ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:09/05/2025 | SYR: 06:33 | 10/05/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 مستقبل السياحة البحرية في السعودية تحت المجهر
التحديات كثيرة أبرزها: المنافسة الإقليمية، وتطوير البنية التحتية، والتكيف الثقافي مع توقعات السياح الدوليين، وحماية النظم البيئية
09/05/2025      



سيرياستيبس :

في إطار سعي المملكة العربية السعودية إلى تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، برز القطاع السياحي كأحد الركائز الأساسية التي يمكن الاعتماد عليها. ومن بين المجالات الواعدة التي يتم العمل على تطويرها السياحة البحرية، التي تنطوي على إمكاناتٍٍ هائلة بفضل سواحل المملكة الممتدة لأكثر من 3 آلاف كيلومتر على البحر الأحمر والخليج العربي. فهل تستطيع السعودية تحويل هذه المقوّمات إلى تجربة عالمية؟ وما هي التحدّيات؟


نحو العالمية
الخطوات الأولى في مجال السياحة البحرية بدأت بإطلاق "صندوق الاستثمارات العامّة" (الذي يتولى تمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية للاقتصاد الوطني في المملكة) شركة"كروز السعودية"التي تمثّلت مهمتها في تطوير البنية التحتية والخدمات اللازمة لإنشاء منظومة متكاملة للرحلات البحرية السياحية.


الرئيس التنفيذي للشركة لارس كلاسن قال في مقابلة خاصّةإنه "في إطار هذه المهمة، تمّ إطلاق أول خط للرحلات البحرية السياحية تحت مسمّى ’أرويا كروز‘، التي تُعدّ أول شركة رحلات بحرية سياحية عربية، صُمّمت لتعكس قيم الاحترام والثقافة والحفاوة التي تتميز بها المملكة، ولتقدّم مفهوماً جديداً لقضاء العطلات والإجازات واستكشاف مناطق جديدة، من خلال جولاتٍ تراثية وثقافية وطبيعية ومغامرات متنوعة".


وأضاف أن "أولى الرحلات انطلقت في ديسمبر (كانون الأول) العام 2024 عبر مساراتٍ في البحر الأحمر، على أن تبدأ الرحلات الصيفية في شرق البحر الأبيض المتوسط اعتباراً من يونيو (حزيران) 2025، انطلاقاً من اسطنبول إلى عددٍ من الوجهات تركيا واليونان".


تحديات: البنية التحتية
تشهد الموانئ السعودية تحوّلات في إطار تطوير البنية التحتية البحرية، ويتم في الوقت الراهن تشغيل ثلاث محطاتٍ رئيسية للرحلات البحرية في كلٍّ من ميناء جدّة الإسلامي، وميناء ينبع التجاري، وميناء الملك عبدالعزيز في الدمام. لكن مختصّين في هذا المجال يتوقّعون أن يتطلّب تنفيذ مشاريع متكاملة من هذا النوع، سنواتٍ طويلة.


ويوضح كلاسن أن"العمل جارٍ على زيادة عدد الوجهات البحرية إلى  10وجهات ،من خلال تطوير المحطّات القائمة ، وإنشاء  مرافق جديدة ، وتهيئة الشواطىء  والجزر لاستقبال السفن السياحية العالمية بمختلف احجامها".


وأضاف أنه "في إطار تنويع الوجهات تمّ في ديسمبر (كانون الأول) 2024، إطلاق وجهة’شاطئ صبا‘ على جزيرة ’جبل الصبايا‘ جنوب جدّة، الذي يتميّز   بمرافقها لمتكاملة التي تشمل نادياً شاطئياً لكبار الشخصيات ومطعماً إلى جانب أنشطة برية وبحرية مثل التجديف والغوص والرياضات الشاطئية، بطاقةٍ استيعابية تصل إلى 3 آلاف ضيف".


الحاجة لمزيد من الغرف الفندقية
على رغم التوسع في المنشآت الفندقية في الأعوام الأخيرة في مدنٍ ومنتجعاتٍ ساحلية سعودية، إلا أن تقارير كتلك الصادرة عن شركة "نايتفرانك" للاستشاراتالعقاريةتشير إلىحاجة المملكة لإضافة ما بين 315 ألفاً إلى 362ألف غرفة فندقية جديدة بحلول السنة 2030، كجزءٍ من توسع بقيمة 110 مليارات دولار في قطاع الضيافة.


ومع وضع هدف جذب 150 مليون سائح سنوياً إلى المملكة بحلول السنة 2030 تبرز أهمية قطاع الفنادق والسياحة. لكن ما هي مساهمة السياحة البحرية في هذا الرقم؟
يقول لارس كلاسن إنه "في المواسم الأربعة الأولى تمّ استقبال أكثر من 430 ألف راكب من 129 جنسية،عبر 26 سفينة سياحية تابعة لـ 16 شركة عالمية. وبالنسبةإلى ’أرويا‘، فقد سجلت منذ رحلتها الأولى حتى اليوم أكثر من 90 ألف ضيف، منهم 55 ألف راكب عبر الرحلات البحرية ،إضافة إلى ما يزيد عن38 ألف زائر خلال شهر رمضان ،عندما رست السفينة في نادي جدّة لليخوت وقدّمت تجربة رمضانية فريدة".  وأكّد أن شركته تسعى إلى استقطاب  1.3 مليون زائر بحري سنوياً بحلول السنة 2035.


الخدمات السياحية: تمكين الكوادر
العمل على تعزيز الخدمات السياحية يأخذ في الاعتبار أولوية توطين الوظائف في قطاع الضيافة، مع تركيز خاص على تمكين المرأة وعنصر الشباب.
ويشير لارس كلاسن إلى أن قطاع السياحة البحرية يهدف إلى توفير  50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول السنة 2035. ويقول إن"مشاريع الشركة تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلّي ، ولاسيما في المجتمعات الساحلية ،عبر دعم سلاسل الإمداد والخدمات ،و إيجاد فرص عملٍ متنوّعة في المجالات التشغيلية والضيافة والخدمات اللوجستية ،إلى جانب تمكين المرأة وفتح المجال أمامها للعمل في قطاع واعد وحديث النشأة".


المنافسة الإقليمية
على رغم الإمكانات الكبيرة، تواجه السياحة البحرية السعودية تحدّيات عدّة، أبرزها المنافسة الإقليمية في ظل وجود وجهات بحرية راسخة مثل دولة الإمارات التي استقبلت أكثر من 900 ألف سائح بحري خلال موسم 2022-2023. 


يقرّ الرئيس التنفيذي لـ "كروز السعودية" بذلك،لافتاً إلى أن المملكة ما زالت وجهةً جديدة نسبياً على خارطةا لسياحة الدولية ،إذ فتحت أبوابها للسياحة العالمية في العام2019. لكنه أشار إلى أنها "تقدّم مجموعةً واسعة من الخيارات للزوار ،بدءاً من مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو ،مروراً بالطبيعة الخلابة ،وصولاً إلى المدن النابضة بالحياة، وهنا كعروض سياحية متكاملة تلبّي احتياجات مختلف شرائح المسافرين -من  العائلات، ومحبّي المغامرة، وصولاً إلى الباحثين عن الفخامة".



التكيف الثقافي والاستدامة
في إطار التحدّيات تبقى الإشارة إلى مسألةالتكيّف الثقافي، لجهة موازنة الخصوصية مع توقّعات السيّاح الدوليين - وقد أشارت إلى بعض منها "منظّمة السياحة العالمية" في العام 2022 مثل قيود اللباس ،ومتطلّبات الأنشطة الترفيهية– ومسألة الاستدامة لجهة حماية النظم البيئية البحرية، بحيث أظهرت دراسة أجرتها"جامعة الملك عبدالله" أن بعض مناطق البحر الأحمر تحتوي على شعاب مرجانية نادرة تتطلب حماية دقيقة، وأطلقت مبادرة لاستعادة تلك الشعاب بالتعاون مع "مشروع نيوم".


تبدو المملكة على رغم هذه التحدّيات في طريقها إلى أن تصبح لاعباً رئيسياً في سوق السياحة البحرية العالمية. ومع التركيز على الاستدامة والهوية المحلية، قد تقدّم نموذجاً فريداً يجمع بين التراث العربي والحداثة، ما يجعلها بوّابة سياحية بين الشرق والغرب. لكن لضمان نجاح هذا المنحى ينصح متخصّصون في مجال السياحة البحرية بتسريع الشراكات مع شركات كروز عالمية، وإنشاء مراكز تدريب بحرية متخصّصة، وتكثيف حملات التسويق الدولي الموجهة إلى أسواق آسيا وأوروبا.



شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق