سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:16/08/2025 | SYR: 16:04 | 16/08/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

  فلاحون : لا مياه ولا دعم ولا تسويق
الزراعة نائمة و الغاب على عتبة الخروج من معادلة الإنتاج
16/08/2025      



 

سيرياستيبس :

يكافح المزارعون في سهل الغاب، الذي طالما عرف بخصوبته وعطائه، يوماً بعد يوم لمواجهة واقع اقتصادي قاس، ومشكلات متراكمة تهدد مستقبلهم ومورد رزقهم الأساسي.

فهم يعتمدون بشكل كلي على إنتاج الأرض، وهم القلب النابض للاقتصاد المحلي، ورغم ذلك يشعرون بأنهم الأضعف والأفقر، وأن معاناتهم لا تلقى الآذان الصاغية.

نتابع في هذا التحقيق الصحفي أهم مشكلات المزارعين ومطالبهم.

نقاط الألم الرئيسية

الارتفاع الجنوني في تكاليف الإنتاج، علّة العلل، فالمزارعون يشكون من الزيادات المتلاحقة في أسعار مستلزمات الإنتاج، التي تلتهم أي هامش ربح قد يجنونه.

المزارع عماد مسعود يقول: “ارتفعت أجورالحراثة بشكل كبير، فما كان يكلفنا 125 ألف ليرة سورية للدونم العام الماضي، أصبح الآن يتراوح بين 175 و 200 ألف ليرة لهذا العام.

“ويشكو مسعود مما سماه “أزمة البذار والأسمدة”، ومن الوعود الزائفة والفوائد المتراكمة، مبيناً أن مشكلة أخرى تتمثل في أسعارالبذار والأسمدة المرتفعة من المصارف الزراعية والجمعيات الفلاحية: “في بداية الموسم، وعدونا بتوزيع البذار والأسمدة من دون فوائد أو غرامات تأخير، لكننا اكتشفنا لاحقاً أنهم يتقاضون فوائد، فسعر كيلو بذار القمح وحده وصل إلى 6000 ليرة سورية، ناهيك عن الفوائد وغرامات التأخير، أما سعر السماد من المصرف الزراعي فيبلغ 500 ألف ليرة للطن، بالإضافة إلى تكاليف النقل، والمفارقة أن سعره في السوق السوداء أقل بكثير 250 ألفاً، لكن الفلاح لا يملك السيولة للشراء النقدي”!.

غياب التسويق وتدني الأسعار

تعد مشكلة التسويق وعدم وجود أسعارمجدية نقطة مزعجة أخرى، يقول مسعود: “لا يوجد تسويق جيد ولا أسعار مناسبة تغطي التكاليف، فمنتجات مثل الحمُّص والجلبانة، والجبيسة والعدس، مكدسة وتباع بأسعار بخسة، حتى القمح، المنتج الرئيسي في الغاب، لم يستطع بعض الفلاحين تسويق إنتاجهم حتى الآن، والبعض الآخر باع للتجار بسعر متدنٍ نتيجة حاجتهم لسداد ديونهم، فبعد أن كان سعر كيلو القمح 5500 ليرة العام الماضي، انخفض هذا العام إلى 4500 ليرة، وهذا سعر بخس لقمح من الدرجة الأولى، وهو أمر مستحيل تحقيقه.”

شح المياه

تغيب عن سهل الغاب الزراعات التي كانت تشكل اقتصاداً رئيساً للوطن، مثل التبغ والقطن وعبّاد الشمس والشوندرالسكري، وذلك بسبب شح المياه صيفاً.

يشرح عماد مسعود الأمر: “نحن محرومون من الزراعة الصيفية بسبب شح المياه”.

ويطرح مثالاً على ذلك: “في منطقة- شقة الألمان- في الغاب (غاب شطحة)، لا توجد مياه نهائياً، مما يمنع أي زراعات تحميلية صيفية، بالنسبة لي كانت أرباحي من زراعة الجبيسة أفضل بمرة ونصف من القمح، رغم أن سعر القمح كان مدعوماً العام الماضي أكثر من هذا العام.

“ضعف البنية التحتية المزارع أحمد علي، من المنطقة نفسها يطرح مشكلة أخرى تتعلق بالبنية التحتية، فمصارف الري الزراعية غالباً ما تكون معبأة بالمياه طوال الشتاء بسبب عدم تعزيلها بانتظام،ما يؤدي إلى غمر الأراضي والتأثير سلباً على جودة الإنتاج، حيث تتعفن النبتة وتزداد نسبة الملوحة في التربة.

كما أشارإلى سوء نوعية المبيدات الحشرية والنباتية وغياب الرقابة عليها، بالإضافة إلى سوء حالة الطرق المؤدية إلى الأراضي الزراعية، مما يعيق حركة الآليات الزراعية.

هامش الربح صفر

يلخص عماد مسعود وضع تكلفة إنتاج القمح للدونم الواحد بالقول: “تصل تكلفة إنتاج دونم القمح إلى مليون وخمس وخمسين ألف ليرة سورية، وقد تزيد إذا غرقت بعض الأراضي شتاءً، أو لم نتمكن من تسميدها وبخها بسبب عدم توفر السيولة، فقد أنتج الدونم الواحد وسطياً نحو 250 كيلوغرام فقط هذا العام، مما يجعل هامش الربح للدونم الواحد 50 ألف ليرة فقط، وهذا ما ننتظره طوال العام”.

إلى جانب معاناتهم، يمتلك مزارعو سهل الغاب رؤى واقتراحات عملية يمكن أن تشكّل خارطة طريق لإنقاذ واقعهم ودعم اقتصاد المنطقة.

يتحدث المزارع عماد مسعود وأحمد علي عن أهمية الاستثمار في الموارد المتاحة وتوجيهها نحو تحقيق الاستفادة القصوى، مؤكدين على ضرورة التفكير بآليات مبتكرة لمواجهة التحديات، فيقترحان الاستثمار في الموارد المائية، بناء السدود السطحية، واستثمار مياه الأمطارعبر بناء خزانات وحواجز لجمع أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار، وتوجيهها إلى الأراضي الزراعية، مما يقلل الاعتماد على المصادر الأخرى ويخفف من مشكلة الملوحة وتجمع المياه في المصارف.

من المزرعة إلى المصنع

المزارع “محمود. م” يشدد على ضرورة الاستثمار المباشر في المنطقة، واستغلال ما تزخر به من إنتاج زراعي وأيادٍ عاملة متاحة. كما دعا- عبر صحيفة الثورة- إلى إقامة معامل قريبة أو داخل سهل الغاب لفرز وتعبئة وتصنيع المنتجات الزراعية محلياً، وفوائد هذا الأمر برأيه لا تقتصر على إضافة قيمة للمنتج الزراعي فحسب، بل توفر فرص عمل لأبناء المنطقة وتقلل من تكاليف النقل. المهندس الزراعي “محمد. ن” طالب الجهات الحكومية بدعم الصناعات التحويلية الزراعية، وتشجيع الاستثمار في مشاريع تحويل المنتجات الزراعية إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى، مثل تجفيف الخضراوات، عصر وتعبئة الزيوت، تصنيع المربيات، أو معالجة الحبوب. كما دعا إلى ربط الإنتاج الزراعي بالصناعة والتوظيف داخل المنطقة، لأن ذلك هو الحل الأمثل لرفد الاقتصاد المحلي.

وأضاف: يجب خلق سلسلة القيمة المتكاملة من خلال ربط المزارع بالمصانع، والمصانع بالأسواق، مع وجود جهات داعمة تضمن جودة المنتج وتسويقه، إضافة إلى تحفيز الاستثمار في البنية التحتية الداعمة مثل طرق النقل الداخلية، ومراكز التخزين المبرد، والأسواق المركزية التي تخدم المنتجين.

تفعيل دور المؤسسات البحثية

يؤكد المزارعون أهمية دور الدولة والمؤسسات البحثية في تقديم الدعم الفني والعلمي، فعلى سبيل المثال، يطالبون بتوجيه الدعم نحو الزراعات المجدية، وتوفير الدعم والتشجيع للزراعات التي أثبتت جدواها اقتصادياً في المنطقة، مع البحث عن حلول لمشاكل الزراعات التقليدية، وتوفير سلالات محسنة ومقاومة، وبالتعاون مع الجهات المختصة، يمكن توفير بذار وأصناف مقاومة للأمراض وملوحة التربة، وتتكيف مع الظروف المناخية للمنطقة. هذه الحلول، التي تنبع من واقع تجربة المزارعين في سهل الغاب، ليست مجرد اقتراحات، بل هي صرخة أمل لمواجهة التحديات. إن الاستثمار في الموارد المائية، وربط الزراعة بالصناعة، وتقديم الدعم اللازم، هي ركائز أساسية لتحويل سهل الغاب من منطقة تعاني إلى منطقة مزدهرة، تسهم بفعالية في رفد الاقتصاد الوطني.

الثورة - هبا علي


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق