مخاطر تراجع إنتاج القمح
تراجع إنتاج القمح ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل يمثل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي الوطني.
فالقمح
هو المحصول الاستراتيجي الأول في سورية، ويمثل العمود الفقري للغذاء
اليومي من الخبز إلى مشتقاته. ومع انخفاض الإنتاج بنسبة تصل إلى 40% هذا
العام، برزت فجوة ضخمة بين الحاجة الفعلية والإنتاج المحلي.
هذه الفجوة،
إذا ما جرى التعويل على سدها بالاستيراد، تعني خضوع الغذاء السوري لتقلبات
الأسواق العالمية، وارتفاع الأسعار، وضغوط العقوبات، فضلاً عن محدودية
احتياطيات النقد الأجنبي. وكل ذلك يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية.
التحديات البنيوية
رغم إدراك الدولة لأهمية القمح، إلا أن القطاع الزراعي يعاني منذ سنوات من:
شح المياه وتراجع شبكات الري.
نقص الأسمدة والبذور وارتفاع أسعارها.
ضعف البنية التحتية التخزينية والنقل مما يؤدي إلى هدر جزء من الإنتاج.
هجرة الفلاحين نتيجة ضعف العوائد وتراجع الدعم.
الدور المفترض للدولة
في ظل هذه المعطيات، لا يمكن الاكتفاء بسياسة سد النقص عبر الاستيراد، بل يفترض بالدولة أن تعيد الاعتبار للإنتاج المحلي من خلال:
زيادة الدعم المباشر للفلاحين عبر توفير مستلزمات الإنتاج (بذور، أسمدة، وقود، مياه ري).
ضمان شراء المحصول بأسعار مجزية تشجع الفلاحين على توسيع المساحات المزروعة.
إعادة تأهيل شبكات الري وتشجيع استخدام تقنيات الزراعة الحديثة المقاومة للجفاف.
بناء احتياطيات استراتيجية من القمح المحلي للحد من الارتهان للأسواق الخارجية.
التعاون مع المنظمات الدولية لتأمين الدعم الفني والتقني دون الارتهان للمساعدات الطارئة.
المطلوب استراتيجية وطنية للنهوض بالزراعة
أزمة القمح في سورية ليست مجرد انعكاس لموسم جفاف استثنائي، بل هي مؤشر على هشاشة البنية الزراعية والاقتصادية. إن استمرار الاعتماد على الاستيراد كخيار وحيد سيجعل الأمن الغذائي السوري أكثر عرضة للهشاشة والتقلبات. الاستراتيجية الوطنية الجدية لدعم الفلاحين وإعادة النهوض بالزراعة وحدها، يمكن أن تحمي رغيف الخبز، وتحافظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي في بلد يواجه واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في العالم.
قاسيون