعد التحرير، ما عكس رؤية إيجابية لدى المستثمرين.

ويؤكّد حلاق أن عدد الزائرين تجاوز 4 ملايين و400 ألف زائر إلى سوريا، ما بين سياح ومغتربين سوريين عائدين إلى بلادهم، مشيراً إلى أن هذه الأرقام تحمل دلالات إيجابية على عودة وتنشيط القطاع السياحي، مقارنة بالأعوام الماضية التي كان النظام البائد خلالها مهمِلاً لقطاع السياحة بحجج واهية، ومحاولاً طمس المعالم السياحية والأثرية أو تشويه السمعة السورية.
وبخصوص التحديات التي تواجه القطاع السياحي، يوضّح حلاق أن أبرزها: ضعف البنى التحتية نتيجة ممارسات النظام البائد، إضافة إلى أساليب الرشوة والفساد التي كان يعتمدها في إدارة قطاع السياحة، كما باقي القطاعات.

ويعتبر حلاق أن هذه الأسباب جعلت قطاع السياحة أشبه بقطاع منهار، مؤكداً أن السياحة هي أوّل قطاع يتضرر في الحروب وآخر قطاع يتعافى، مشيراً إلى أن سوريا بدأت اليوم مرحلة التعافي.

ويؤكد أن هناك نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع، رغم أن التحسن ما يزال تدريجياً، نظراً لطبيعة تعافي القطاع بعد سنوات الحرب الطويلة.

أمّا فيما يتعلّق بالخطط السياحية، فيوضح حلاق أن لدى وزارة السياحة عدة خطط من أبرزها:

دعم المستثمرين وتشجيعهم.
إعادة إطلاق المشاريع المتعثرة خلال فترة النظام البائد، لتكون رافداً اقتصادياً للاقتصاد الوطني.
إنشاء مسارات سياحية جديدة.
إعادة تأهيل وترميم المسارات السياحية والأثرية.
وفيما يخص المبادرات، يقول حلاق إن هناك مبادرات لدعم السياحة الداخلية، تقودها مجموعات شبابية تعمل على استكشاف سوريا من خلال زيارات للمناطق التي كانت ممنوعة عليهم إبان النظام البائد، حيث كانت بعض المناطق مخصصة فقط للمقرّبين من النظام، في حين تنفتح سوريا اليوم على جميع السوريين، ويمكن للشباب الحصول على تصاريح أو التنسيق عبر مكاتب سياحية.
وبالنسبة للسياحة الداخلية، يشير حلاق إلى أنها شهدت نشاطاً ملحوظاً، خصوصاً من قبل الأهالي من مدينة إدلب باتجاه اللاذقية والساحل عموماً، كما يلفت إلى وجود تعاون مع منصات رقمية وشركات سفر خارجية، وإطلاق برامج سياحية قريباً.

وأشار إلى إقبال عدد من المؤثرين العرب على زيارة المناطق السياحية، مثل اليوتيوبر المصري المعروف "عمر طرزان"، الذي زار سوريا مؤخراً وعرّف عنها بصورة إيجابية، وقد كرّمته وزارة السياحة تشجيعاً لباقي المؤثرين على زيارة سوريا والترويج لمناطقها السياحية والأثرية.

كذلك، يؤكّد حلاق أنه "سيتم إنشاء مسارات سياحية جديدة، لا سيما في الساحل وإدلب، مع توقّع ازدياد ملحوظ ونشاط كبير في القطاع السياحي خلال الفترة المقبلة".

وبحسب حلاق، فإنّ عام 2026 سيكون موسماً سياحياً متميزاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مؤكداً أنّ "وزارة السياحة تعمل ليلاً ونهاراً لإظهار سوريا بما يليق بها".
يشار إلى أنّ سوريا تعدّ متحفاً طبيعياً مفتوحاً على امتداد أراضيها، إذ يزيد عدد المدن والمواقع الأثرية فيها على 4000 مدينة وموقع أثري.


تلفزيون سوريا 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق